تحقيقات وحوارات
فيديو.. القصة الحقيقة لأشرف مروان وهل حقا كان عميل مزدوج.. وحكاية حصوله علي ملايين الدولارات وباسبور دبلوماسي من الموساد
بدأت العلاقة بين أشرف مروان والموساد من لندن يوم 13 مارس عام 1996، عندما أتصل مروان بالسفارة الإسرائيلية بلندن، الساعة 9 صباحًا، وقال لهم أنا مصري واسمي "أشرف مروان" ولدى معلومات سرية تهم إسرائيل، وطلب توصيله لأحد المسئولين بمكتب الاستخبارات في السفارة، إلا انهم لم ياخدوا كلامه على محمل الجد، واغلقوا الهاتف، وبعدها بدقائق إتصل اشرف مروان مرة ثانية ، ولكن هذه المرة كان كلامه أكثر حسماً قائلاً بلهجة حادة : عاوز اكلم مسئول ملف المخابرات وأمامك 15 دقيقة فقط لـ تصلني به وإلا ستندم طوال عمرك! .
بعدها أخذ ضابط المخابرات الإسرائيلية، تسجيل المكالمة، وطار بها لرئيس جهاز الموساد الإسرائيلي "تسفي زاميرا"، وعندما عرف أنه أشرف مروان تعجب الرجل وجن جنونه وقال مستغرباً: "كيف لموظف التليفونات لم يكن على دراية بهوية أشرف مروان !! وبعد مناقشات طويلة وتساؤلات: هل نحن أمام فخ مصري ام نحن علي مقربه من صيد ثمين ؟ ، وفي النهاية قرر زاميرا المخاطرة والاتصال به.
ولكن قبل انتهاء مهلة الـ ربع ساعة اتصل أشرف مروان مرة ثالثة بالسفارة، وحاول ضابط الموساد استدراج اشرف مروان لمعرفة اي معلومات عنه، لكنه رفض، واخبرهم بأن عنده ملف سري، سيرسله لهم عن طريق "طبيب بريطاني يقطن في لندن، وأنه على علم بثقتهم فيه، وهو الدكتور "إيمانويل هربت".
ملف مروان
حينها قررت اسرائيل أن تجمع كافة المعلومات عن اشرف مروان منذ ولادته، ولفت نظرهم في ملف مروان، بأنه على خلاف مع الرئيس جمال عبد الناصر، وأنه يكره منصبه في الرئاسة بسبب تصرفات مديره "سامي شرف"، ومن هنا أدركت إسرائيل سبب تعاون مراون مع الموساد .
بعدها اجتمعت المخابرات الإسرائيلية، وقرروا وضع الدكتور "إيمانويل" تحت المراقبة، واتصل إيمانويل بـ مروان، وحدد له موعد في عيادته، وعندما سأله عن اسمه قال له "جمال صادق".
وبعد مرور أيام قليلة، كشف إيمانويل على أشرف مروان في عيادته في الموعد المحدد، وعندما هم بالخروج قال له: انا اسمي الحقيقي "اشرف مروان" وصهر الرئيس جمال عبد الناصر، وأعطاه ظرف مقفول، وأمره بتسليمه للشخص المناسب، ومن هنا كانت الخطوة الأولى في خداع اليهود.
وعقدت اسرائيل اجتماع، كلفت فيه النقيب "دوبي" وهو من أخطر ضباط الموساد، بالسفر للندن لمقابلة اشرف مروان، وبالفعل تم اللقاء بينهما في أحد المطاعم بلندن، وسلم اشرف مروان ملف للضابط، وبلهجة مغرية أخبره بأن المرة القادمة سيأخذ 100 ألف دولار على كل معلومة.
وتفاجأت المخابرات الإسرائيلية بحجم المعلومات الخطيرة في الملف السري، وهنا تأكدت إسرائيل أن مروان عميل حقيقي ومصدر مهم ، بعدها سافر اشرف مروان لتدريب مكثف من المخابرات المصرية على يد ضابط المخابرات المصري الثعلب عبدالسلام المحجوب، وامين هويدي مدير المخابرات المصرية آنذاك.
ثم رجع الي لندن في مايو عام 1969، وبعد وصوله، خضع اشرف مروان لاختبار على أجهزة كشف الكذب بجانب تحقيق شفوي شامل، ولمدة ساعتان في المنزل الأمن المعروف في عالم الموساد باسم "السيڤ هاويس"، ونجح اشرف مروان في الإختبارات بنسبة 100%.
وفرحت اسرائيل بنجاح مروان في الاختيارات، وبالأخص رئيس الموساد، لدرجه أنه خرج عن كل التقاليد المعروفة وسافر الي لندن بنفسه لمقابلة اشرف مروان بشخصيته الحقيقة، وهناك سأله رئيس الموساد: انت ليه عايز تبقى جاسوس إسرائيلي ؟.. فرد مروان قائلاً : زي ما أنا فرصة كبيرة بالنسبة لكم أنتم كمان فرصة كبيرة بالنسبالي ثم بادر وأعطاه تسريب كامل لصفقات سلاح سرية ما بين مصر والاتحاد السوفيتي.
وظل اشرف مروان يعمل على تسريب المعلومات بالتنسيق مع المخابرات المصرية، وفي سبتمبر عام 1970 استلم جواز سفر دبلوماسي إسرائيلي، وأصبح مروان في مرتبة العميل المحذر بموعد الحرب، وفي نفس الوقت بمصر، عينه السادات سكرتير شخصي لرئيس الجمهورية للمعلومات، ولم تكن اسرائيل على علم بذلك.
وفي يوم 5 أكتوبر سنة 1973، اخبر اشرف مروان، الإسرائيليين بمعلومة خطيرة وهى موعد الحرب، وسافر مروان في نفس اليوم لاخبارهم بتفاصيل الحرب، وحذرهم بشكل واضح، بأن الحرب بعد ساعات، والسادات هيبدء في إطلاق النار الساعة 6 مساء، وبالفعل صدق رئيس الموساد، تحذير مروان، لأنه كان على درجة كبيرة من الثقة به.
وفي يوم 6 أكتوبر، تفاجأت اسرائيل بأن الهجوم المصري تم الساعة 2 مساء، وليس السادسة ورجع اشرف مروان للقاهرة عن طريق ليبيا، وبعد إنتهاء الحرب، تم تكريم أشرف مروان من الرئيس السادات، وهنا اكتشف المصريين أن أشرف مروان كان جاسوس لصالح مصر، وان كل معلومات مروان لإسرائيل كانت فعلا صحيحة، ما عدا معلومة واحدة وهى معاد الحرب الحقيقي.
ومنذ هذا الوقت وحتى عام 2004 كان الموساد على اعتقاد أن مروان مخلصا لهم، لكن تأتي الصدمة عند رؤيتهم بث لإحدى القنوات المصرية للرئيس حسني مبارك وهو يصافح مروان في احتفالات ذكرى حرب أكتوبر.
وبالانتقال للسؤال المحير.. هل اشرف مروان عميل مزودج ؟
الحقيقة أن اسرائيل يوجد فيها روايتان الأولى تدعم الراوية المصرية وصاحبها مدير الاستخبارات الحربية وقت حرب 1973 لـ "إيلي زيرا"، والرواية الثانية صاحبها مدير الموساد وقت الحرب الذي أكد أن مروان كان عميلا لإسرائيل فقط.
قدمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تفاصيل جديدة عن القضية على لسان ضابط الموساد "دوبي" وهو المسؤول مباشرة عن العمل مع مروان .
ودعم "دوبي" رواية أن مروان كان عميلا لإسرائيل فقط، أما الضابط الإسرائيلي زعم أن الدافع الرئيسي لعمل مروان مع الموساد كان المال، بالإضافة لرغبته في الانتقام من عبد الناصر، لأن الخلافات كانت وصلت بينهم لمحاولة تطليق ابنته مني جمال عبد الناصر.
وقال "دوبي" إن مروان تلقى من الموساد مبالغ مالية وصلت مليون دولار، بعدها مروان أصبح متعاون لا يتقاضى أجرا بطلب منه.
وادعى أيضا "دوبي" أن مدير الاستخبارات الحربية روج لنظرية العميل المزدوج، ليزيح عن نفسه تهمة الفشل الاستخباراتي الذي أدى لمفاجئة مصر لإسرائيل في حرب 1973.
أما الضابط الإسرائيلي أكد المعلومة المتداولة بشأن إبلاغ مروان للموساد يوم 5 أكتوبر لموعد شن الحرب.
وفي يونيو 2007 توفي أشرف مروان، في ظروف غاضمة، وقيل إنه سقط من شرفة منزلة بلندن، وهنا ازادت الشكوك حول قتله علي يد جهاز الموساد.
جنارة عسكرية
وأمر الرئيس حسني مبارك بإنشاء جنارة عسكرية لـ اشرف مروان، وقال عنه مبارك بأنه قام بعمليات وطنية كبيرة جدا، ولكن لم يحين الوقت للكشف عنها، لأنها قد تضر أفراد ودول عدة، اما زوجة مروان، قالت أنه اخبرها بأنه مطارد من الموساد قبيل وفاته.
لقد هز اشرف مروان تل أبيب وتحول الي كابوس شاهد علي فشل جهاز الموساد منذ اكثر من 50 عاما ووفق تسريبات تل ابيب فقد قال المؤرخ الاسرائيلي البارز والعقيد المتقاعد في سلاح المخابرات الحربية الاسرائيلية شمعون منديس:، "إن أشرف مروان خدر قياداتنا وكل ما يقال عنه من الجانب الإسرائيلى بلا قيمة ان مروان كان عميلاً مصريا بارعاً ولا أعرف كيف سقطت الموساد فى اختبار ساعة الصفر؟
وفي عام 2016 ظهرت النسخة العربية لكتاب "الملاك" للمؤلف "يوري بار جوزيف"، والذي عمل 15 عاما في جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وبالرغم من كل هذه التضحيات التي قدمها أشرف مروان لمصر إلا أن هناك روايات تزعم أنه كان عميلاً مزدوجاً، للتشكيك بهذا البطل ودوره في تحقيق النصر بحرب أكتوبر، وفي النهاية وأمام كل هذه الروايات.. سيظل اشرف مروان بطلاً مصريًا في أعين المصريين.