الوجه الآخر لكورونا.. هل يلتفت العالم إلى العمل عن بعد وتستفيد الحكومات؟
"كورونا" فيروس مميت لا يرى بالعين المجردة ضرب الكثير من بلدان العالم، وقف أمامه الدول العظمى والنائية مكتوفة الأيدي، الجميع في انتظار العلاج لينهي تلك المعركة المميتة، حيث يتابعه الملايين عبر نشرات الأخبار المختلفة لمعرفة المستجدات، له تداعيات صحية واقتصادية، طالت عدد كبير من الدول.
الأزمة في مصر كان لها بُعد اجتماعي وإنساني مشرق، حيث عادت بنا إلى انسانيتنا وضمائرنا التي افتقدناها منذ زمن بعيد، حيث المعارك والضغائن وانتشار الجهل وارتفاع نسب الجرائم، وابتعاد البعض عن أسس الأديان السماوية، لتتغير تلك الملامح الجاحدة الشرسة ونجد تعاون ومشاركة بين المواطنين على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية لم تكن موجودة من قبل، تبرعات على أوجه مختلفة لعاملي اليومية؛ مبادرات شبابية جسورة انطلقت لتخفيف الأزمة، مساعي لمساعدة الدولة في إجراءاتها الاحترازية للقضاء على الفيروس.
الأزمة ومواقع التواصل الاجتماعي
ومن جهة أخرى قوبلت فيديوهات تم تداولها عبر صفحات التواصل الاجتماعي فيس بوك، عن التحريض ضد "الجيش والشرطة"؛ رفضًا كاملًا من كافة الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة؛ والتعاون عبر المنصات الإعلامية؛ ونبذ الشائعات؛ وتدشين مبادرات عديدة منها: "محاربة جشع التجار، وتهدف إلى مقاطعة التجار الذين يستغلون الظروف لرفع أسعار السلع، إلى جانب مبادرة "أيد واحدة" وتهدف إلى الوقاية من الفيروس، وأخرى بعنوان "شباب وقت الشدة" لمساعدة المحتاجين.
أستاذ علم الاجتماع الدكتورة سامية خضر تقول: إن الحكومة أثبت خلال هذه الأيام الصعبة قدرتها على إدارة الأزمات بحرفية، وبطريقة سليمة، سريعة، متفوقة ومنتظمة، حيث استطاعت أن تسرع باحتواء المشكلة، من بداية الاضطرابات الجوية "عاصفة التنين" التي حدثت الأيام الماضية، بإعطائها أجازه لكافة العاملين بالدولة، وتشديدها على توخي الحذر، إلى إجراءات حظر التجوال، الأمر الذي كسب ثقة المواطنين في الحكومة.
وتضيف أن الحكومة استمرت في قدرتها على إدارة الأزمة بالإجراءات الأخيرة، بالتعليم عن بعد وتعليق الدراسة في كافة المدارس والمعاهد والجامعات، والامتحانات الإلكترونية ودعم الطلاب للتعليم من منازلهم حتى انتهاء مناهج الفصل الدراسي الثاني؛ مؤكدة أن جميع المحاضرات يتم إرسالها للكليات ومن ثم بثها عبر الإنترنت للطلبة، وهي خطوة هامة كان لها شكل إيجابي كبير في التعليم عن بعد والتطور التكنولوجي؛ إلى جانب التحركات التي شاهدناه من قبل وزيرة الصحة إلى الصين ومن ثم إلى إيطاليا؛ بالإضافة إلى دعمها للعمالة غير المنتظمة والمعاشات، وجميع المواطنين من منح علاوات وغيرها.
أن المواطن استشعر بالاطمئنان تجاه هذه الإجراءات، واستمتاع يفوق التصور كونه يفتخر ببلده التي تتسم بالانضباط والانتظام؛ مشيرة إلى أن هناك محاولة إلى ضبط إيقاع الدولة، وإذا استمر الوضع على هذا الالتزام سوف تقفز الدول قفزة كبيرة في كافة المجالات "الصحية؛ التعليمية؛ الرياضية؛ الدينية؛ السياسية؛ الثقافية؛ والاقتصادية؛ حسبما ذكرت.
ضوابط جديدة والارتفاع بالدولة
وقالت: "نحن بحاجة إلى أن نخرج من هذه المحنة بمنحة، ونرفض البضاعة الرديئة؛ من فن هابط، واستغلال تجارة وعادات خاطئة، هو ما يجعلنا نطالب باستمرار هذا الالتزام من غلق المحال التجارية في ساعات مبكرة لتوفير الكهرباء؛ حيث لا خروج على النظام، مشددة على ضرورة أن تضرب الدولة بيد من حديد لضبط المشهد العام في الشوارع واستمرار الانضباط حتى يصبح منهج متبع يربي أجيالًا؛ موضحة أن الإنسان حيوان اجتماعي مقلد دون أن يشعر؛ قائلة: نستلهم من هذه الأزمة التجمع الأسري، التقرب إلى الله، ابتهال الدعوات، والوعظ، وعلينا أن نأخذ من هذه الازمة ما يغير من وجه مصر بشكل عام.
أن هذه الأزمة "فيروس كورونا" نظمت الأمور الحياتية للمواطنين، حيث أن "لا بصق في الشوارع، توخي الحذر، الوقاية، النظافة، العطس من خلال استعمال المناديل، عدم التكدس الابتعاد عن الأماكن المزدحمة، وعدم إلقاء القمامة والمخلفات في الشوارع والطرقات، ومطالبة المؤسسات الدينية بضرورة إطلاق حملات توعية خاصة بالنظافة، على أن ترفع دائمًا شعار النظافة من الإيمان، نظرًا لأن النظافة أسلوب حياة؛ وفق رؤيتها.
وتشير أستاذ علم الاجتماع إلى أن القناة الثانية استضافت الموسيقار عمر خير بشعار وضعته على شاشاتها "خليك في بيتك والثقافة بين أيديك"؛ وسط حالة من الثقافة والرقي والهدوء غاب هذا المشهد كثيرًا عن الشاشات خلال الفترات السابقة، لتصدر للعام نماذج سيئة تسببت في انحدار الذوق العام والانهيار الاخلاقي، وأن الأزمات أثبتت أن تلك الوجوه ما هي إلا تشويه لصورة مصر، وأن المُعلم والطبيب والعالم والجنود هم أبطال الأزمات وهو أولى باهتمام الدولة ورعايتها، ومن ثم إلقاء الضوء عليهم ضرورة.
كتبت- منى محمد: