الفن
موسم الدراما التركية..تعددت المسلسلات و القصة واحدة
الدراما التركية ..من المعروف عادةً أنه حين تنجح قصة في الدراما التركية تصبح مقررة على الجمهور كل موسم، و كثيراً ما تشهد القصة ذاتها النجاح ذاته رغم أنه لا يتغير بها أي شيء سوى وجوه الأبطال، إلا أن التفاصيل ذاتها و الأحداث ذاتها دون تغيير، لدرجة تكرار المشاهد ذاتها بنفس زوايا التصوير، حتى أصبح الجمهور متوقعاً لكل أحداث المسلسل مهما حاول الكاتب التجديد في صياغة الحدث.
و قليلاً ما تنجو بعض المسلسلات التركية من فخ التكرار هذا و تقدم جديد يلفت انظار المشاهدين، و يستطيع جذبهم للمتابعة، و يحقق النجاح في الوقت ذاته، حيث أن المشاهد التركي لا يحب تغيير نمط الأحداث و عادةً ما يحب التكرار، و لا تجذبه المسلسلات ذات الأفكار الجديدة و البراقة.
الدراما التركية :
و غالباً ما تكون الافكار التي تلقى رواجاً و انتشاراً و قبول لديهم هي المسلسلات التي تتحدث عن قهر المرأة و تعنيفها ، أو تزويجها قسراً و قصص الحب المكررة، و لكن هذا الموسم شهد تغير كبير في نوعية الاعمال التي حققت نسب مشاهدة عالية و مرتفعة، حيث تكررت فكرة واحدة في أربع مسلسلات حتى الآن، و جميعهم حقق نجاح كبير و متصدر لنسب المشاهدات.
فبدأ الموسم بمسلسل "طيور النار" الذي دارت أحداثه عن فتاة مفقودة من عائلتها و والدها يبحث عنها لـ 22 عام بعد أن تم اختطافها و هي مازالت رضيعة، و حقق المسلسل نجاح كبير في حلقاته الأولى حتى توقف عرضه لفترة بسبب أحداث الزلزال في تركيا، و بعد عودته تراجعت نسب مشاهداته كثيراً ، خاصةً مع المط و التطويل و الحشو الزائد، و لكنه مازال مستمراً في موسمه الثاني بسبب ما حققه من نجاحات في البداية ما جعل عليه اقبال كبير من عدة دول لشرائه.
الدراما التركية :
ثم بدأ عرض مسلسل "المتوحش" الذي دارت أحداثه في نفس الاطار و القصة، بعد ان فقدت عائلة ثرية أحد ابنائها و تم اختطافه أيضاً، و بعد أكثر من 20 عام عثر الطفل بالصدفة عليهم، و بعد تحليل الحمض النووي نكتشف انه ابن الأم و ليس من الأب، لينكشف سر الأم الخائنة بعد حادثة فقدان ابنها و العثور عليه.
و حظى مسلسل “المتوحش” بنجاح كبير و تصدر لنسب مشاهدات يوم عرضه، ثم بدأ عرض الموسم الثالث من المسلسل الأقوى منذ ثلاث مواسم و هو مسلسل "القضاء"، الذي نال شهرة عالمية كبيرة و تم اقتباسه و تقديم نسخة يونانية منه رغم عرضه الذي مازال مستمراً، حيث دارت قصته حول الطفلة المفقودة ذات الـ 24 شهراً، و التي تم اختطافها من قبل امرأة مهووسة بالأطفال لأنها لا تنجب، و بعد عامين يتم العثور على الطفلة و تعود لأحضان عائلتها الحقيقية، و لكنها تعاني من الفتور معهم و تشعر بالغربة و عدم الانتماء، و يواصل مسلسل القضاء تحقيقه لأعلى نسب المشاهدات و كذلك حقق شهرة عالمية كبيرة و نال جائزة الأيمي الدولية كأفضل مسلسل عالمي.
الدراما التركية :
و أخيراً بدأ مؤخراً عرض مسلسل "رائحة الصندوق" الذي تدور أحداثه في فلك مشابه تماماً لقصة مسلسل "القضاء" حيث الطفل الذي فقدته والدته في عمر الـ 3 سنوات، و الذي تم اختطافه من قبل امرأة فقدت طفلها حديثاً، و بعد ثلاث سنوات من العناء و البحث و الأمل، تعثر الأم على طفلها، و لكن أشقائه يغارون منه، كون الأم تهتم به بشكل زائد بعد العثور عليه، و يحقق المسلسل نسب مشاهدات مرتفعة في حلقتيه الأولى و الثانية حتى الآن.
فالقصة نفسها معادة و مكررة في أكثر من عمل أجنبي حول العالم، فهل تكرار نفس القصة في موسم واحد بهذا الشكل و عرضها بأكثر من زاوية، ما هو إلا افلاس فكري و فقر ابداعي أم هو مجرد محاولة لتقديم لارضاء الجمهور التركي و ما يحقق أعلى نسب المشاهدات بعيداً عن كونه فريد من نوعه أو مكرر آلاف المرات، و لكن من وجهة نظري أن الأمر متعلقاً بنوع من الفقر الفني أكثر، فصحيح أن الجمهور التركي نمطي جداً و يميل لتكرار الفكرة أكثر من المغامرة لمتابعة عمل جديد بفكرة مختلفة.
الدراما التركية :
و لكن ما تشهده الدراما التركية في السنوات الماضية ما هو إلا فقر ابداعي بكل المقاييس، خاصةً و أن أغلب قصص المسلسلات في السنوات الماضية مقتبسة من أعمال و مسلسلات أجنبية من الأساس، و قليلاً ما تجد عملاً ذو فكرة أصلية و براقة، في حين أن مسلسل مثل "القضاء" و هو يعتبر دراما مختلفة عن ما هو معتاد في الدراما التركية، إلا انه حقق نجاح كبير و يواصل نجاحه على مدار ثلاث مواسم متتالية، و كذلك مسلسل "زهرة الثالوث" الذي حقق نجاحاً هائلاً و هو فكرة أصلية مأخوذة من رواية شهيرة، و مسلسل "العشق الممنوع" الذي حقق نجاح باهر و هو أيضاً فكرة أصلية و مأخوذ عن رواية شهيرة، و كذلك مسلسل "فاطمة" و "على مر الزمان" و "أنت وطني" كل هذه أعمال ناجحة و بأفكار اجتماعية مختلفة و ليست بها أي ابتكار قد يجعل المشاهد ينفر من المتابعة، بل كان الجديد بها هو التناول الجيد و السرد المختلف و المشوق و البناء الدرامي المحكم.