الفن
نجوم الدراما التركية يظهرون للعالم رسالة الفن الحقيقية
الدراما التركية ..ليلة تاريخية و صورة مبهرة و مشرفة للفن التركي ظهرت أمام العالم لتبلور قيمة الفن للمرة الأولى على مستوى العالم و كيف يمكن له أن يبني مجتمعات و يصنع عالم لم يكن موجوداً و يصلح المجتمع بعد الخراب و يحسن واقع مرير ألم بالوطن بأكمله.
"الفن رسالة" كلمة نسمعها كثيراً، و لكننا في أغلب الأحيان لا نؤمن بها، نظراً لما يتفشى في المجتمع من فساد و سوء أخلاق و خراب و دمار لا يمكن اصلاحه، و يرجع الكثيرون أسبابه للفن الهابط الذي يساعد على نشر الرذيلة و يجمل صورة الفاسدين في اعين المواطنين، و بالفعل يحدث ذلك في كثير من الأحيان ، و لكن كثير من الأحيان الأخرى يكون الفن معالجاً لقضايا المجتمع و مناقشاً لحلول مشكلات المواطن و عارضاً لأزماته، و كثيراً ما تغير أعمالاً درامية الواقع و تساعد في سن القوانين و اعادة صياغة كل ما ألم بالوطن من صعاب، الفن ناقل لثقافة المجتمعات و حريصاً على تثقيف المواطن بتاريخ الدول و الحضارات.
الدراما التركية :
في لفتة انسانية بمنتهى الصدق و الشفافية، لفتة لم تحدث من قبل حيث اشتركت ليلة أمس أشهر القنوات التركية التي وصل عددها إلى 213 محطة فضائية في البث المباشر الذي خُصص بشكل كامل لتلقي الرسائل والتبرعات للمتضررين و المنكوبين من زلزال تركيا من أجل اعادة بناء ما تم هدمه و تعويض المتضررين عن منازلهم التي فقدوها في أسرع وقت ممكن.
و في الحقيقة أن الفكرة كانت فريدة من نوعها و لم تقم بها أي دولة على الاطلاق من قبل، حتى دولة أمريكا المعروف عنها كثرة تعرضها للزلزال و الفيضانات.
الدراما التركية :
حيث قامت كل قناة بدعوة أبرز و اشهر الثنائيات الرومانسية الذين يقدمون أعمالاً تركية تُعرض على القناة، فحضر الفنان التركي كيفانش تاتليتوغ ممثلاً لقناة show tv عن مسلسله "العائلة"، في حين حضر النجم التركي بوراك أوزاجيفت ممثلاً لقناة atv عن مسلسله "المؤسس عثمان"، و حضر الممثل التركي أراس بولوت كممثل لمنصة ديزني في تركيا، و كذلك النجم التركي انجين أكيوريك مع النجمة ديميت أوزدمير ممثلون عن قناة FOX التركية بمسلسلهم القادم "اسمي فرح" ، كما حضر عدد آخر من النجوم منهم نسليهان أتاجول و قادير دوغلو و أكين أكينوزو و ايبرو شاهين و هاندا أرتشيل و ألب نافروز و خليل براهيم جيهان و مراد يلدريم و دينيز بايسال غيرهم الكثير، و حرص جميع النجوم على ارتداء الأسود حزناً على أرواح المفقودين و مراعاة لشعور ذويهم، فكانوا في غاية الأدب في حضرة المأساة.
و بدأ البث الساعة الثامنة بتوقيت تركيا حيث قامت القنوات بتوحيد في البث في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها و لم يسبق لها مثيل في تاريخ الشاشات التركية، فالقنوات التي كانت تتنافس قبل أيام على من يحصل على اكبر ريتينغ وأكبر نصيب من الإعلانات تجمعت اليوم من أجل تركيا في حملة بعنوان "تركيا قلب واحد" من أجل اعادة بناء ما هدمه الزلزال، ليجلس العالم و يشاهد ما تصنعه تركيا من مجد و عظمة ليس لها مثيل في دول العالم أجمع.
الدراما التركية :
فلأول مرة نشاهد الممثلين الأتراك خارج عبائة التمثيل و حوارات البرامج السخيفة و اللقاءات الصحفية المكررة، يظهرون لأول مرة في عبائة الانسانية التي أدهشت العالم، فقد تخلوا عن عملهم كنجوم و ظهروا بروح الانسانية بلا ملابس فاخرة و استعراض أزياء و بدون عري أو تكلف في المكياج و تسريحات الشعر، فلم يكن هناك غير السواد و عيون دامعة و حزناً صادق بدون افتعال، و تحولوا إلى خدمة عملاء و العملاء هنا هم الشعب المتضرر، ليكونوا في استقبال الإتصالات التي وردت من داخل وخارج تركيا وكان هدفها الأول التبرع بالمبلغ المستطاع من قبل المتصل في سبيل مساعدة المتضررين من الزلزال المدمر لاعادة بناء منازلهم و اعادة اعمار الأرض.
و بالفعل نجحت الحملة وحققت أرقام قياسية في وقت قصير حيث قدر مجموع التبرعات ب 115 مليار و146 مليون و528 ألف ليرة تركية ما يعادل 6.5 مليار دولار أمريكي، و هذا خلال 6 ساعات فقط على مدار زمن البث وهو رقم قياسي لا يمكن أن تجمعه دول العالم الكبرى بهذه السرعة لولا شهرة نجوم الدراما التركية العالمية و شعبيتهم لما استطاعوا جمع هذا المبلغ الطائل.
الدراما التركية :
حيث أثثبتت هذه الفكرة قوة الفن بشكل عام والدراما التركية بشكل خاص، بل اثبتت أيضاً أن العقول التركية عقول فريدة من نوعها، استاعطت استغلال الفن لبناء الدولة اقتصادياً، فالأمر ليس متوقفاً فقط على حملة التبرعات التي تم القيام بها أمس، و لكن الأمر بدأ منذ بيع أعمالهم لدول العالم بأسعار اقتصادية للدول الأخرى لجمع المال و النهوض بالدولة اقتصادياً، فمنذ انتشار الأعمال التركية حول العالم و أصبحت تركيا دولة قوية ذات نفوذ و صيت كبير، فالدولة العظمى هي التي تعرف كيف يمكن استغلال نقاط قوتها لبناء نقاط الضعف بها.
تركيا بالأمس كانت قلباً واحداً وكذلك كان فنانوها الذين أكدوا أن الفن عنصر مؤثر للغاية وقادر على خدمة الأمم، نجوم تركيا صنعهم الشعب التركي الذي ظل يشاهد و يتابع لهم أعمالهم و يرفع من نسب مشاهدة تلك الأعمال و كلما ارتفعت النسبة استمر النجاح و كلما استمر النجاح حصدوا الربح و الأموال مع كل حلقة جديدة تعرض من اعمالهم، فلولا الجمهور التركي لكان كل هؤلاء النجوم فقراء، لذلك قرر النجوم رد الدين و الجميل و تبرعوا من أجل شعبهم، بل و استغلوا اسمهم وشهرتهم لجمع المال من جميع أنحاء العالم ليردوا الدين لمن صنعوهم.