اهم الاخبار
الجمعة 07 مارس 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

عقول تائهة في دروب التأويلات المغلوطة .. وفهم قاصر لرسالة الإسلام

صيحات فكرية لـ علي الشرفاء تحذر من انحرافات بشرية تشوه أصل الدين .. مشروع اصلاحي القرآن فيه دستور الحياة

علي الشرفاء الحمادي
علي الشرفاء الحمادي

في خضم الأزمات التي تعصف بالعالم الإسلامي، وبين ضياع الحقيقة وسط ركام الفتن والتيه، يبقى القرآن الكريم النور الذي لا ينطفئ، والمنهج الذي لا يعروه اعوجاج، والهدى الذي لا تضل به القلوب ، هو كتاب الله الذي أنزله رحمة للعالمين، فيه شفاء لما في الصدور، وهداية للناس أجمعين، ودستور إلهي يحمل للبشرية قيم العدل والرحمة والسلام.

لكن، كيف تحوّل هذا النور إلى كتاب يُقرأ دون تدبر ؟ ، وكيف باتت آياته تُتلى دون أن تنعكس على السلوك والواقع ؟ ، أين اختفت رسالته السامية التي جاءت لتبني أمة قائمة على الحق، وتُخرج الإنسان من ظلمات الجهل والتناحر إلى نور الإيمان والإنسانية .

  • عقول تائهة في تأويلات مغلوطة

وعندما نغوص في رحاب الفكر المستنير، تتجلى امامنا مؤلفات ومقالات المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي كمنارات تهتدي بها العقول التائهة في دروب التأويلات المغلوطة والفهم القاصر لرسالة الإسلام ، إن كتابات الحمادي ليست مجرد أطروحات فكرية، بل هي صيحات وعي تستنهض الأمة من سباتها، داعيةً إلى العودة الصادقة للقرآن الكريم، لا كمجرد نصوص تُتلى، بل كمنهج حياة متكامل يحمل في طياته قيم العدل والرحمة والسلام.

  • انحرافات فكرية وتفسيرات بشرية

ومن خلال مؤلفاته العميقة الاثر والتأثير مثل كتب  " المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي " .. و " رسالة الإسلام " .. يسلط علي الشرفاء الضوء على الفارق الجوهري بين الإسلام الذي جاء به القرآن، والإسلام الذي شوّهته التفسيرات البشرية المليئة بالمغالطات والانحرافات الفكرية مؤكداً في كتاباته علي أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع الإلهي، وأن كل ما يخالفه من تأويلات أو روايات تاريخية لا يعدو كونه انحرافًا عن رسالة الله، التي جاءت لتحرر الإنسان من الظلم والاستبداد الفكري والديني.

  • معركة فكرية شرسة ضد التطرف 

مقالات ومؤلفات كثيرة، يخوض خلالها علي الشرفاء معركة فكرية شرسة ضد التشدد والتطرف، واضعًا منهجًا عقلانيًا لفهم الدين بعيدًا عن الخرافة والتعصب، حيث يدعو إلى استلهام القيم النقية من القرآن نفسه، الذي جاء ليؤسس لمجتمع متسامح، لا يطغى فيه إنسان على إنسان، ولا تُستغل فيه النصوص لتبرير القتل والعدوان والظلم حتي باتت كتاباته ليست مجرد تحليل فكري، بل مشروع إصلاحي متكامل يسعى إلى إعادة الإسلام إلى أصله النقي، حيث لا كهنوت، ولا وساطة بين العبد وربه، ولا أحكام مستمدة من هوى البشر، بل من كتاب أنزله الله ليكون رحمة للعالمين، لا لعنةً تتوارثها الأجيال باسم الدين .

  • الحل ليس في الشعارات الجوفاء 

كما تبرز رؤية الحمادي العميقة في حل سريع ينقذ الأمة ، حل لا يكمن في الشعارات الجوفاء، ولا في الغرق داخل متاهات الخلافات الفكرية، بل في العودة الصادقة إلى كلام الله القرآن الكريم، تدبرًا وفهمًا وتطبيقًا، فهو وحده السبيل إلى نهضة حقيقية تعيد للأمة عزّتها، وتضعها على طريق العدل والسلام ، فالقرآن هو نورٌ في دروب الظلام، ومنهجٌ رباني في حياة بشرية قاحلة ، فحين تتراكم الظلمات على القلوب، وحين تضيع الأمم في متاهات الضلال، يبقى نورٌ واحدٌ لا يخبو، وهُدى واحدٌ لا يزيغ، إنه كلام الله، المنهج الأزلي، والدستور الأبدي، والحل الأوحد لمن أراد الخلاص.

  • رمضان شهر الرسالة الإلهية

وها نحن في رمضان شهر الخير والبركات .. علينا الفهم بانه ليس شهر الصيام فحسب، بل هو شهر الرسالة الإلهية الخالدة، شهرٌ تنزّل فيه القرآن ليحرر العقول من الجهل ، والقلوب من القسوة ، والمجتمعات من الفوضى والظلم اذ يقول الله تعالى : " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ " .. صدق الله العظيم ، فليس الغرض من رمضان مجرد تلاوة القرآن، بل الغاية الأسمى هي التدبر والفهم الحقيقي لرسالة الله، والعمل بها، حتى تتحول التعاليم الإلهية إلى نمط حياةٍ متكامل يحكم السلوك والعلاقات والمجتمعات. 

  • القرآن الكريم دستور حياة

لذا دائما وأبداً تبرز رؤية الشرفاء الحمادي لتؤكد علي أن القرآن الكريم هو المرجع الأول والأخير لمن أراد النجاة من الضلال والشقاء ، فهو ليس مجرد نصوص جامدة، بل هو دستور حياة يحمل في طياته منهجًا متكاملًا لإصلاح النفس والمجتمع، كما بيّن الله في قوله تعالي : " فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى " .. صدق الله العظيم ، فحين يتجرد الإنسان من هدى الله، يقع في ظلمات التيه والضلال، حيث يقول عز وجل في محكم تنزيله : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا " .. صدق الله العظيم .

  • دعوة عملية لبناء مجتمعٍ متكاملٍ

إن التشريعات الإلهية جاءت لترسّخ قيم الرحمة والعدل والسلام بين البشر، وتدعو إلى التسامح، والتعاون، واحترام الحقوق، فالقرآن لا يفرّق بين الناس على أساس اللون أو العرق أو الطبقة الاجتماعية، بل يؤكد أنهم جميعًا إخوة في الإنسانية ، إن القرآن الكريم ليس كتابًا نظريًا، بل هو دعوة عملية لبناء مجتمعٍ متكاملٍ قائمٍ على القيم الإنسانية الراقية ومن أبرز هذه القيم : " تحريم الظلم بكل صوره، ووجوب العدل في القول والفعل .. تحريم أكل أموال الناس بالباطل، وضرورة الحفاظ على حقوق الأفراد والجماعات .. تحريم قتل النفس البشرية، وجعل الحياة أقدس القيم التي يجب صونها .. إغاثة الملهوف ومساعدة الفقراء والمحتاجين، باعتبار ذلك واجبًا أخلاقيًا وليس مجرد إحسان .. نشر المحبة والسلام بين الناس، ونبذ الحقد والغل والعداوة والبغضاء " .

  • أيديولوجيات مستوردة وقوانين وضعية

إن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم هو نتيجة الابتعاد عن نور القرآن، فالأزمات التي تعانيها المجتمعات الإسلامية من فقر، وظلم، وصراعات، وتمزق فكري، ليست إلا نتيجة طبيعية لترك هدى الله والانشغال بمتاهات الفكر البشري القاصر ، فإذا أرادت الأمة الخروج من ظلمات الفوضى إلى نور الاستقرار، فإن الحل لا يكمن في الأيديولوجيات المستوردة أو القوانين الوضعية الناقصة، بل في العودة الصادقة إلى القرآن، ليس بقراءته فقط، وإنما بتطبيقه في كل مناحي الحياة، وجعل تعاليمه المرجعية الأساسية في التعامل مع الأفراد والمجتمعات.

  • ميزان العدل الالهي يوم القيامة

وفي النهاية، فإن كل إنسان سيدرك يوم القيامة حقيقة ميزان العدل الإلهي، حيث لا فرق بين غني وفقير، حاكم ومحكوم، نبي أو سلطان، فالكل يقف بين يدي الله بلا امتيازات ولا محاباة، كما قال سبحانة وتعالى في كتابه الكريم : " وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون " .. صدق الله العظيم ، لذا فإن العودة إلى القرآن ليست خيارًا، بل ضرورة لإنقاذ البشرية من التخبط والضياع ، فالتنزيل الحكيم ليس مجرد كلمات تُقرأ، بل منهج يُطبّق، وهو البوصلة الحقيقية التي يمكن للأمة أن تستعيد بها مكانتها، واستقرارها، وسلامها الداخلي والخارجي .

وستبقي رسالة علي الشرفاء الحمادي لا لبس فيها ولا تأويل ، رسالة واضحة مفادها : ان حال الأمة لن ينصلح إلا إذا استقامت على منهج القرآن، وفهمته فهمًا عميقًا، وجعلته الموجّه الأول لسلوكها وتشريعاتها وعلاقاتها .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .