تحقيقات وحوارات
أيمن رفعت المحجوب يكتب : مهمة سرية لـ أسامة الباز قادت والدي لرئاسة مجلس الشعب
- الكبار في برلمانية الحزب الوطني اعترضوا علي ترشيحه بحجة انه معين .. فسخر مبارك قائلاً : كلكم معينين
بعد أن أغضب رفعت المحجوب ، فى يناير عام 1976 ، الرئيس الراحل أنور السادات بمقالة الشهير فى الأهرام ، و هو نائب رئيس مجلس الوزراء والأمين الأول للاتحاد الاشتراكي العربي ، حول الفساد و" القطط السمان " ، اضطر المحجوب للمرة الثانية الى ترك العمل السياسي فى يونيو 1976 ، بعد أن كان قد تركة اول مرة بسبب مقال اخر بعنوان " استقلالية الجامعة " بجريدة الجمهورية ، فى عهد الزعيم جمال عبد الناصر أيضا بعد يونيو 1967 ، وعاد كأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، ورفض اى عرض من الدولة بأن يذهب خارج مصر فى منصب سفير ، أو أن يرأس بنك من البنوك الاستثمارية فى ذلك الوقت ، واكتفى بالعودة إلى عملة كاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، و شارك فى التدريس فى كليات التجارة ، والحقوق ، وأكاديمية الشرطة ، ومعهد الدراسات الإسلامية ، وأكاديمية ناصر العسكرية العليا ، و قال مكاني وبيتي كلية الاقتصاد جامعة القاهرة .
مبارك كلفه بتنظيم مؤتمر اقتصادي
استمر المحجوب فى التدريس إلى أن انتخب عميداً لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية للمرة الثانية فى عام 1981 ، بعد أن كان عميداً لها أول مرة فى عام 1971 ، ثم طلب الرئيس مبارك من المحجوب ، بعد ان اصبح رئيساً للجمهورية ، ان ينظم مؤتمر اقتصادى بجامعة القاهرة عام 1982 للإصلاح الاقتصادى ، والذي قدم به المحجوب ورقة بعنوان : " الإصلاح الاقتصادي طريق السلام الاجتماعي "، والمكونه من تسعه أبواب تشمل كل الإجراءات الإصلاحية للاقتصاد المصرى على كافة القطاعات ، لتنتهي : " بسياسة الإحلال محل الواردات " .
وبعد المؤتمر أصبح رفعت المحجوب مستشاراً لـ رئيس الجمهورية الاقتصادى وذلك حتي نهاية عام 1983 ، وكان المحجوب وهو عميد لكلية الإقتصاد والعلوم السياسية يرسل الدراسات و التقارير الاقتصادية بواسطة مساعدى السيد رئيس الجمهورية ، ا.د أسامة الباز و ا.د مصطفي الفقي ، وظل هذا الموضوع معروفاً فى أضيق الحدود فقط لعدد قليل ممن يعملون برئاسة الجمهورية حتي مقابلات السيد رئيس الجمهورية مع د. المحجوب فى قصر الرئاسة كانت دون اعلان تليفزيوني او إشارة لها فى الصحف .
مقابلة اذيعت في وسائل الاعلام
وفى يناير عام 1984 وقبل إنتخابات مجلس الشعب الجديد ؛ قابل الرئيس الأسبق مبارك المحجوب وتم تصوير اللقاء ، وتم اذاعته على التليفزيون المصري ، ونشرت الصور فى الجرائد ( مرفق نسخة من الصورة بالأبيض والأسود )، و أبلغ الرئيس المحجوب بأنه مكلف بتشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات مجلس الشعب الجديد ، وكان من المخطط له ان يتولي الراحل ا.د. فؤاد محي الدين ( رئيس مجلس الوزراء فى ذلك الوقت ) رأسه مجلس الشعب ، و يترك للمحجوب رئاسه الحكومة ، حسب رؤية السيد رئيس الجمهورية للمرحلة .
استدعاء والدي لقصر الرئاسة
إلا أن قضاء الله سبق الجميع ، و توفي فجأة د. فؤاد محي الدين قبل انتهاء انتخابات مجلس الشعب فى عام 1984 و هو رئيسا لمجلس الوزراء ، فطلب الرئيس مبارك مقابلة المحجوب مرة أخرى للاجتماع به ، و بعد جلسة مغلقة استمرت وقت طويل ، خرج المحجوب ولم يكلم أحد من العاملين برئاسة الجمهورية أو من الإعلاميين الذين كانوا فى انتظارة ، و عاد الى مكتبة فى الجامعة ، و كانت إنتخابات مجلس الشعب قد بدأت بالفعل ، والساحة السياسية مشتعلة ، و استغرب الجميع ، وبدأت التكهنات ، وفى نفس التوقيت كلف الرئيس الأسبق مبارك ، السيد كمال حسن نائب رئيس مجلس الوزراء وقتها بالقيام بأعمال رئيسٌ لمجلس الوزراء بالإنابة .
اسامة الباز ومهمة سرية
ثم حدث ما لم يتوقعه احد ، حيث طلب الرئيس مبارك السيد ا.د. اسامة الباز و كلفة بمهمة سريه للغاية ومضمونها : اخذ رأى المحكمة الدستورية العليا وبعض كبار فقهاء الدستور و القانون ، عن إمكانية ترشيح أحد أعضاء مجلس الشعب المعينين لمنصب رئيس مجلس الشعب ، وهل هناك مانع قانوني أو دستورى ، فجاء الرد بإجماع الآراء ، ان العضو المعين فى الدستور والقانون المصري ، له كافة الحقوق و الواجبات والصلاحيات ، مثله مثل العضو المنتخب بالضبط ، وبعد انتهاء الإنتخابات ، نشر فى الجرائد فى يونيو 1984 أسماء العشرة المعينين فى مجلس الشعب ، و كان المحجوب من ضمن تلك الأسماء ، ففهم أغلب من كان قريب من المسرح السياسي فى تلك الفترة ، أن رفعت المحجوب
هو من المؤكد الرئيس القادم لمجلس الشعب .
اجتماع برلمانية الحزب الوطني وسخرية الرئيس
و فى اجتماع الهيئة البرلمانية العليا للحزب الوطني بعد حصول الحزب على أغلبية مقاعد المجلس طبعاً ، أعلن رئيس الحزب الوطني الرئيس مبارك ، اتفاق هيئة المكتب على اسم ا.د. الدكتور المحجوب ، ليكون مرشح الأغلبية للتنافس على كرسي رئيس المجلس ، فما كان الا واعترض بعض أعضاء الحزب الوطني الكبار على ترشيح المحجوب ، والذين كانو يعمل البعض منهم مع الرئيس الراحل أنور السادات ، بعد رحيل رفعت المحجوب عن المسرح السياسي عام 1976، و كانوا من اصحاب الاتجاه المعاكس للمحجوب على طول الخط ( الاقتصادى والفكري السياسي ) ، وفرحوا كثيراً لتركه المحجوب للعمل السياسي فى السبعينيات.
فسأل الرئيس الأسبق مبارك ، لماذا هذا الاعتراض يا سادة ؟! ، فكان الرد منهم ، لانة معين و ليس منتخب مثلنا ، فرد مبارك ، ليس هناك نص دستورية أو قانونية ، يمنع العضو المعين من الترشح لكرسي رئيس المجلس ، وأكمل بشيء من السخرية والاستهجان ، وقال : " وبعدين ما كلكم معينين " ، ثم و قف وقال : مبروك يا دكتور رفعت مصر فى حاجة لك ، بالتوفيق ان شاء الله ، وأصبح من بعد ذلك رفعت المحجوب رئيساً لمجلس الشعب ثلاث دورات متتالية ، آخرها من أبريل 1987 حتي استشهادة فى 12 أكتوبر عام 1990.
لغز محير ما زال عند مبارك المحجوب
ولكن يظل هناك لغز محير ، لماذا اتفق الرئيس الأسبق مبارك مع رفعت المحجوب على أن يتولى المحجوب مجلس الشعب ، بدلا من مجلس الوزراء ، ان حل هذا اللغز لا يعرفه أحد إلا الرئيس الراحل محمد حسني مبارك ، ورفعت المحجوب رحمة الله عليهما .
والجدير بالذكر ، أن السيد كمال حسن علي أصبح بعد ذلك فى يوليو 1984 ، رئيساً لمجلس الوزراء فعلياً ، وتغَيَّر البروتوكول ليسبق رفعت المحجوب فى الترتيب الوظيفى رئيس الوزراء ويكون هو الرجل الثاني فى مصر بعد السيد رئيس الجمهورية فى غياب نائب لرئيس الدولة ، واستمر الأمر هكذا خلال فترة ا.د. علي لطفي وا.د. عاطف صدقي ، رحم الله أبي رفعت المحجوب ( اسد البرلمان المصري ) ، الرجل الذى افنى حياتة من أجل العمل الوطني ، و رحم الله شرفاء مصر جميعاً .
اقرأ أيضا..