الوحدة العربية وخيار البقاء في زمن التكتلات .. الحلم ضرورة قبل أن تبتلعنا دوامة التبعية
علي الشرفاء يحذر من لعنة الانقسام .. ويوجّه نداء المصير قبل فوات الأوان .. العالم لا يعترف بالضعفاء

لقد عانت الأمة العربية طويلًا من الفرقة والشتات، وكأنها سفينة تتقاذفها أمواج المصالح الضيقة والصراعات الداخلية، بينما تقف الأمم الأخرى على شواطئ المستقبل متحدة، مستفيدة من قوة التكتلات والتحالفات ، إن الواقع الذي نعيشه اليوم لم يعد يسمح بالمزيد من التشرذم، فقد أصبحت الوحدة العربية ليست مجرد حلم رومانسي أو شعار سياسي، بل ضرورة استراتيجية للبقاء في عالم لا يعترف إلا بالقوة والتكامل.
التحديات والتحولات الجيوسياسية
.. وفي خضم التحولات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية الكبرى، يبرز مقال تحليلي جديد للمفكر العربي علي الشرفاء الحمادي والذي يحمل عنوان : " عندما تتصافح الأيدي وتتلاقى القلوب تتحقق الوحدة العربية " ، والذي ياتي ضمن سلسلة كتابات ومؤلفات تدور في ذات السياق الوطني العروبي الداعي الي وحدة الصف فلم يعد هناك مكان للكيانات الضعيفة، ولم يعد الاستقلال الوطني مجرد حدود مرسومة على الخرائط، بل هو قدرة حقيقية على حماية المصالح وتحقيق التنمية والنهضة في وقت يبدو فيه ان الدول العربية لا تدرك أن بقاءها متفرقة يعني استمرارها في موقع التابع والضعيف .. ليبقي السؤال الحائر دائماً : هل آن الأوان لتجاوز الخلافات التي لم تجلب لأمّتنا سوى الوهن والضياع ؟ .
- حضور طاغي علي مائدة التحليل السياسي
ولعل ما يطرحه علي الشرفاء الحمادي من رؤي ومقترحات وحلول ، في كثير من كتاباته ومؤلفاته ومقالاته يحمل اجابات شافية عن هذا التساؤل الحائر ، اذ يقدم العديد من الاطروحات التي تحمل سطورها حضور طاغي علي مائدة التحليل السياسي للمشهد برمته ، ويسلط دائما الضوء على أهمية الوحدة العربية كخيار مصيري، ويتناول العقبات التي تعترض طريقها، وبطرح رؤي واقعية لتحقيقها، انطلاقًا من المصالح المشتركة والمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق الجميع ، فما يقدمه الحمادي يعد بمثابة دعوة للتفكير بعمق، وإعادة قراءة للمشهد العربي من منظور المصير الواحد، قبل أن يفوت الأوان.
- الوحدة خيار مصيري لا يحتمل التأجيل
فالحديث عن وحدة الأمة العربية لم يعد ترفًا فكريًا أو شعارًا يمكن تجاوزه، بل أصبح ضرورة حتمية تفرضها تعقيدات المشهد الدولي وتحديات العصر. فالتشرذم الذي عانت منه الأمة لعقود طويلة لم يؤدِّ إلا إلى إضعاف مكانتها على الساحة العالمية وجعلها ساحة مفتوحة للتدخلات الخارجية والصراعات التي أهدرت ثرواتها وأجهضت طموحات شعوبها. إن ما نشهده اليوم من أزمات سياسية واقتصادية وتدخلات أجنبية ليس إلا انعكاسًا مباشرًا لحالة الفرقة والانقسام التي تعيشها الدول العربية، وهو ما يستدعي وقفة جادة لإعادة النظر في مستقبل هذه الأمة قبل أن تبتلعها دوامة الاضطرابات والتبعية.
- الاتحاد ركيزة للبقاء والنهضة
لقد أثبتت التجارب التاريخية أن الأمة العربية كانت في أوج عظمتها عندما اتحدت قواها، وتوحدت رؤاها، وعملت بروح الفريق الواحد، بينما كان التراجع والانكسار نتيجة طبيعية لانشغالها بالصراعات الداخلية والانقسامات. فالدول لا تنهض بالعزلة والانكفاء، بل بالقوة الجماعية التي تضمن لها حماية مصالحها وتعزز قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث العالمية.
- التكتلات والبقاء للأقوى
اليوم، يقف العالم على أعتاب تكتلات اقتصادية وسياسية كبرى تدرك أن البقاء للأقوى، وأن القوة الحقيقية لا تأتي إلا من خلال التكامل والتعاون. فكيف يمكن للدول العربية أن تبقى متفرقة في وقت يتجه فيه الجميع نحو الاندماج والتكتل؟ كيف يمكن للأمة أن تستعيد مكانتها وهي تستهلك طاقاتها في نزاعات لا طائل منها، بينما العالم من حولها يعيد رسم خريطته وفق معادلات القوة والمصالح المشتركة ؟ .
إن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من الانتظار، فإما أن يدرك العرب أن مستقبلهم مرهون بتجاوز الخلافات والسير نحو الوحدة، أو الاستمرار في مسار التشتت الذي لم يجلب سوى التراجع والضعف والتبعية .
- خطوات ملموسة ورؤية موحدة
نداءات علي الشرفاء لا تتوقف عن المطالبة بضرورة تحقيق الوحدة العربية وان الأمر يتطلب خطوات ملموسة، تبدأ بتفعيل التعاون الاقتصادي من خلال إنشاء سوق عربية مشتركة تعزز من التكامل التجاري والاستثماري بين الدول العربية، مما يسهم في تقليل الاعتماد على القوى الخارجية كما أن تبني سياسات خارجية موحدة من شأنه أن يرفع من ثقل العرب على الساحة الدولية، ويجعل صوتهم مسموعًا في المحافل العالمية.
- ترسيخ الهوية العربية وتعزيز الانتماء
أما على المستوى الثقافي، فإن ترسيخ الهوية العربية وتعزيز الانتماء القومي عبر التعليم والإعلام وبرامج التبادل الثقافي، يشكل دعامة أساسية للوحدة، حيث لا يمكن لأي مشروع وحدوي أن ينجح دون وجود وعي جماهيري مشترك بقيمة هذه الوحدة. ولعل تطوير المؤسسات العربية المشتركة، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، سيجعل من هذه الكيانات أدوات فاعلة لحل النزاعات وتعزيز التعاون بدلاً من أن تبقى مجرد كيانات رمزية بلا تأثير حقيقي.
- تجاوز الصراعات واستعادة المكانة
إن مستقبل الأمة العربية مرهون بقدرتها على تجاوز صراعاتها الداخلية، ووضع مشروع وحدوي جاد يعيد إليها مكانتها المفقودة. فالوحدة لم تكن يومًا خيارًا ترفيهيًا، بل هي ضرورة استراتيجية لضمان البقاء في عالم لا يعترف إلا بالقوى المتماسكة.
وعندما تدرك القيادات العربية أن قوتها تكمن في تكاملها، وأن المصالح الفردية لن تؤدي إلا إلى المزيد من الضعف والتبعية، ستدرك أيضًا أن المستقبل لا يُبنى بالفرقة، بل بتصافح الأيدي وتلاقي القلوب. عندها فقط، ستعود الأمة إلى مجدها، وتصنع مستقبلًا مشرقًا لأجيالها القادمة، بعيدًا عن التبعية والانقسام .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .