غلق الجامع الأزهر وإيقاف صلاة الجماعة لمواجهة كورونا
قرر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إيقاف صلاة الجماعة والجمعة مؤقتا بالجامع الأزهر، لمدة أسبوعين، وذلك حرصا علي سلامة المصلين لوقف انتشار الوباء وانطلاقا من القاعدة الشرعية صحة الأبدان مقدمة على صحة العبادات.
وقد قررت هيئة كبار العلماء في السعودية، الثلاثاء، إيقاف صلاة الجماعة والجمعة لجميع الفروض في المساجد، ويستثنى من ذلك الحرمان الشريفان، وذلك لمنع تفشي فيروس كورونا.
وذكر بيان نشرته وكالة "واس"، أن هيئة كبار العلماء اطلعت في دورتها الاستثنائية الخامسة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض اليوم على ما يتعلق بجائحة كورونا وسرعة انتشارها وكثرة الوفيات بها، واطلعت على التقارير الطبية الموثقة المتعلقة بهذه الجائحة التي أكدت على خطورتها المتمثلة في سرعة انتقال عدواها بين الناس بما يهدد أرواحهم، ما لم تكن هناك تدابير احترازية شاملة دون استثناء فإن الخطورة ستكون متضاعفة، مبيناً أن التجمعات تعتبر السبب الرئيس في انتقال العدوى.
كما أوضحت لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر الشريف في بيان لها عن أداء صلاة الجمعة والجماعة احترازًا من الإصابة بـ"فيروس كورونا" أن الشريعة الإسلامية تعمل على رعاية مصالح العباد والبلاد، وتغرس في نفس المسلم إنكار الذات، وتعزيز الانتماء للأمة، ولا شك أن حفظ النفس أحد الضرورات التي نادت بها جميع الشرائع، فلم تخل ملة من الملل إلا ودعت بالمحافظة عليها.
وبينت اللجنة أن العديد من النصوص القرآنية والنبوية تصرح بحفظ النفس، واجتناب كل ما يؤدي إلى خلل فيها، أو في أي عضو يؤثر بالسلب عليها، منها قوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة: 195] ، ومن السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها»، فهذا يدل على أن الوقاية من الأمور التي تجب مراعاتها خشية الوقوع في الهلاك.
وأشارت لجنة الفتوى الرئيسة بالأزهر الشريف أن من ثبت بالفحص إصابته بفيروس كورونا أو أي فيروس آخر مما يسهل معه انتقال العدوى عن طريق مخالطته بالآخرين فيحظر عليه أن يختلط بالناس في الأماكن المغلقة التي يسهل انتقال العدوى من خلالها سواء المواصلات ، أو العمل ، أو المقاهي وحتى المسجد ، لئلا يُلحق الأذى بالناس حتى ولو كان قصده حسنا، ويجوز للسلطات المختصة أن تطبق الحجر الصحي على من ثبت إصابته بالفيروس ولو جبرا عنه مراعاة للمصلحة العامة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا - أو قال: فليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته ".
وذكرت أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى من حمل رائحة كريهة تؤدي إلى إيذاء الناس أن يصلي في المسجد خشية إيذاء المصلين، وهو إيذاء - لو وقع - فهو محدود سرعان ما يزول بالفراغ من الصلاة ، فأولى منه وباء يسهل انتشاره ويتسبب في الإضرار بالنفوس المحترمة شرعا مما قد يؤدي معه إلى حدوث كارثة تضر بسلامة البلاد والعباد.
كما أوضحت اللجنة أن صلاة الجمعة من الشعائر التعبدية التي أمر الله بإعلانها وتعظيمها، قال تعالى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ، وعلى الرغم من أهمية إعلان هذه الشعائر وأدائها، وأفضلية صلاة الجماعة في الصلوات الخمس إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين أداء الصلاة في المنزل عند خوف لحوق الضرر بسبب المطر والبرد الشديد فأولى منه انتقال العدوى لأن فيه هلاكا للنفس، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما ، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ، إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ، أَنْ يَقُولَ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» .
وتابعت: إن كان النصّ في المطر الشديد والوحل مع إمكان التحرز منه فأحرى من ذلك تطبيق النص في ما لا يمكن الاحتراز منه كانتشار العدوى والفيروسات المعدية والناقلة للمرض مما يكون معه الضرر أشدُّ، ويصعب الاستنقاذ منه ، كفيروس كورونا الماثل عالميا ، ذلك أن الترخص بترك صلاة الجمعة والجماعة عند حلول الوباء ووقوعه أمر مسلم به عقلا وفقها.
وتقول اللجنة إنه بناء على ما سبق: فإن ثبت لدى دولة ما، وأعلن ولي الأمر احترازات معينة تُحِدُّ من خطورة هذا الوباء فيجب على كل الجهات المعنية الالتزام بهذه الإجراءات الاحترازية التي تمنع من انتشار هذه الفيروسات سواء منها ما يتعلق بالتجمع في وسائل المواصلات، أو المقاهي أو أداء الصلوات في المساجد ، وحتى صلاة الجمعة ، وذلك تطبيقا لقاعدة تصرف ولي الأمر منوط بالمصلحة، واعتمادا على القواعد الشرعية التي تقضي بوجوب حفظ النفوس ، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح.
كما تهيب لجنة الفتوى بالمواطنين وجميع وسائل الإعلام التحلي بالمسؤولية، وتحثهم على عدم ترويج الإشاعات وإثارة الرعب والفزع بين المواطنين، كما تحث اللجنة جميع المواطنين على الالتزام بالتعليمات والإرشادات التي تنشرها الجهات المختصة دون غيرها، سائلين الله عز وجل أن يحفظ مصرنا وسائر البلاد والعباد من كل أذى مكروه.
رئيس جامعة الأزهر يقرر إعلان نتائج الفصل الدراسى الأول دون التقيد بسداد المصروفات