اهم الاخبار
الجمعة 22 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

واشنطن صبرها نفذ..تأخر طهران في الرجوع لمحادثات فيينا يثير غضب "الحمار" الأمريكي

تقييـد مبيعـات النفـط الإيرانـي.. فـرض عقوبـات علـى الحـرس الثـوري.. حجـب المنافـذ الاعلامية.. وتوجيـه رسـائل ردع عسـكرية

الوكالة نيوز

علــى عكــس إدارة الرئيــس الأمريكــي الســابق دونالــد ترامـب التـي انسـحبت مـن الاتفـاق النـووي مـع إيـران في 8 مايـو 2018 ، لأنـه لا يتضمـن- حسـب رؤيتهـا- تحجيـم الـدور الإقليمـي لإيـران الـذي يهـدد الأمـن والاسـتقرار فـي المنطقة، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، وتبنت سياسة "الضغـوط القصـوى" لإرغـام طهـران علـى الانخـراط فـي مفاوضـات جديـدة حـول قضايـا غير نوويـة .

إسـرائيل تنخرط في حـرب سـرية مـع إيـران

ولقد اتجهـت إدارة الرئيـس الأمريكـي جـو بايـدن منـذ اليـوم الأول لهـا فـي البيـت الأبيـض، فـي 20 ينايـر 2021 ، إلـى اتباع سياسـة تمنـح الأولويـة لاتفـاق النـووي فـي إدارة التفاعـلات مـع إيـران، بالتـوازي مـع عـدم التركيـز علـى القضايـا غيـر النوويــة، فــي ظــل تراجــع الاهتمــام الأمريكــي بمنطقــة الشــرق الأوســط. ولهــذا قبلــت إجــراء مباحثــات غيــر مباشـرة مـع إيـران فـي فيينـا ، إلا أن نتائـج الجولات السـت السـابقة مـن تلـك المباحثـات أثبتت صعوبة تحقيـق الهدف الـذي سـعت مـن أجلـه إدارة بايـدن مـع وجـود معارضيـن للصفقـة فـي الولايـات المتحـدة الأمريكيـة وإيـران وكذلـك إسـرائيل التـي انخرطـت فيما يرقى إلـى حـرب سـرية مـع إيـران، علـى نحـو دفـع واشـنطن مجـدداً إلـى التركيـز علـى الملفـات غيـر النوويـة التـي تمثـل الأخيـرة طرفـاً فيهـا .

إشكالية الدور

ومـع تعثـر المفاوضـات غيـر المباشـرة بيـن إيـران والولايـات المتحـدة الأمريكيـة فـي فيينـا، وتزايـد التوقعـات بتبنـي الرئيـس الإيرانـي الجديـد إبراهيـم رئيسـي سياسـة أكثـر تشـدداً، لاسـيما مـع تشـكيل حكومـة مـن تيـار المحافظيـن الأصولييـن المتشـدد، ونفـاد صبـر الإدارة الأمريكيـة لتأخـر عـودة طهـران لمحادثات فيينـا، بدأت الأولـى تركـز علـى الـدور الإقليمـي لإيـران، والقضايـا غير النوويـة، في إطار ممارسـة المزيـد من الضغوط علـى النظـام الإيرانـي للعـودة إلـى طاولـة المفاوضـات مجـدداً، وإعـادة الالتـزام ببنـود خطـة العمـل الشـاملة المشـتركة التـي تنصلـت طهـران منهـا فـي أعقـاب انسـحاب الإدارة الأمريكيـة السـابقة منها .

إذ أدركـت الإدارة الأمريكيـة أن المشـكلة لا تكمـن فـي الصفقـة النوويـة فقـط، وإنمـا فـي الـدور الإقليمـي الإيرانـي الـذي يتسـبب فـي تهديـد الاسـتقرار بالمنطقـة، حيـث كان هـذا الـدور أحـد العقبـات التـي تحـول دون نجـاح الجهـود التـي تبـذل للوصـول إلـى تسـويات للأزمـات الإقليمية المختلفة ، فقد اسـتغلت طهـران تطورات الأوضـاع فـي المنطقـة، ولاسـيما بعـد ثـورات الربيـع العربـي، وصعـود تنظيـم "داعـش"، لتوسـيع نطـاق دورهـا فـي الإقليـم، والسـيطرة علـى القـرار فـي بعـض دولـه، ولـم يتوقـف النظـام الإيرانـي عن توفيـر الدعم والأسـلحة لوكلائـه فـي المنطقـة حتـى فـي ظـل العقوبـات الأمريكية الشـديدة التـي فرضتهـا الإدارة الأمريكية الســابقة ضده .

آليات المواجهة

وعلــى ضــوء ذلــك، اتخــذت إدارة الرئيــس الأمريكــي جــو بايــدن، خــلال الأشــهر الماضيــة العديــد مــن الإجـراءات التـي كان مـن شـأنها مواجهـة الـدور الإقليمـي لإيـران فـي المنطقـة، فـي إطـار سـعيها إلـى حـث إيـران علـى العـودة إلـى الالتـزام بتعهداتهـا فـي الاتفـاق النـووي لعـام 2015 ، وإن كانـت فـي الوقـت ذاتـه تحـاول الموازنـة بيـن التصعيـد مـع إيـران، وتهدئـه الأوضـاع فـي المنطقـة التـي تسـتخدم طهـران أزماتهـا لتعزيـز نفوذهـا ، ومـن أبـرز الإجـراءات الأمريكيـة لمواجهـة النفـوذ الإيرانـي فـي الشـرق الأوسـط مـا يلـي :

محاولـة تقييـد مبيعـات النفـط الإيرانـي

يعـد النفـط أحـد المصـادر الأساسـية للاقتصـاد الإيرانـي ، كمـا أن العوائـد التـي تحصـل عليهـا إيـران مـن تصديـره تمثـل أحـد مصـادر تمويـل الميليشـيات المسـلحة الداعمـة لهـا فـي المنطقـة ، وقـد أشـارت تقاريـر عديـدة، فـي 19 يوليـو الفائـت، إلـى أن تعثـر المحادثـات فـي فيينـا دفـع الولايـات المتحـدة الأمريكيـة إلـى دراسـة خيـار فـرض عقوبـات جديـدة علـى مبيعـات النفـط الإيرانـي إلـى الصيـن لممارسـة ضغـوط أقـوى علـى طهـران مـن أجـل إبـداء مرونـة فـي المفاوضـات قـد تسـاعد فـي الوصـول إلـى صفقـة .

فـرض عقوبـات علـى الحـرس الثـوري

أعلـن مكتـب مراقبـة الأصـول الأجنبيـة التابـع لـوزارة الخزانـة الأمريكيـة، فـي 13 أغسـطس الجـاري، فـرض عقوبـات علـى شـركات قـال إنهـا توفـر الدعـم لفيلـق القـدس التابع للحرس الثوري الايراني اثنتين منها في عمان وواحدة في ليبيريا واخري في رومانيا ،حيث تـرى الإدارة الأمريكيـة أن فيلـق القـدس يسـتخدم عائـدات النفـط الإيرانـي لتمويـل أنشـطته الخبيثـة ويسـتخدم الوسـطاء الأجانـب للتغطية علـى دوره .

حجـب المنافـذ الإعلاميـة الإيرانيـة

اتخـذت الحكومـة الأمريكيـة، فـي 23 يونيـو الماضي، قـراراً بحجب 33 موقعـاً تابعـاً لاتحـاد الإذاعـات والتليفزيونـات الإسـلامية الإيرانيـة و3 مواقـع تابعـة لكتائـب حـزب الله المدعومـة مـن إيـران، بمـا فيهـا قناتهـا التلفزيونيـة البـارزة "بـرس تـي فـي" التـي تبـث باللغـة الإنجليزيـة، وقنـاة "العالـم" التـي تبـث باللغـة العربيـة ، وقـد هدفـت واشـنطن مـن تلـك الخطـوة إلى توجيـه رسـالة لطهران وأذرعهـا الإعلاميـة فـي المنطقـة بأنهـا لـن تتركهـا تمـارس أنشـطتها المضللة بدون محاسـبة، وأنها ستسـعى إلـى مواجهـة آلـة الدعايـة الإيرانيـة فـي المنطقـة بشـكل فّعـال، والتـي تعـد بالنسـبة لطهـران إحـدى أدوات " القـوة الناعمـة " التـي تسـاعدها فـي محـاولات التمـدد علـى السـاحة الخارجيـة .

توجيـه رسـائل ردع عسـكرية

كان لافتـاً أنـه علـى الرغـم مـن التقاريـر التـي تتحـدث عـن إعـادة انتشـار القـوات الأمريكيـة فـي المنطقـة فـي إطـار الاسـتراتيجية التـي تتبناهـا واشـنطن لمواجهـة الصيـن وروسـيا، اتخـذت الإدارة الأمريكيـة، فـي 23 أبريـل الماضـي، قـراراً بإرسـال قاذفتـى "بـي- 52 “ بالإضافـة إلـى تمديـد مهمـة حاملـة الطائـرات "يـو إس إس آيزنهـاور" فـي المنطقـة، بهـدف توجيه رسـائل رادعة للنظـام الإيراني، مفادهـا أن اسـتمرار تطلـع واشـنطن للوصـول إلـى صفقـة فـي فيينـا لا يعنـي التغاضـي عـن الخطـوات الاسـتفزازية التـي تقـوم بهـا طهـران فـي المنطقـة .

دعـم الحلفـاء فـي مواجهـة إيـران

علـى الرغـم مـن معارضـة الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بعـض مقترحـات حلفائهـا فـي المنطقـة، وفـي مقدمتهـم إسـرائيل، للتعامـل مـع برنامـج إيـران النـووي، وسياسـاتها المزعزعـة للاسـتقرار فـي المنطقـة، فإنهـا لـم تتخـل عـن تقديـم أوجـه الدعـم لهـم فـي مواجهـة السياسـات الإيرانيـة ففي أعقاب الهجوم علي ناقلة نفط تديرها اسرائيل قبالة ساحل عمان في 29 يوليو الماضي ، ألقـت إسـرائيل والولايـات المتحـدة الأمريكيـة باللـوم على طهـران، وتوعد وزيـر الخارجيـة الأمريكي أنتوني بلينكـن طهـران بـرد مناسـب علـى ضلوعهـا باسـتهداف ناقلـة النفـط المرتبطـة بإسـرائيل ، كمـا أكـد الرئيـس بايـدن خـلال لقـاءه رئيـس الـوزراء الإسـرائيلي نفتالـي بينيت فـي البيت الأبيض، فـي 27 أغسـطس الجاري، علـى التـزام واشـنطن بمنـع إيـران مـن امتـلاك أسـلحة نوويـة، مشـيراً إلـى أنـه "يتبـع الأسـاليب الدبلوماسـية
لهـذا الغـرض لكـن إذا فشـلت فلديـه أيضـاً خيـارات أخـرى" .

احتـواء البرنامـج النـووي

ختامـاً، علـى الرغـم مـن اقتنـاع إدارة الرئيـس بايـدن بأهميـة احتـواء البرنامـج النـووي الإيرانـي، فـإن ذلـك ليـس كافيـاً لتحقيـق الاسـتقرار فـي منطقـة الشـرق الأوسـط، إذ أنهـا سـتكون فـي حاجـة لمواجهـة تدخـلات إيـران المتصاعـدة فـي المنطقـة مـع تخفيـف العقوبـات الأمريكيـة نتيجـة العـودة المحتملـة للامتثـال لخطـة العمـل الشـاملة المشـتركة، حيـث سـتزداد- فـي هـذه الحالـة- مـوارد طهـران التـي قـد تسـتخدمها فـي مواصلة دعـم وكلائهـا فـي المنطقـة، بشـكل سـوف يفـرض تداعيـات سـلبية عليهـا .

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء