مريم الكعبي تكتب : الحياة بها مساحات محجوزة لـ عبيد التبعية والحمقي والجاهلين والمتخلفين
لا مؤشر على حجم تخلف وجهل البعض مثل مؤشر تقديسهم للأشخاص وتبعيتهم العمياء لهم وتنزيههم عن الأخطاء وإسباغ صفات الكمال عليهم وهم بشر ..مجرد بشر ، فالحرية أن تمتلك عقلك ، لا أن تؤجره أو تمنح حق استخدامه للآخرين عن طريق التبعية العمياء . وهنالك مساحات محجوزة في الحياة للحمقى والجاهلين والمتخلفين ، مساحات لا تنازعهم وجودهم فيها ولا تحاول إنقاذهم ، لأنهم استباحوا لأنفسهم العبودية التامة لبشر مثلهم يقدسونهم ويرون فيهم الكمال ، إنها عبودية التبعية التي من المستحيل الانعتاق منها أو التحرر من قيودها . فمن ارتضى لنفسه أن يكون تابعاً ، لا ينتظر من يحرره ، لأنه ارتهن وجوده بالتبعية العمياء ، إذا حاولت أن تدخل معه في نقاش ستخرج منهزماً ، لأن من سلّم عقله طواعية للآخر لا يمكنه أن يرى أو يسمع أو يتكلم إلا من خلال هذا الآخر ، الحوار مع تلك الفئة من قبيل العبث . لذا ازيدكم من القول قول : وهو انه إذا أردت أن تعرف معنى التخلف ، فعليك بالبحث عن حجم التبعية ، فذلك سيعطيك مؤشر عن الإمكانيات العقلية المهدرة في طريق التبعية ، سيعطيك مؤشر عن حجم المقيدين إرادياً بسبب تبعيتهم لشخص أو لحزب ، أولئك الذين يمتلكون الحق حصرياً دائماً ، لأن تبعيتهم تمنحهم هذا الوهم المخيف . فالتبعية مزخرفة وبراقة ، ولكنها عمياء ، ستجد لك مكاناً وأنت تابع ، ستملؤك الثقة في قناعاتك وأفكارك ، وستعتقد بأنك تمتلك العالم وأنت في سبيلك لإنقاذ من فيه ، ولكنك أعمى لا ترى أين تسوقك التبعية ، قد تكون على شفا هاوية وأنت لا تدري . وأكثر من يتحدثون بثقة مطلقة ، هم سجناء التبعية ، أكثر من يتوهمون امتلاك الحق المطلق ، هم عبيد التبعية ، أكثر من يؤمنون بأنهم على طريق الصواب الأوحد .. هم أبناء التبعية . وأكثر المعارك الفكرية العبثية ، التي تخرج فيها منهزماً ، أو محبطاً ، أو مستنزفاً ، أو محطماً ، هي تلك التي تخوضها مع عبيد التبعية ، هم يعرفون كيف يشوهون ؟ ، وكيف يلحقون الهزيمة بمن يحاول الدخول معهم في معركة فكرية ؟ ، لان لديهم أدواتهم الخاصة التي لا دخل بالمنطق فيها . ولا علاقة مطلقاً بمستوى التعليم بالتبعية ، ولا علاقة بطبيعة الثقافة أو المجتمعات يالتبعية ، فقد يكون أحدهم حاصلاً على شهادات عليا ، ولكنه يسير في ركب التبعية لأحدهم ، فهناك من سلّموا عقولهم وقدسوا أشخاص وهم في مكانة علمية مرموقة وفي مجتمعات تعتبر متحضرة جداً .. فالتبعية في مجتمعاتنا العربية ، مثل التبعية في الكثير من المجتمعات غير العربية ، تقديس لشخص يرى فيه التابعون فرصة الخلاص والنجاة والتحرر من الأخطاء والذنوب ، البشر يبحثون عن الانصهار فيما يرونه كمالاً ، ويجدون ذلك غالباً في أشخاص يقدسونهم . كاتبة المقال : كاتبة وناقدة اعلامية اماراتية .. صادر لها كتاب " آهات الصمت " عن دار الكتاب الجامعي .. وكتاب " حاول مرة اخري " عن دار همايل .. ورواية " امرأة تحترق " عن دار اوراق . اقرا ايضا مريم الكعبي تكتب: كلما زادوا نباحاً ضد الإمارات.. زيدوهم حديثاً عن تجربة دولة ألهمت العالم