اهم الاخبار
السبت 04 يناير 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

"الطبيب المعجزة"..رغم الاقتباس تعرف على نقاط تفوق النسخة التركية على الأمريكية

مسلسل الطبيب المعجزة
مسلسل الطبيب المعجزة

حققت الحلقة اللأولى  من المسلسل التركي الجديد "الطبيب المعجزة" نسبة مشاهدة عالية جداً في تركيا، وصلت إلى 7.69، و هي النسبة التي لم يصل إليها، أي عمل تركي في الفترة الأخيرة منذ حلقته الأولى.

الجميع يعرف بالطبع أن مسلسل "الطبيب المعجزة" مأخوذ عن الأمريكي  The Good Doctor المُقتبس عن مسلسل كوري بنفس الاسم عُرض عام 2013، وبما أنني لست من هواة الدراما الكورية فلم أشاهد النسخة الكورية، لكن تميزت النسخة الأمريكية وحققت نجاحًا كبيرًا حتى أن عدد مشاهدات الحلقة الأولى التي تم عرضها في 25 سبتمبر 2017 قد تجاوز الـ 19 مليون مشاهد.

الطبيب العبقرى المصاب بمرض التوحد، إذا أردت أن تعرف كيف تميز مريض التوحد؟ فهو يثور وينكمش على نفسه إذا حاول أحدهم معانقته، يبدو جامدًا ولا يبالى بمشاعر الآخرين، لديه قدرات غير عادية و ذاكرة فتوغورافية هائلة  و قدرة رائعة على تذكر واسترجاع جميع المعلومات التي درسها بكلية الطب وتوظيفها جيدًا في علاج المرضى، يتكلم بأسلوب يشبه الرجل الآلي، يتجنب الاتصال بالعين، يكره الأسئلة، يتعلق بأشياء مهمة بالنسبة له إلى حد الهوس، يشعر بالحزن الشديد ويشعر بالعصبية إذا ماقام أحد بأي تغيير لحياته النمطية التي اعتاد عليها، لايتحدث بأريحية إلّا مع من يثق بهم كثيرًا، لديه مثابرة في تحقيق مايطمح له.

و لكن.. هل بإمكان طبيب يعاني من مرض التوحد أن يؤدي دوره كجراح، ويقوم بعمليات جراحية دقيقة دون التسبب في أخطاء فادحة، ويستطيع إنقاذ المرضى، على الرغم ما يعانيه من قصور بالتواصل الاجتماعي والانسجام والتعاطف؟

بالطبع القصة معروفة و لا تحتاج لشرح كثير فنتحدث في هذا المقال عن المقارنة بين أحداث النسخة الأمريكية و التركية.

أحداث الحلقة الأولى من المسلسل التركي رغم أن مدة عرضها ساعتان و هي تساوي ضغف مدة عرض الحلقة الأولى من المسلسل الأمريكي إلا أنها تقريباً التزمت بنفس الأحداث، حيث انقاذ علي (الطبيب المعجزة ) لأحد المصابين في المطار، و يتم تصوير العملية الجراحية، الأمر الذي يساعده في التعيين على الفور و لكن بشكل أكثر ذكاءً مما تم عرضه في المسلسل الأمريكي، حيث أن صاحبة المستشفى المادية التي لا يهمها أي شيء سوى مصلحتها الشخصية،  التي تجد الصحفيين على باب المستشفى يحاولون أخذ تصريح عن الطبيب العبقري الذي أجرى عملية جراحية أمام العامة، لتشعر أنه سيجلب لمستشفاها الشهرة و المجد فتوافق على تعيينه.

وُجدت بعض المشاهد التي تم استنساخها من النسخة الأمريكية، فيما وُجدت بعض المشاهد الاخرى التي اتسمت بالتجديد إلى حد ما كبير، و هذا بالطبع جيد و يصب في مصلحة المسلسل التركي.

تقريباً نفس الشخصيات المحيطة بالبطل في النسختين واحدة فمثلاَ نفس شخصية الطبيبة كلير بالمسلسل الأمريكي مقابلة تماماً بشخصية الطبيبة نازلي في النسخة التركية، فهي الشخصية المرهفة الحس الودودة و المحبوبة من الجميع و التي استطاعت التعامل مع علي و احتوائه بطريقة جيدة، و لكن ظهرت نازلي منذ الحلقة الأولى و هي تكن اعجاباً شديداً بالطبيب فرمان، و الذي بدا واضحاً في كلمات المدح التي تمطره بها دائماً و نظرات الغيرة كلما شعرت بعلاقته بصاحبة المستشفى و ارتباكها كلما اقترب منها للحديث معها حول أي شيء، فيما تم تصغير دور الطبيب  جاريد كالو و هو الشخصية المقابلة للطبيب أحمد ديمير و التي كانت تجمعه علاقة عاطفية مع الطبيبة كلير في أحداث الموسم الأول من المسلسل الأمريكي، و لكن تم التخلي عن هذا الجزء في أحداث المسلسل التركي ما اظهر تغير واضح في مسار العلاقات الشخصية و العاطفية التي ستجمع بين ابطال المسلسل.

و لم تتغير شخصية الطبيب غلاسمان عن شخصية الطبيب عادل الذي يكفل علي و يرعاه و توسط له للعمل في المستشفى على مسؤليته الشخصية.

فيما كان الاختلاف الأكبر في شخصية الطبيب فرمان و المقابلة لشخصية نيل ميلينديز المشرف  الطبي على الفريق، فتلك الشخصية في النسخة الأمريكية كانت مصدر رفض تام لعمل "شون" ضمن فريقه الطبي نظراً  لافتقاده لمهارات التواصل، و لكنه مع الوقت و بعدما اكتشف عبقرية "شون" بدأ يحترم قدراته الفائقة و يتقرب منه و يعلمه مهارات التواصل الاجتماعي مع الأخرين ليغطي النقص الشديد لديه، و لم يشعر بالغيرة منه أبداَ، و لكن الطبيب فرمان اظهر غيرة شديدة من الطبيب "علي" و رفض بشكل نهائي التعاون معه و تركه لاظهار قدراته، و طلب منه أن يقف بعيداً دون ان يلمس أي شيء، و بعد اصرار رئيس قسم الجراحة على مشاركة الطبيب علي في الجراحة كمساعد مثل البقية و قام بتوبيخ الطبيب فرمان، أمام فريقه المساعد على ما فعله في غرفة العمليات مع علي، بدأ فرمان يكن لعلي غيظاً شديداً و كرها كبيراً، ذلك بالطبع بعد أن أكتشف مهاراته الفائقة من طريقة انقاذه للطفل المصاب في المطار، و خوفه من منافسته أو أخذ مكانه في المستشفى، فيبدو أن تلك الشخصية ستكون هي مصدر اعاقة لعمل الطبيب علي في المستشفى و سيدبر له المكائد حتى يتخلص منه.

كانت النسخة الأمريكية رائعة بلا شك، لكن من وجهة نظري المتواضعة ان القصة تمحورت بشكل مُبالغ فيه حول شخصية البطل، بالطبع يجب أن تتمحور، لكن ليس لهذا الحد.

 نسبة التحمور حول البطل تُقاس بمدى تشابك المواقف والأحداث والحيَوات الجانبية للشخصية الثانوية، فكلما كانت متشابكة ومعقدة، كلما سحبت الأضواء رويدًا رويدًا من البطل، وبذلك تتكون الحبكة الدرامية المتزنة، لكن المسلسل الأمريكي قدم نوعًا من «تقاطع» المصائر، وليس تشابكها.

فيما بدا واضحاً تغلب النسخة التركية على هذا النقص الموجود في الحبكة الدرامية للمسلسل الأمريكي، فظهر تشابك العلاقات منذ الحلقة الأولى بشكل جيد و تعقيدها بالقدر الكافي الذي يجعل من جزء الدراما يتفوق على نظيره الطبي في المسلسل، فهناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المستشفى و امهر اطباء المستشفى فرمان و هناك حب من طرف واحد من الطبيبة نازلي تجاه الطبيب فرمان و الذي بدا واضحاً اعجاب جميع من يعملن في المستشفى  به بسبب مهارته و ذكائه و سرعة بديهته، فلا يمكن لأي موقف أن يفاجئه في غرفة العمليات، فضلاً عن وسامته الطاغية، و  هناك علاقة صاحبة المستشفى السيئة بزوجة والدها و الصراع الدائر بينهن في محاولة لكلاَ منهن الانفراد بادارة المستشفى، الكثير الكثير من العلاقات و الصراعات غير متوقعة النهاية و التي لا نعرف إلى أين ستأخذنا رغم اقتباس المسلسل من مسلسل آخر و هذا شيء جيد جداً بكل تأكيد.

كذلك كانت مشاهد الفلاش باك لحياة الطفل علي مؤثرة للغاية، و اذابت قلوب المشاهدين و كانت أفضل و أكثر تأثيراً من المسلسل الأمريكي، كما كانت مشاهد استعراض قدرات الطبيب علي في اجتماع مجلس ادارة المستشفى على لسان الطبيب عادل، و وصف حالته الطبية بشكل مفصل و دقيق للغاية جاء افضل من المسلسل الأمريكي.

بالنسخة الأمريكية كانت الأحداث تسير في شكل منفصل متصل كل حلقة جديدة تتحدث عن حالة مرضية جديدة و تخرج منها بمعلومات طبية جديدة بالفعل، لكن بدا الأمر غير ذلك في النسخة التركية التي لم تتعمق كثيراً في الحالات المرضية رغم عرضها بشكل مفصل في الوقت ذاته، ولكن بتقدم الحلقات سيتضح هذا الأمر أكثر.

المسلسلين التركي والأمريكي يناقشا قضية التنمر ، فرغم عبقرية الطبيب شون و مرضه الذي يُعد ميزة وليس عيباً، و ابتكاره حلولاً خلاقة لحالات مستعصية لا يفكر فيها الأطباء العاديين، إلا انه يواجه طريقة معاملة سيئة للغاية من المحطين به ، خاصة من زملائه الأطباء و الذين من المفترض انهم على ثقافة عالية و تحضر كافي يجعلهم يستطيعون احتوائه في التعامل، لكن مع الغيرة من قدراته الفائقة يكون التنمر هو الوسيلة الوحيدة لاحباط تلك القدرات، بدل من الوقوف بحانبها  و مساعدتها لانقاذ أرواح البشر و آلاف المرضى، لكن بوضع المصالح الشخصية في المقام الأول يذهب المرضى الذي اصبحنا أطباء من أجلهم للجحيم.

و نجحت احداث الحلقة الأولى حتى الآن في توصيل شعور المقت من الجميع لمدى الحقارة والدناءة التي تشبعوا بها يومًا بعد يوم، آلاف الحالات الشعورية اكتنفتني من مشهد للآخر دون هوادة، المشهد خلف المشهد، الذكرى خلف الذكرى، والدمعة خلف الدمعة تهبط لأسفل وتتبعها قريناتها في سيل لا ينتهي، كم لمستنى ذكريات فترة مراهقة البطل. حقًا شيء مؤلم أن يجعلك القدَر بهذا القدْر من العبقرية والتألق الفكري، لكن في نفس الوقت يُصيبك بشيء يصنفه البشر على أنه آفة، وبه تُعامل بغير آدمية أو ينظرون لك نظرات إشفاق، حقًا هذا مؤلم.

في الوقت ذاته المسلسل يعطي أملاً ليس فقط لمرضى التوحد ولكن لكل المختلفين الذين ينبذهم المجتمع بسبب اختلافهم حتى وإن كان ليس لهم يد فيه، إضافة إلى ما يبثه من تعاطف في نفوس الجمهور، لنتفهم أكثر طبيعة هذه الحالة ونحيط بمختلف جوانبها.

و نقدي الوحيد على المسلسلين الأمريكي  و التركي هو أن شخصية البطل تمثل فئة ضئيلة من حالات التوحد ذات متلازمة الموهوب التي تجعلهم متميزين، فغالبية الحالات يكون ذكائها عادي وأحياناً أقل من المعدل الطبيعي.

أخيرا أتحدث عن الأداء، حيث تألق الجميع في ادوارهم و ابتعدوا عن محاولة تقليد أداء الابطال في النسخة الامريكية، و أخص بالمدح الممثل تانر أولمز ، الذي أظهر قدرات تمثيلية مبهرة ، قد يكون تفوق على فريدي هايمور جسد تانر كل آمارات وتعابير الوجه والخلجات المُمثلة للمُصاب بالتوحد بالفعل وبدقة مدهشة.بالإضافة إلى الطفل الصغير أدين كولتش الذي لعب سنوات طفولة علي ، بأداء ناجح و مبهر طوال الحلقة، كذلك الفنان انور تونا الذي يلعب شخصية فرمان و الذي قدم أداءً  رائعاً و اظهر كمية غرور و تعجرف و غطرسة شديدة تجعلك تكره بالفعل.Image

بدأت الحلقة بشكل جيد وتدفقت الأحداث بتسلسل جيد ايضاً، و بدا واضحاً أن حرب الطبيب علي ستكون أصعب من نظيرتها مع الطبيب شون، خاصة مع طول حلقات المسلسلات التركية.

داليا محمد 

اقرأ ايضاً:

اقتباس المسلسل الامريكي “the good doctor” في نسخة تركية قريباً.. فهل سينجح؟

خالد ارغنتش يرفض عرض بـ 250 ألف ليرة اسبوعياً من أجل زوجته و أحد المعجبين : “انهم حقاً اسرة سعيدة”

“screen buzz” تنظم ورشة لتطوير السيناريو التليفزيونى والسينمائى بالسعودية