تعليم
الازهر العالمي للفتوى : جواز اخراج زكاة المال من الآن للمتضررين من كورونا
أوضح مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية أنه يجوز تعجيل إخراج الزَّكاة قبل تمام حولِها لمصلحة، والتَّنافس في كفالة الفقراء والمحتاجين عملٌ صالحٌ جزاؤه مغفرةُ الله والجنّة.
التفصيل:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فقد جعل الإسلامُ سعيَ العبدِ في حاجة أخيه أولى من الاعتكاف في المسجد النَّبوي الشَّريف -شرَّفه الله وأدام فيه ذكرَه- شهرًا؛ فقال ﷺ: «ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ -يعني مسجدَ المدينة- شهرًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط].
كما أولى كفالة الفقراء، وأصحاب الحاجات، والضعفاء منزلة عظيمة، قال الله سبحانه: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]، وقال: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39]
وقال ﷺَ: «المُسلمُ أَخو المُسلِم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ؛ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً؛ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا؛ سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ» [مُتَّفق عَليه].
وقال ﷺَ أيضا: «أحبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط].
ولا شك أن مبادرات التَّنافُس في الخير التي تشهدها مصر الآن؛ لتكشف عن أصالة معدن الشَّعب المصري العظيم، ووعيه، وكرم أهله؛ في ظل ما تشهده البلاد من أزمة اضطرت كثيرًا من أرباب الأُسر إلى المُكوث في بُيوتهم وترك أعمالهم؛ حفاظًا على سلامتهم، وسلامة أُسرهم.
والخير هو أفضل ما يَتنافس النَّاس فيه {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]؛ إذ هو -في الحقيقة- تنافس في رضا الله وجنته، قال سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
أما بخصوص تعجيل إخراج الزكاة قبل تمام حولها لهذا الغرض الجَليل؛ فجائز بغير كراهة؛ بل إنَّه من التَّفقُّه، وحسنِ التَّصرف؛ لمَا نزل بالفقراء من حاجةٍ عاجلة، ولمَا حلَّ بالنَّاس من نازلة؛ ويدل على جواز ذلك: «أنَّ العباسَ بنَ عبدِ المطلبِ سألَ النَّبيَ ﷺَ في تعجيلِ صدقتِه قبلَ أنْ تَحلّ؛ فرخَّصَ لهُ في ذلكَ» [أخرجه أحمد وغيره].
واللهَ نسأل أن يكشف عنَّا البلاء، وأن يصرف عنَّا وعن بلانا والعالمين السُّوء؛ إنَّه سُبحانه سميعٌ قريبٌ.. والله تعالى أعلم