اهم الاخبار
الأحد 22 ديسمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

محمد السمالوسي يكتب: هذا الموقف أبكاني!

محمد السمالوسي
محمد السمالوسي

يسر الله لي بالاطلاع على كتاب ( الشكوى والعتاب لأبي منصور الثعالبي) … كتاب رائع ، فهو بمثابة حديقة غناء بكافة أنواع الزروع والثمار ، وثماره يانعة طازجة ، طمعها لذيذ ، وماؤها عزيز!

أثناء تصفحي وتضلعي من نهره العذب ، وموجه الهائج الذي يعلو بي فرحًا ، ويخفض بي توقا وشوقًا … قرأت موقفًا نبويًا أثر في جسدي ، ونمل فؤادي ، فقد وقفت معه متأملًا ومفكرًا! وتأثرت وبكيت لرحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالإنسان!

لا أخفيكم سرًا أنَّ الخطاب الدعوي من بعض الدعاة خطاب سطحي جاف يفتقد إلى الليونة، وإلى المعايشة الواقعية ، وإلى فهم السيرة النبوية ؛ لذا وقعت في حيرة من أمري إلا أنَّ الله قد فتح عليّ بأنّ ديني آخذه من الشرب الأول ، والسرب الناضج … فلما عدت للسيرة والحديث النبوي وحياة الصحابة … وجدت حياتهم بسيطة سعيدة ، وأنَّ التدين أمر يسير ليس كما يصور لنا بكل هذه الجفافية التي تفتقد إلى العلم بل أقرب للهوى ، فعلى سبيل المثال : من الدعاة من تسمعه وكأنَّ الدنيا لا شئ ، وكلامه دعك من الدنيا وتزهد فيها … والذي تفأجأت به هو أنَّ هذا الشيخ يعيش في فيلا ، ويملك عقارًا ، ويركب سيارة فارهة (رأيتها بعيني) ، ولديه مصنع منظفات … أخذت طيور الحيرة تحوم ، وأصبحت حيص بيص…. وأدركت أنَّ الأصل في اتباع القرآن وسنة النبي (صل الله عليه وسلم) وما عدا ذلك فهوم مشايخ أخذت منها أخذت ، تركت منها تركت … كما لا يضيرني سوء فعله ، كما لا ينفعني حسنه!

نعود إلى الموقف النبوي الذي سأذكره لكم بعد قليل ، ففي هذا الموقف نجد النبيُّ محمد ــ صل الله عليه وسلم ــ إنسانًا بمعني الكلمة ومدلولها ، ففيه الشعور بالآخر واحترام مشاعره ، ومساعدته ، والاهتمام بأيِّ إنسان مهما كان سواء كان عبدًا أو سيدًا ، كبيرًا أو صغيرًا …. وأجمل ما أعجبني وأبرهني وأثلج صدري ـ احترامه للرأي ولحرية الآخريين وتواضعه في قبوله!

ولعل في مقال قادم أتحدث عن ( الرأي والرأي الآخر في حياة الرسول (صل الله عليه وسلم)…
وازداد فرحي بالموقف عندما حاولت التثبت من صحة الأثر فقد وجدته صحيحًا… لا شك ستحبون الموقف وستحكونه لأصحابكم وأقاربائكم…..وإليكم…
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا، يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبَّاسُ، أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مغيث بَريرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغَيثًا» .فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ» ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا أَشْفَعُ» . قَالت: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
سنن النسائي وابن ماجه ، وقال عنه الألباني:صحيح