تحقيقات وحوارات
فيديو.. مَن قتـل الشيخ البوطي؟ رجل الدين الذي وقف بجانب بشار الأسد فقتـلته السياسة
في يوم الخميس 21 مارس من عام 2013 وأثناء إعطائه درسًا دينيًا في مسجد الإيمان بحي المزرعة في دمشق.. حدث تفجير أودى بحياة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي وهو على كرسي الدرس بالإضافة ل42 شخصًا من بينهم حفيده وأصيب 84 من الذين يحضرون الدرس بجروح.. فمَن هو العالم والشيخ الجليل محمد سعيد البوطي؟ وكيف قادته آراءه السياسية إلى هذا الاغتيال؟ ومن هو القاتل الحقيقي؟ إليكم القصة..
هو عالم سوري متخصص في العلوم الإسلامية، ومن المرجعيات الدينية الهامة على مستوى العالم الإسلامي، ويُعتبر ممن يمثلون التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة الأربعة وعقيدة أهل السنة وفق منهج الأشاعرة حيث ترك البوطي أكثر من ستين كتابًا في علوم الشريعة، والآداب، والتصوف، والفلسفة، والاجتماع، ومشكلات الحضارة..
الإمام والسياسة
ربطت الشيخ البوطي علاقة مع النظام السياسي الحاكم في سوريا منذ عهد الرئيس حافظ الأسد خاصة في بداية التسعينيات حيث ظهر حينها في وسائل الإعلام السورية الرسمية، وكان على علاقة شخصية بحافظ الأسد عندما طلب الرئيس اللقاء بالبوطي إثر قراءته لبعض كتبه. وأصبح يستدعيه بين الحين والآخر في جلسات طويلة، وقد كان من أبرز نتائج تلك اللقاءات استجابة الرئيس لطلبه إذ أطلق سراح عدد كبير من المعتقلين، وفتح المجال لعودة الذين خرجوا بسبب أحداث المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى معالجة كثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالمعاهد الشرعية والإعلام والكتب الإسلامية.. كما سبّب وقوفه مع النظام السوري في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين كثير من الانتقاد آنذاك، إذ ظل منذ أحداث مدينة حماة في 1982 ينافح عن شرعية حكم عائلة الأسد، وعدم جواز الخروج عليها لأن الحاكم فيها لم يصل إلى الكفر البواح بحسب رأيه..
البوطي في عهد بشار
خلال فترة الاحتجاجات السورية بداية من 2011 كان البوطي من الرافضين للحراك الشعبي وانتقد المحتجين ودعاهم إلى «عدم الانقياد وراء الدعوات مجهولة المصدر التي تحاول استغلال المساجد لإثارة الفتن والفوضى في سوريا»، واصفًا التظاهرات أنها «باتت تؤدي إلى أخطر أنواع المحرمات»، وانتقد أيضًا القرضاوي الذي كان يدعو الناس للتظاهر وقال إنه «اختار الطريقة الغوغائية التي لا تصلح الفساد وإنما تفتح أبواب الفتنة». كما دافع البوطي في عدد من تصريحاته عن النظام السوري الذي يواجه بحسبه «مؤامرة خارجية» تقودها دولة الكيان، وأشاد بالدور الذي يقوم به الجيش النظامي، مع تأكيده الشديد في فتاويه على «حرمة قتل المتظاهرين حتى لو كان جبرًا». وتسببت هذه التصريحات التي وُصفت بأنها «معادية» للثورة، بانتقادات حادة وصنعت أعداء كثيرين للبوطي، حتى صنفه البعض ضمن فئة «علماء السلطان»، حتى قام المتظاهرون بإحراق كتبه في جمعة أحفاد خالد. بينما كان البعض الآخر يلتمس للبوطي أعذارًا بدعوى أنه كان واقعًا تحت التهديد من قبل النظام السوري..
من قتل الشيخ البوطي؟
آراء البوطي السياسية صنعت له أعداء كثيرين ومناصرين كثيرين كذلك حتى جاءت ساعته التي لا تؤجل..
ففي 21 مارس 2013 وبينما كان البوطي يعطي درسه المعتاد بمسجد الإيمان سجلت الكاميرات لحظة تفجير المسجد التي أودت بحياة الكثيرين ولى رأسهم البوطي.. حيث يظهر الفيديو الشيخ البوطي وهو يعدل عمامته بعد انفجار صغير وقع قرب منبره، ثم يسارع شخص إليه، حاجبًا الصورة عن الكاميرا التي كانت تصور الحلقة، وينصرف بسرعة مخلفًا الشيخ البوطي والدماء تسيل من رأسه، وهو ما يرى ناشطون أنه يرجح فرضية اغتيال البوطي بالرصاص وليس بالانفجار. ونفى الدكتور توفيق رمضان نجل الشيخ البوطي في مقابلة تلفزيونية في اليوم نفسه حدوث أي إطلاق نار في المسجد بناء على تجميع روايات الناجين من التفجير، وأكد أن أباه قضى بالتفجير الذي نفذه انتحاري.
وقد تبادل كلٌّ من النظام والمعارضة الاتهامات على الرغم من إدانة كلا الطرفين للحادث. وقال الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي المعارض للنظام أن البوطي كان على وشك الانشقاق، وأنه كان ينوي إعلان موقفه والهجوم على النظام، وأن عملية الاغتيال نفذها النظام السوري بعد أنباء تسربت عن نية عائلته السفر خارج سوريا. وقد اتّهمت بعض المواقع الإخبارية الشيخ يوسف القرضاوي بالتحريض على قتل البوطي عندما دعا في فيديو نُشر له إلى «قتل جميع من يعملون مع السلطة من عسكريين ومدنيين وعلماء دين»، فيما نفى يوسف القرضاوي ما نُشر من «مزاعم تتهمه بالتحريض».
وإلى ويومنا هذا لم تظهر أي أدلة دامغة على قاتل الشيخ البوطي ويبقى مصحفه الذي كان مفتوحا في درسه ملطخا بالدماء.. وقد شُيّع جثمان البوطي في 23 مارس 2013 من منزله في دمشق، وصُلّي عليه في المسجد الأموي، ثم دُفن بجانب قبر صلاح الدين الأيوبي وقد أعلن يوم دفنه حدادا عاما في سوريا.. وفي النهاية عزيزي المشاهد من هو برأيك صاحب المصلحة الحقيقية في مقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي؟