بأقلامهم
محمد السمالوسي يكتب: المهمشون.. من يجرؤ على النظر في أعين المنسيين؟
في كل مجتمع، وفي كل زاوية من زوايا الحياة، يوجد أشخاص يعيشون بيننا ولكننا لا نراهم.
إنهم "المهمشون"، تلك الفئة التي غابت عن أعين الاهتمام وتلاشت حقوقها تحت وطأة الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
مهمشون ليسوا فقط فقراء أو محرومين من موارد الحياة الأساسية، بل هم أشخاص يعيشون على هامش المجتمع، تائهين في زحام الحياة دون أن يلاحظهم أحد.
هؤلاء المهمشون ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات الفقر أو البطالة. هم أولئك الذين يعانون من صمت مجتمعي يرفض أن يرى آلامهم، من نساء يعملن في وظائف غير رسمية بدون حماية قانونية، من أطفال يعيشون في شوارع المدن بلا مأوى، من كبار السن الذين نسوا في غياهب الزمن بعد أن خدموا مجتمعهم.
إنهم أمهات عازبات، شباب بلا فرص تعليم، وعمال يعانون من استغلال مادي ومعنوي في ظل اقتصاد غير عادل.
أوضاع مأساوية
في الريف والقرى، يعيش المهمشون في أوضاع مأساوية. هناك عمال زراعيون يكدحون تحت شمس حارقة بأجور ضئيلة لا تكفي قوت يومهم.
ورغم ما يساهمون به في الإنتاج الزراعي، يظلون خارج دوائر الاهتمام الحكومي والإعلامي. أما في المدن، فتتجلى مأساة المهمشين في أحياء الصفيح والمناطق العشوائية، حيث يعيش الناس بلا خدمات صحية أو تعليمية، وتزداد الهوة بين هؤلاء وبين الأغنياء الذين يقطنون في الأبراج العالية.
وإذا نظرنا بعمق، نجد أن التهميش لا يقتصر فقط على الفقر المادي، بل يمتد ليشمل التهميش الثقافي والاجتماعي. فهناك فئات من المجتمع تُهمش بسبب لونها، دينها، جنسها، أو انتماءاتها الاجتماعية. يعيش هؤلاء في عزلة عن باقي المجتمع، ويعانون من الرفض والتمييز بشكل يومي.
ولكن، وسط هذا التهميش، يظهر نور الأمل. كثير من هؤلاء المهمشين يملكون قصصًا من الصمود والكفاح. منهم من يعمل ليل نهار لتأمين حياة أفضل لأبنائه، ومنهم من يتحدى الظروف لينجح في حياته التعليمية أو المهنية رغم كل العوائق. هؤلاء لا يحتاجون إلى الشفقة، بل إلى الفرص العادلة.
المجتمع بحاجة إلى أن يفتح أعينه ويرى هؤلاء المهمشين. فلا يمكن لمجتمع أن ينهض وهو يُقصي جزءًا كبيرًا من أبنائه. نحتاج إلى برامج حكومية واجتماعية تعمل على دمجهم في المجتمع، توفير فرص التعليم والتدريب لهم، وتأمين حياة كريمة لهم. إن رفع صوت المهمشين هو الخطوة الأولى نحو العدالة الاجتماعية والإنسانية.
في النهاية، هؤلاء المهمشون ليسوا مجرد ضحايا للظروف، بل هم أفراد قادرون على العطاء والإبداع إذا ما أُتيحت لهم الفرصة. دعونا نكون صوتهم، ونعمل على إعطائهم المكانة التي يستحقونها في هذا العالم.