اهم الاخبار
الأحد 22 ديسمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

فيديو.. عبدالله السنوسي يتخلص من 1200 معتقل رأي في مجزرة سجن أبو سليم

ولماذا أحرق السنوسي الجثث وحولوها إلى رماد وماذا عرض القذافي على أهالي الضحايا

الوكالة نيوز

سجن أبو سليم الليبي.. هو أحد السجون الأكثر فظاعة ورعبا ليس في ليبيا  فحسب بل في المنطقة العربية كلها حتى أنه أطلق عليه إسم سجن الرعب وقد خصص هذا السجن لمعتقلي الرأي والسياسيين.

تم إنشاء سجن أبو سليم في عام 1984 في نطاق المساكن الشعبية بمنطقة بو سليم جنوب غرب العاصمة الليبية طرابلس بمساحة تتجاوز 30 هكتار وفي البداية كان سكنة عسكرية مخصصة لحبس العسكريين لكنه وبسرعة البراق تحول إلي سجن لمعتقلي الرأي السياسي لكن من يعارض السلطة الليبية. 

مع التدريج بدأت أعداد معتقلي سجن أبو سليم في الزيادة دون وجود محاكمات عادلة وكانت عمليات التعذيب التي تجري داخله في غاية الوحشية والقسوة حيث طالب الكثير بوجود محاكمات عادلة غير أن ذلك لم يتم الإستماع له حتى جاءت ساعة الصفر ووقعت الكارثة.

 مظاهرات داخل سجن أبو سليم

ففي ليلة 28 يونيو عام 1996 نظم السجناء السياسيين مظاهرات كبيرة داخل سجن أبو سليم للاعتراض على أوضاعهم داخل السجن وعدم وجود محاكمات عادلة لهم بالإضافة إلي وحشية التعذيب داخل السجن وبسرعة البرق بدأت عمليات قمع تظاهرات السجناء وتعذيبهم من جديد فقام السجناء باحتجاز إثنين من حراس السجن فما كان من باقي الحراس إلا أن فتحوا النيران على السجناء فسقط 6 سجناء قتلى بينما أصيب 20 آخرون.

طالب السجناء بالتفاوض مع الحكومة الليبية من خلال إرسال شخصيات رفيعة ورموز ليبية بارزة لإنهاء الاحتجاج والوصول إلي إتفاق وقد استجابت الحكومة الليبية في البداية وارسلت لهم المسؤول الحكومي البارز آنذاك عبد الله السنوسي رئيس المخابرات الليبية ومعه صهر معمر القذافي ليقابلوا 5 سجناء وقد عرض السجناء مطالبهم على الوفد الحكومي المتمثلة في وقف التعذيب وإجراء محاكمات عادلة للسجناء في أسرع وقت وتحسين جودة الطعام والشراب المقدم لهم داخل السجن بالإضافة إلي السماح بالزيارات الأسرية للسجناء والتي كانت ممنوعة تماماً قب ذلك.

وافق عبد الله السنوسي على كافة مطالب السجناء فيما عدا طلب واحد وهو اجراء محاكمات عادلة لهم قبل أن يقوموا بإطلاق سراح الحراس وبالفعل وافق السجناء هم أيضا على إطلاق الحراس وتم إخراج 120 حالة مرضية من السجناء خارج السجن ممن كانوا يعانوا من أمراض مزمنة داخل سجن أبو سليم يصعب علاجها وبدت الأمور وكأنها تسير نحو الانفراج والحل بعد سنوات من المعاناة لكنها كانت عكس ذلك تماما.

عمليات تصفية جماعية 

ففي صباح اليوم التالي وهو يوم 29 يونيو تم نقل السجناء من عنابرهم إلي ساحة السجن وفي تمام العاشرة صباحاً فتحت عليهم نيران الأسلحة الرشاشة لمدة ساعة كاملة وهو ما تسبب بسقوط مئات الضحايا وتمت عمليات تصفية جماعية للسجناء إستمرت لمدة يومين كاملين وقتل في هذه الأحداث أكثر من 1200 سجين رأي في سجن أبو سليم وكان المسؤول الأول عن تصفيتهم رئيس المخابرات الليبية عبدالله السنوسي.

تكتم النظام الليبي على المجزرة تماماً وتم نقل الجثث في سيارات لنقل البضائع واللحوم خارج السجن ليتم دفنهم في محيط العاصمة الليبية طرابلس بينما أعترف بعض المتورطين في المجزرة أن بعض الجثث تم حرقها تحت درجات حرارة كبيرة وذر رمادها في البحر ليتخلصوا منها.

بحلول عام 2001 بدأت الحكومة الليبية في إبلاغ أهالي الضحايا بموت ذويهم مع عدم تسليم الجثث وفقط كان يتم تسليمهم شهادة وفاة وهو ما تسبب بارتفاع الأصوات المطالبة بالكشف عن مصير السجناء وقد التقت منظمة هيومن رايس ووتش ببعض أهالي السجناء الذين قالوا أنهم كانوا يذهبون بالطعام والملابس لأقاربهم كل أسبوع دون أن يتمكنوا من مقابلتهم أو معرفة مصيرهم.

الرواية الرسمية للسلطات الليبية كانت تشير إلى أن السجناء أعلنوا تمردهم على سلطات السجن وقاموا باحتجاز شرطي داخل السجن، فقد قال سيف الإسلام القذافي حين كان يتولى ملف تسوية الحادثة أيام حكم والده- إن عملية القتل وقعت أثناء "مواجهة بين الحكومة ومتمردي" الجماعة الليبية المقاتلة.

وفي عام 2005 نجحت المنظمة في زيارة سجن أبو سليم بعد مفاوضات طويلة مع النظام الليبي بينما استمر نفي القذافي لوقوع المجزرة وازدادت عدد بلاغات الأهالي بعد معرفة مصير أبناءهم أو تسلم جثثهم وبدأوا بعمل وقفات احتجاجيه للتحقيق في الحادثة والمطالبة بتشريح الجثث إن وجدت لمعرفة أسباب الوفاة.

استراتيجية الإغراء المالي

قرر نظام القذافي إستخدام استراتيجية أخرى وهي الإغراء المالي حيث عرض على أهالي الضحايا الحصول على تعويضات مادية تصل إلي 96 ألف دولار للعازب ومبلغ 106 ألف دولار للمتزوج مقابل الصمت وعدم مقاضاة النظام الليبي سواء في ليبيا أو خارجها لكن الأهالي رفضوا المال وطالبوا بمحاكمة المسؤولين عن إرتكاب المجزرة وموت أبناءهم.

وعقب مماطلة كبيرة من النظام الليبي تم فتح تحقيق في القضية لمحاكمة بعض الرموز السياسية التي تورطت في المجزرة وتولى المحامي الليبي فتحي تربل قضية الدفاع عن الضحايا وهو من بينهم حيث فقد أحد اشقاءه وابن عمه وزوج شقيقتة في مجزرة سجن أبو سليم ولكن السلطات الليبية قررت إعتقاله في يوم 15 فبراير عام 2011 قبل قيام أحداث ليبيا بيومين فقط حيث تحول احتجاجه إلي شرارة زادت في اشتعال الأحداث في ليبيا وهو ما تسبب بإطلاق سراحه وبعدها سقط النظام الليبي ومعه العقيد القذافي.

وحتى الآن لا تزال قضية مجزرة سجن أبو سليم مفتوحة حتى يومنا هذا ويحاكم فيها عبدالله السنوسي المعتقل في موريتانيا.