تحقيقات وحوارات
عندما جمع صدام حسين رفاقه لقاعة الخُلد وقام بإعـدامـهم على الهواء مباشرة
سر بكاء مهيب الركن عليهم بسبب الرئيس السوري حافظ الأسد.. كأنه مشهد سينمائي
إنها اللحظة الفارقة في تاريخ صدام حسين بل وتاريخ العراق بأكمله.. إنه اليوم الذي صنع من صدام حُسين قائدا وزعيما مُطلقا على بلاد الرافدين.. إنها ملحمة قاعة الخُلد.. هي النسخة العراقية من مذبحة المماليك التي قام بها محمد علي.. لكن هذه المرة وكما يقولون على عينك يا تاجر وكان المشهد أكثر دراماتيكية.. فما هي كواليس ذلك اليوم الذي أُطلق عليه مجزرةُ الرفاق؟ وما هي الأسباب التي جعلت صدام يأمر بالتخلص من رفاق الكفاح ويقف باكيا عليهم في قاعة الخُلد أمام أعضاء حزب البعث العراقي؟ إليكم قصة اللحظة الفاصلة في تاريخ العراق وصدام حسين نفسه..
في 16 يوليو 1979 وصل صدام حسين إلى رأس السلطة في العراق وذلك بعد إعلانه رئيساً للجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة العراقية والأمين القُطْري لحزب البعث العربي الإشتراكي ليكون بذلك صاحب أكبر منصب سياسي في العراق، حيث اضطر الرئيس أحمد حسن البكر إلى الاستقالة نتيجة ضغوط صدام حسين، وكان السبب الرسمي المعلن لإستقالة البكر هو العجز عن أداء المهام الرئاسية لأسباب صحية، فتم تسليم كل مناصبه لصدام حسين...
وبعد تولي صدام للرئاسة خرجت الأغاني والأهازيجُ التي تتغنى بالقائد الجديد.. ليصدر صدام عدة قوانين لإحكام قبضته على الحكم.. وبعد ستة أيام فقط من توليه الرئاسة قرر صدام التخلص من العقبة الأخيرة في طريق سيطرته على حكم البلاد.
جاء ذلك في تقرير صحفي بالفيديو نشرته صفحة " بولوتيكا " علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك حيث تصدر صفحة بولوتيكا عن شركة المشهد لادارة المواقع الاليكترونية وهي شركة مساهمة مصرية وتعد احد منصات الشركة علي مواقع التواصل الاجتماعي.
فعندما كان البكر رئيسا للعراق بدأ في وضع خطة مع حافظ الأسد رئيس سوريا وأمين حزب البعثيين في سورية حينها لتوحيد الدولتين على غرار الاتحاد بين مصر وسوريا زمن عبدالناصر.. لكن المعضلة بالنسبة لصدام حسين نائب البكر في ذلك الوقت لم تكن في توحيد البلدين.. وإنما في مَن سيقود هذا الاتحاد الكبير؟ وكانت اللحظة الفاصلة حين أعلن البكر في خطاب له أن حافظ الأسد هو أحق من يقود هذه الوحدة بعد البكر.. وهنا بدأ صدام يشعر بالخطر على أحلامه في الحكم خاصة بعد تمدد أذرع الأسد داخل مجلس الثورة وحزب البعث العراقيين.. وبدأ الرئيس البكر في الاختفاء تدريجيا من أي مناسبات أو مقابلات حتى انتشر خبر تدهور صحته وعدم قدرته على حكم البلاد.
مجـزرة الرفاق
حيث بدأت خطة صدام في التخلص من معارضيه من خلال عقد اجتماع طارئ لقادة حزب البعث لم يحضره بنفسه وكان الهدف المعلن منه هو مناقشة رغبة الرئيس البكر في التنحي عن السلطة واختيار مَن يخلفه من القادة.. لكن الهدف كان في دور رجال صدام باقتراح تولي صدام الرئاسة خلفا للبكر.. وانتهى الاجتماع كما هو متوقع حيث لم يتفقوا وكان دور رجال صدام هو نقل أسماء المعارضين له في تولي السلطة ليضعهم تحت مراقبة عيونه من جهاز المخابرات.. وبعد ذلك الاجتماع بأيام خرج الرئيس حسن البكر معلنا تنحيه عن السلطة لأسباب صحية وتولية صدام حسين الحكم من بعده.. وبعد ستة أيام فقط من تولي صدام.. دعا كبار أعضاء البعث لاجتماع في قاعة الخُلْد الشهيرة ببغداد.. وفاجأهم بوجود مؤامرة وأن هناك خونة من أعضاء الحزب يجلسون بين صفوفهم الآن.. وهنا سكتت القاعة وكأن على رؤوسهم الطير.. حتى أخبرهم صدام أن أول هؤلاء المتآمرين هو محي عبدالحسين المشهدي سكرتير الرئيس أحمد حسن البكر وطلب منه أن يصعد على المنصة ليخبر أعضاء الحزب بالقصة.. فصعد محي المشهدي وعيناه تشرّق وتغرّب.. وجلس صدام على المنصة وأشعل سيجاره الكوبي الشهير وقبل أن يكمل المشهدي حديثه قال صدام من يسمع اسمه ضمن المتآمرين يقف ويردد شعار الحزب ويخرج من القاعة.. فبدأ الأعضاءُ المغضوبُ عليهم بالخروج واحدا تلو الآخر للسجن أو لمثواه الأخير ومَن يعترض منهم ولو بكلمة كان صدام يجلجل بصوته (صدام من الفيديو وهو بيقول اطلع اطلع).. وبدأ صدام بالبكاء على رفقائه الخائنين.. وظل في القاعة أوفياء الحزب الذين شاركوه بدموعهم وهتافاتهم.. ليبدأ صدام حسين مسيرته كحاكم مطلق لبلاد الرافدين لا يقدر أن ينازعه أحد حتى سقوطه عام 2003 على يد الأمريكان.. وفي النهاية ماذا سيكون موقفك لو كنت أحد البعثيين في قاعة الخلد حينها؟