بأقلامهم
الحوار الوطني.. عقد جديد بين الحاكم والمحكوم
لاشك إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، القوى السياسية والأحزاب (المعارضة قبل المؤيدة) والخبراء وأصحاب الفكر والرؤى، للحوار الوطني والذي أطلقه الرئيس بحفل «إفطار الأسرة المصرية» في رمضان الماضي، ليس مجرد دعوة عشاء أو دعوة شعارات وطنية وتلاحم قومي، وإنما هي دعوة ذات دلالة ربما نجد تبعاتها على مر العصور القادمة، بل نجد تأثيراتها على السياسات التشريعية والدستورية والاقتصادية القادمة، خاصة أن هناك حالة حراك شعبي خلقها دعوة الحوار الوطني لم تكن موجودة، فكان هناك حالة من "الإحباط" نوعا ما و"اليأس" أصاب وجوه المصريين نتاج حالة الغلاء المعيشي التى فرضتها تبعات كورونا ثم الحرب الأوكرانية الروسية، إلى أن جاءت فكرة "الحوار الوطني" كعقد جديد بين الرئيس والشعب المصرى، يتشاركون الفكر والقرارات، يضعون الحلول للخروج من الأزمة، بدلا من التنظير من جانب بعض "قادة السوشيال ميديا" وطرحهم لأفكار بعضها غير قابل للتطبيق والبعض الآخر يرى الأمور من منظوره هو وفقط دون أن يلتفت لباقي المعطيات، ليجد هؤلاء أنفسهم فى اختبار حقيقي لطرح أفكارهم، والتصويت عليها من الناحية الشعبية والمجتمعية، وهذا هو جوهر الحوار الوطني.
حالة تأهب
الأمر الآخر... انه بمجرد سماع دعوات الرئيس للحوار الوطني (وكأن كانت هناك حالة تأهب لتلبية النداء) إلا وهب كل صاحب رأى وصاحب رؤية وصاحب أطروحة، مشاركا ومعبرا عن ما لديه من بعض الحلول، لا نقول أن كل هذه الأفكار والحلول هي من تنقل مصر من أزماتها إلى حياة الرخاء، لكن مجرد التفكير وطرح الرؤيا بغض النظر عن قيمتها وفحواها سواء قيمة أم غير ذي جدوى، لها دلالة أن الشعب المصرى أصبح كل واحد منه رئيسا... صاحب قرار... صاحب فكر... جزء من المشكلة... وعليه إيجاد حلها.
الحقنا ياريس
الأمر الأهم فى ذلك كله.... أن دعوات الحوار الوطني بكل آلياته ومعطياته ومخرجاته، سيقضي على فكرة (ألحقنا يا ريس... ) لكل كبيرة وصغيرة، التى كانت ومازالت عبئا على فخامة الرئيس والذي لم ولن يتأخر عن تلبية أية نداءات، لكن المقصد من الأمر أن فكرة "الحوار الوطني" ستجعل المواطن قبل أن يستغيث بالرئيس... مدركا أن العبء ثقيل، وان مطلبه الشخصي مهما كان قده هو اقل بكثير من مشكلات اكبر يتحملها السيسي.
ربما سنجد عقدا جديدا بين الرئيس والشعب قوامه: الحوار قبل اتخاذ القرار، وهذا التفسير الوحيد الذى وجدته حينما سمعنا جميعا كلمة فخامة الرئيس حينما قال (أنا مش ريس... انتم فاكرني ريس... لا أنا مش رئيس ... انا زيي زيكم بالضبط).
علينا جميعا... وأذكركم ونفسي... أن نستغل فكرة "الحوار الوطني" وان نبتعد عن الشو الاعلامي والقفز فى القنوات للتفاخر بان ما لدينا من حلول هي المنقذة لمصر وان ما لدينا ليس لدى غيرنا من حلول.
ليس هذا هو المطلوب من الحوار الوطني... المطلوب التفكير الجماعي، التشارك فى الأزمات وحلها، ليس مطلوبا أبدا أن يكون شخص أو حزب أو جمعية أهلية ... صاحبة "الحلول العظمي للمشكلات" .. لأنه ببساطة شديدة لن ولم يحدث أن ينفرد شخص بالإتيان بحلول لمشكلات مصر ... وهذه هي فحوى رسالة الرئيس السيسي (بجلالة قدره) وبما له من شعبية يستطيع بها أن يفعل ما يشاء... لكنه آبي ذلك ... وأرسل لنا رسالة أن مصر لن تقوم إلا بالتشارك بين الحاكم والمحكوم، وليس بقرارات الرئيس منفردة.
بقلم: رامي محسن مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية