بأقلامهم
عوض العدوي يكتب: أمريكا ومساعي إجهاض محاكمة قادة إسرائيل أمام الجنائية الدولية
يبدو ان هناك مخطط أمريكى لانشاء محكمة عالمية شعبية لحقوق الانسان، المخطط الجديد تنفذه منظمة سينما من أجل السلام بألمانيا، هدف المحكمة المقترحة محاكمة حماس بسبب أحداث 7 اكتوبر.
ومع تزايد المطالب الدولية لقيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين ومحاكمتهم بجرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة ضد الشعب الفلسطيني، والتي أسفرت حتى الان عن قتل أكثر من 13 الف مواطن ومواطنة من بينهم 7000 طفل وامرأة واصابة أكثر من 30 الف مواطن فلسطيني بعضهم اصاباته خطرة جدا وفقد اعضائه واطرافه وبصره.
وانتقلت هذه الدعوات من مجرد بيانات وتصريحات ومطالب في أجهزة الاعلام العالمية والمحلية والاقليمية الى أرض الواقع من خلال شكاوي وقضايا قدمت الى المحكمة الجنائية الدولية وصلت الى اكثر من 19 قضية ابرزها واشهرها الشكوى التي قدمها رئيس جنوب افريقيا ضد اسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين وايضا الشكوى التي قدمها اتحاد المحامين العرب والشكوى التي قدمها نادي الأسير الفلسطيني وأيضا الشكوى التي قدمها احمد الفضالي رئيس هيئة الشبان العالمية والتي كانت من قبل هيئة الشبان المسلمين وايضا الشكوى التي قدمها المستشار جمال التهامي رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة بمصر والعديد من الشكاوي والقضايا الاخرى امام المحكمة.
منظمة سينما من أجل السلام
وفجأة وبدون سابق إنذار وبهدف إجهاض هذه المحاولات والقضايا واتاحة الفرصة أمام قادة اسرائيل للافلات من العقاب أمام المحكمة الجنائية الدولية ظهر في الأفق وخاصة من ألمانيًا ومن جانب منظمة تدعى سينما من أجل السلام وهي منظمة مقربة من الاوساط اليهودية على مستوى العالم وايضا مقربة من مصادر صنع القرار في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
حيث أطلقت هذه المنظمة دعوة لانشاء محكمة عالمية مستقلة للنظر في القضايا التي لا تتمتع المحاكم الرسمية باي ولاية قضائية عليها واعطاء الضحايا والمدعين الفرصة لرفع دعاوي امام هذه المحكمة ضد قادة وانظمة الدول التي تتمتع بالافلات من العقاب، ورغم ان ظاهر هذه الدعوة هي العدل والمساواة ونصرة المظلوم الى ان باطن هذه الدعوة هو نصرة الباطل والوقوف الى جانب الظالم وليس نصرة المظلوم خاصة ان اصحاب هذه الدعوة لم يذكروا اسرائيل من قريب او من بعيد.
ولكنهم ركزوا سهامهم على بعض الدول في مقدمتها جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية السورية والمملكة العربية السعودية، هذه هي القائمة الاولية التي اوردتها هذه المنظمة في دعوتها لانشاء محكمة عالمية مستقلة لحقوق الإنسان ومنظمة سينما من اجل السلام هي منظمة سياسية في المقام الاول وموالية للولايات المتحدة الامريكية وتنفذ مخططاتها وتروج لافكارها وبررت هذه المنظمة الدعوة لانشاء هذه المحكمة بان المحكمة الجنائية الدولية هناك حق النقض الذي يسمح بافلات المتهمين وايضا الافتقار الى الولاية القضائية، كما ارجعت منظمة سينما من اجل السلام هذه الدعوة الى ان لديها اكثر من 2000 فيلم على مدى 20 عام تغطي الادلة على جميع انواع انتهاكات حقوق الانسان في الدول الخمسة التي ذكرتها.
الهدف الخفي من وراء دعوة منظمة سينما من أجل السلام
ولم تتضمن هذه القائمة ذكر إسرائيل من قريب أو بعيد رغم حجم انتهاكات حقوق الانسان التي ترتكبها وارتكبتها إسرائيل منذ انشائها وحتى الآن فالهدف الخفي من وراء هذه الدعوة التي تتبناها منظمة سينما من أجل السلام هو فتح الطريق أمام تقديم شكاوي وقضايا ضد الفلسطينيين سواء حماس او السلطة الفلسطينية بسبب ما حدث في السابع من اكتوبر وبسبب قتل اكثر من 1400 اسرائيلي وخطف اكثر من 300 اسرائيلي بواسطة المقاومة الفلسطينية المنتمية لحركة حماس، والمحت تلك المنظمة في بعض الاوراق التي روجتها وقدمتها ان هناك جرائم حرب ارتكبتها روسيا وسوريا والسعودية وهناك انتهاك لحقوق الامم والشعوب وقعت في الصين ضد هونج كونج والتبت وتركستان الشرقية وجنوب منغوليا كما هناك سجن تعسفي وتعذيب وقتل واعدام وغيرها من الاتهامات التي وجهتها الى روسيا وما حدث في شبه جزيرة القرم.
وذكرت منظمه سينما من أجل السلام ان جلسة المحكمة المزمع انشائها سيرأسها قاضي خبير أو لجنة من القضاة الخبراء وسيكون القضاة والمحامون المشاركون في المحكمة محترفين من جميع أنحاء العالم وسيتم منح الشهود الفرصة لتقديم الادلة وتتالف لجنة التحكيم او هيئة المحكمة من 12 عضوا مستقلا نصف الاشخاص عاديين من جميع انحاء العالم والنصف من الشخصيات البارزة مثل الحائزين على جائزه نوبل وبالتاكيد فان الشخصيات الذين سيتم اختيارهم في هيئة المحكمة سيتم اختيارهم بواسطة اجهزة المخابرات سواء في الولايات المتحدة الامريكية او الدول الاوروبية وهم اشخاص ينتمون بالولاء الى تلك الدول وينفذون تعليمات هذه الدول وسوف تاتي اليهم الاحكام جاهزة للنطق بها فقط.
وقد بدات التحركات الفعلية لتنفيذ هذا المخطط الشيطاني من خلال التواصل مع شخصيات يهودية واسرائيلية داخل اسرائيل وخارجها وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول لحثهم على تقديم شكوى ضد حماس والسلطة الفلسطينية واتهامهم بالارهاب وارتكاب جرائم حرب ضد الاسرائيليين في المستوطنات التي تم مهاجمتها يوم 7 اكتوبر في غلاف غزة وبهدف التغطية على القضايا والشكاوي المقدمة للمحكمة الجنائية الدولية ضد قادة اسرائيل من جانب عدد كبير من المنظمات الدولية وبعض الدول مثل جنوب افريقيا.
سياسة القطب الواحد
وتكشف القراءة الاولية لفكرة هذه المحكمة والتركيز على خمس دول فقط وهي جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية وكوريا الديمقراطية الشعبية وسوريا والمملكة العربية السعودية ان التوجه العام لهذه المحكمة ليس هدفه سيادة القانون وحماية حقوق الانسان ولكن هدفه تنفيذ سياسة القطب الواحد وهي السياسة التي تعارضها هذه الدول بشكل كبير باستثناء السعودية التي ترتبط بعلاقات وثيقه مع الولايات المتحدة الامريكية.
وربما تم وضع السعودية في هذه القائمه للتغطية على الاسباب الخفية لهذه المحكمة كما تم الدفع باسم منظمة سينما من اجل السلام دون غيرها من المنظمات السياسية بهدف الايحاء بان هذه الدعوة لانشاء محكمة عالمية مستقلة هو ليس هدفا سياسيا بل هدفا قانونيا وقضائيا ولهذا تم اختيار هذه المنظمة والتي لها سوابق من قبل في انتاج وترويج افلام شعارها سياسي سواء ضد روسيا بسبب الحرب الروسية الاوكرانية.
ونحن إذ نلمح الي هذه الوقائع وهذا المخطط الشيطاني لانشاء محكمة شعبية لحقوق الانسان نؤكد ان المحكمة الجنائية الدولية تعمل وفقا لميثاق الامم المتحدة وهي المحكمة الوحيدة التي لها حجية قضائية والتي لا تنفذ تعليمات الولايات المتحدة الامريكية واوروبا وتتصدى بكل صدق وامانه لانتهاكات حقوق الانسان في العالم دون النظر الى الانتماءات السياسية للمتهمين او لمقدمي الشكاوي والدعوات القضائية.
فعلى شعوب العالم قبل الحكومات التصدى لهذة الدعوة واسقاطها وفاءاً لأرواح الشهداء الذين سقطوا فى غزة ودماء الأطفال التى سالت على أرض غزة وصرخات الامهات التى ضاعت تحت أصوات القنابل والصواريخ الامريكية.