اهم الاخبار
الخميس 19 سبتمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

منوعات والمرأة والطفل

إيمان علام تكتب: هل من سبيل للرجوع إلى المدارس من جديد؟!

الوكالة نيوز

كلنا كأولياء أمور نحلم بأن يعود أولادنا إلى المدرسة، ويعود بذلك للمدرسة دورها وريادتها في غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس أبنائنا، وتربيتهم تربية حسنة بما يكفل لوطننا الازدهار ويعزز روح الانتماء إليه.

أين نحن من تحية العلم في الصباح التي كانت تقشعر معها الأبدان وتهتز لها الأفئدة حبًا وعشقًا لبلادنا؟ أين دور المعلم كمربٍّ يهذب السلوك ويغذي العقول بما ينشئ طفلاً يصبح مواطنًا صالحًا؟ أين المكتبات المدرسية من تربية أبنائنا على حب الثقافة وطلب العلم وتنمية مهارات البحث العلمي، ونمو خيال أبنائنا وبناتنا بما يجنبهم التطرف والمغالاة أو التفريط؟

أين الدوريات الرياضية برعاية الشركات الكبرى، لاكتشاف المواهب وصقلها بما يجعلنا نجني محصولًا وفيرًا من الكوادر التي ترفع علم مصر عاليًا، وتحصد لنا الميداليات الذهبية في المسابقات الدولية والأولمبياد، ويستثمر هذه المواهب بما لا يدع للفراغ فرصة أن يصطادها فيلقي بها في غيابات التيه والضياع والجرائم، والتشتت في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي الذي بات يهدد عقول ونفوس وسلوك أبنائنا.

لقد اكتظت مكتبات الجامعات المصرية ومراكز البحث العلمي بآلاف الدراسات التي توضح أهمية المدرسة ودورها التربوي والتعليمي والمجتمعي، وهناك المئات من الدراسات التي تناولت أهمية الأنشطة المدرسية في تعزيز العلاقة بين الطفل ومدرسته.

نحن لا نحتاج إلى بناء المزيد من المدارس، ولكننا في أمس الحاجة للاهتمام بحال المدارس الحالية، ورفع مستوى معيشة المعلم الذي يخرج لمجتمعنا القاضي والرئيس والضابط والطبيب والمهندس. بتحسين حال المعلم وتوفير مستوى معيشي محترم، حتمًا لن يكون بحاجة أبدًا لمراكز الدروس الخصوصية.

فمن منا يريد أن يصل ليله بنهاره واقفًا على قدميه، مخلفًا وراءه أولاده وزوجه وأهله ومتعه الصغيرة وهواياته؟ معلم الدروس الخصوصية بات هو نفسه فريسة لها ولا أحد يشعر بذلك.

كما نحتاج إلى تعيين كوادر من معلمين جدد يسدون العجز الشديد في المواد، ويخففون العبء عن غيرهم من المعلمين القدامى.

وأخيرًا، بتفعيل الغياب المدرسي، وعدم التهاون فيه، نعود لأيام كنا نخشى أن نغيب فنعاقب في اليوم التالي، ولم يكن آباؤنا يعترضون على ذلك، بل كانوا يشجعون المدرسة في توقيع أقصى العقوبات في حالة الغياب دون عذر.

نحتاج إلى أن تعود الشهادات الشهرية والمتابعات الأسبوعية، التي كانت تستوجب أن يوقعها ولي الأمر، لتضعه في الصورة، وتسمح له بمتابعة مستوى ابنه. هذا هو ذاته ما تفعله مراكز الدروس الخصوصية.

لكن منذ جائحة كورونا فقدت المدرسة ريادتها، واستسلم الأهالي منصاعين لمافيا الدروس الخصوصية عوضًا عن غياب دور المدرسة، وغياب أبنائهم.

فلنكن واقعيين ونعترف بأن ولي الأمر لن يرسل ابنه لمدرسة يغيب عنها معلمها في أغلب المواد، بحجة العجز الشديد في المعلمين، أو ينتدب للمادة معلم في يوم أو يومين، ليقضي الطفل أو الطالب يومه الدراسي دون معلم، أو يأتي معلم واحد يقوم بتدريس مادة بعينها لساعات طويلة دون مراعاة الفروق الفردية للطلاب ولا لاحتياجاتهم النفسية لفواصل زمنية يمارسون فيها أنشطتهم وهواياتهم، سواء أنشطة ثقافية أو رياضية أو حتى خدمة مجتمع تطوعية.

لقد راح زمن المسرح المدرسي، وأغلقت غرف التدبير المنزلي، وفرغت كرات القدم والسلة من هوائها لعدم وجود من يدرب الطلاب عليها.

فهل يعود أبناؤنا يومًا للمدارس، ويخفت ضوء الدروس الخصوصية، التي كنا لفترة ليست ببعيدة نعتبرها عيبًا وعارًا؟