الفن
مسلسل البحث عن علا .. مسلسلات المنصات بين النقد و الاشادة
مسلسل البحث عن علا ..تم عرض مسلسل "البحث عن علا" بطولة هند صبري و هاني عادل، و الذي يُعد الجزء الثاني من مسلسل "عايزة اتجوز" اناج عام 2010، وبين اشادات واسعة بالمسلسل و انتقادات لاذعة له، نحاول في هذه السطور أن نرصد ايجابيات و سلبيات المسلسل بكل حيادية و موضوعية.
الايجابيات :
من ايجابيات المسلسل هو الأداء المبهر لهند صبري و التي حقاً كانت متميزة جداً، فقد استطاعت نقل كل ما بداخلها من مشاعر بدون مبالغة و استطاعت توصيل الاحساس المطلوب بكل سلاسة، فهي حقاً من أهم و أقوى النجمات حالياً في الوسط الفني.
الجميع أيضاً كان في حالة تألق منهم هاني عادل الذي يتسم بقدراته المحدودة في الأداء، إلا أنه كان مميزاً في مسلسل "البحث عن علا"، كما كانت الرائعة سوسن بدر و ندى موسى حتى الأطفال استطاعوا ببراعة و بساطة شديدة توصيل كل الاحاسيس المتناقضة التي يعاني منها الأطفال في هذا السن بمنتهى المهارة.
كما كانت الديكورات مميزة و الحوار مكتوباً باحترافية عالية مع مراعاة قصر حلقات المسلسل، حيث كانت الحوارات قصيرة و موجزة و في الوقت ذاته تعبر عن كل مشاعر الابطال.
مسلسل البحث عن علا :
الاخراج متميز جداً و الازياء مبهرة و رائعة و تحولت اطلالات هند صبري لحديث مواقع التواصل الاجتماعي من شدة اناقتها و براعتها في اختيار ملابسها بدون عري أو تكلف في المكياج و تسريحات الشعر، كما كانت الاضاءة رائعة و الصورة زاهية و براقة و التصوير متميز مع براعة في استخدام الكاميرات، لخروج الصورة في أفضل وضع لها و قد كان.
من أبرز الايجابيات التي أشاد بها الجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي اصرار شخصية علا و هشام الطليق في الاحداث على تصحيح نطق اسم سليم الخاطيء و الشائع بين العامة، فطوال حلقات المسلسل كانت أسرة علا مصرة على تصحيح الاسم لكل من ينطقه خطأ بكسر الحرف الأول منه وهو حرف السين فيصبح الاسم “سِليم” وهذا ليس له معنى ، ولكنه في الأصل ينطق ويكتب في اللغة العربية “سَليم” .
مسلسل البحث عن علا :
السلبيات :
من أكبر عيوب المسلسل و سلبياته كان الاختلاف الكبير الذي حدث في شخصية علا عن الجزء الأول من الأحداث، حيث انتقلت علا لمستوى اجتماعي آخر، ملابس باهظة الثمن و أحدث الماركات و أحدث صيحات الموضة في حين انها كانت في الجزء الأول ترتدي الملابس العادية جداً، ملابس الفتيات المصريات و لم تكن تمتلك هذا الذوق العالي في ملابسها و لا تبالغ في أناقتها هكذا، فقد تكون أزيائها مبهرة و جميلة حقاً في الجزء الثاني من الأحداث، إلا أنها ليست مناسبة ابداً مع امتداد الشخصية البسيطة جداً و المتواضعة جداً في ملابسها بالجزء الاول.
مسلسل البحث عن علا :
فضلاً عن السيارات الفارهة و الفيلا التي تعيش فيها علا عبد الصبور ، التي كانت تسكن في عقار بسيط جداً بديكورات متواضعة للغاية و تستقل الميكروباص و المترو و هي مواصلات النقل العام التي يستقلها أغلب المصريين.
فكنت أفضل تقديم المسلسل في شخصية جديدة و مستقلة بعيداً عن الشخصية البسيطة التي أحبها الجمهور و بدون تغيير معالم الأسرة المصرية البسيطة، و لكن أرى أن استخدام الاسم ذاته ما هو إلا استثمار لنجاح الجزء الأول و التأكيد على محو الأسرة المصرية البسيطة من المجتمع التي تحول أغلبها لأسر ثرية، رغم أن ذلك ليس صحيح بالمرة.
كما أن السيناريو لم يظهر أي سبب لهذه النقلة و القفزة المادية التي حدثت لعلا و هشام الذين من المفترض أنهم ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، و أصر السيناريو على التعامل مع المسلسل على اعتبار أنه عمل مستقل ليس له علاقة بالجزء اللأول و ليس مطالب بتقديم مبررات للمشاهد، رغم اصراره في نفس الوقت على تأكيد أن شخصية علا استكمال للجزء الأول مع ذكر الكثير من التفاصيل السابقة من الموسم الأول للحفاظ على امتداد الشخصية معتمداً على تاريخها الماضي، و هذا التناقض الكبير في السيناريو هو المصدر الأساسي لانزعاج المشاهدين و عدم تقبلهم للأحداث.
مسلسل البحث عن علا :
هذا بالاضافة للحديث عن الانفصال و الطلاق و السخرية من الزواج و التأكيد أن الزواج هو الشيء النادر الآن و أن الجميع مطلقات و منفصلين، بالطبع أن نسبة الطلاق ارتفعت بكشل كبير في مصر مؤخراً، و لكن الحديث بهذا التقليل و الاستهزاء من الرباط المقدس و نظام الحياة الذي وضعه الله كان كفيلاً بفتح النار على المسلسل، العمل يروج بشكل واضح لفكرة الطلاق و يحاول أن يجعل المجتمع يتصالح مع الخراب و الدمار و نفسية الابناء المدمرة بعد الطلاق و التعامل معه على أنه أسلوب حياة، حتى إذا كان بدون سبب من الاساس، فالزوج يشعر أنه مل من الزواج و الالتزامات و يريد الانطلاق بحرية، لأنه اكتشف أنه في الـ 45 من عمره و لم يستمتع بحياته كما أراد، فعليه الآن أن يتخلى عن ابنائه و زوجته، بعدما تخلت هي عن عملها من أجل ارضائه لمجرد انها "نكدية" على حد تعبيره.
مسلسل البحث عن علا :
في النهاية يصاب الزوج بازمة قلبية للمرة الثانية و يحاول العودة لعلا، إلا انها ترفض ذلك بشدة من أجل كرامتها و الحرية التي حصلت عليها و عودتها للمنزل ليلاً و التخلص من الالتزامات التي كانت تقيدها و النجاح الذي حققته في بضعة أشهر قليلة رغم أن الواقع يؤكد أن النجاح في سوق العمل ربما يأخذ سنوات طويلة و ربما لن يأتي ابداً و يظل الموظف موظف كما هو حتى يموت، و كل الامتيازات التي سيحصل عليها هي زيادة مرتبه.
متجاهلة تماماً مصلحة الابناء الذين من الافضل لهم أن يعيشون مع والدهم و والدتهم ليكون الابناء ذو نفوس سوية إلا أن الحلقة الأخيرة توضح أن الابنة الكبرى ذات الـ 12 عام تتفهم موقف الأم و تدعمها على عدم عودتها لوالدها، في حين أن الطفل الصغير هو الذي لا يتفهم سبب رفضها العودة لوالده و لكن تعتمد علا أنه مع الوقت سيتفهم كما فعلت الابنة.
مسلسل البحث عن علا :
إلا أنها لم تتجاهل مصلحة الابناء فحسب، و لكنها تجاهلت ضميرها و انسانيتها ، حيث كان السبب في رغبة الطليق العودة لها و لابنائه هو خوفه من الموت القريب بعد اصابته بأزمة قلبية مرتين في عام واحد، و الضعف الشديد في صحته و رغبته الشديدة في قضاء وقت أكبر مع أولاده و زوجته التي مازال يحبها قبل رحيله، إلا أنها تغاضت عن كل ذلك مستعينة بحكمة غريبة تقول "اللي يصعب عليك يفقرك".
هذا فضلاً عن السهر في الملاهي الليلية و احتساء الخمور احتفالاً بطلاقها، و الصديقة التي تبارك لعلا على انفصالها و ترفض عودتها لزوجها كي لا تبتعد عنها مرة أخرى، و هذا الاصرار الغريب من الشركة المنتجة نتفليكس على تعميم و غرز تلك العادات الغريبة و نشرها في المجتمعات العربية.
فبدلاً من محاولة الوصول لاسباب الطلاق بين الأزواج و معالجتها يشجع العمل على الانفصال و أنه ربما يكون البداية لحياة أفضل اكثر حرية و أكثر انانية.
كما أن استخدام الكثير من الالفاظ البذيئة و الخارجة كان شيء مزعج جداً أثناء المشاهدة و لم يكن له داعي على الاطلاق و قلل كثيراً من العمل.
ربما كان المسلسل سيكون مختلفاً إذا لم يسبقه هذا الكم الهائل من المسلسلات و الحكايات التي تدعم الأفكار ذاتها، و تحرض الزوجات على الطلاق و الانفصال لاسباب أقل ما يُقال عنها أنها تافهة، و ربما بلا أسباب من الأساس، فمضمون المسلسل لا يختلف إطلاقاً عن كل حكايات "إلا أنا" و "زي القمر" و "قواعد الطلاق الـ 45"، فسأظل أؤكد على أن الفن ليس مرآة للمجتمع و إنما وسيلة من وسائل اصلاح المجتمع.