محمد السمالوسي يكتب: رحلة إلى واحة سيوة.. بين الجمال والتحديات

بين أحضان الصحراء وتحت لهيب الشمس الحارقة، كانت رحلةً مليئة بالتجارب والتحديات التي لا تُنسى إلى واحة سيوة، بدعوة كريمة من صديقي المهندس حمدي راضي للمشاركة في كامب سيوة الذي نظمته جمعية هدى المصطفى للأعمال الخيرية في الفيوم.

تعد هذه الجمعية واحدة من المؤسسات الرائدة في العمل الخيري، وحققت إنجازات كبيرة في تقديم الدعم والمساعدة لأهالي سيوة، مما جعلها نموذجاً يحتذى في العمل الخيري على مستوى الجمهورية.

واحة سيوة

في سيوة، وعلى مدار أيام تواجدنا هناك، كانت تجربتنا مليئة بالمفاجآت واللحظات التي تستدعي التأمل. لقد شهدنا عن كثب تفاصيل الحياة اليومية والمجتمع السيوي الذي يتميز بخصوصياته وتقاليده العريقة.

من أولى الملاحظات التي لفتت انتباهنا هي مسألة المهر. في سيوة، يبلغ المهر حوالي 30 ألف جنيه، ولكن لا توجد قائمة بمهر محدد أو ثابت، مما يعكس حرية ومرونة في التعاملات الاجتماعية.

وسائل النقل في سيوة تعتمد بشكل رئيسي على التروسكلات، وهو ما يبرز الحاجة إلى تحسين بنية المواصلات، خاصةً وأن سيوة أصبحت وجهة سياحية بارزة. إن توفير وسائل مواصلات حديثة سيكون له دور كبير في تحسين حياة السكان وتعزيز السياحة في المنطقة.

أما عن توزيع الأراضي، فهي ميزة فريدة حيث يتم منح كل شاب يبلغ من العمر 18 عاماً قطعة أرض مساحتها 400 متر لبناء منزله، مما يعكس اهتمام المجتمع بتوفير سبل الاستقرار والرفاهية للشباب.

فيما يتعلق بالبنية التحتية، فالشوارع الجانبية في القرى تمتد لأكثر من 10 أمتار، بينما الشوارع الرئيسية تزيد عن 20 متراً، وهو ما يعكس النظام والاهتمام بتنظيم الحياة اليومية.

لقد لاحظنا أيضاً الحشمة والاحترام الكبير الذي يُظهره أهالي سيوة تجاه النساء، حيث ترتدي النساء ملابس محتشمة، وتُحاط المنازل بستائر وأسوار للحفاظ على الخصوصية.

لكن، من الأمور التي أثارت اهتمامنا أيضاً كان الزواج المبكر وتعليم الفتيات حتى المرحلة الإعدادية فقط، وهو ما يثير تساؤلات حول فرص التعليم والتقدم للفتيات في المجتمع السيوي.

تقدير شيخ القبيلة كمرجعية أمنية واجتماعية يعكس عمق الروابط القوية التي تجمع أفراد المجتمع، بينما يبرز أيضاً التحدي في تحسين الطريق بين مرسى مطروح وسيوة، الذي يحتاج إلى تطوير لتسهيل حركة النقل وتلبية احتياجات السكان والزوار.

لقد التقيت برجل فقير جداً، متزوج من زوجتين وله 13 طفلاً، وهو مثال على التحديات التي يواجهها البعض في ظل الفقر والتعدد، وهو ما يتطلب من الدولة توفير الدعم والمساعدة.

فيما يخص المياه الجوفية، فهي وفيرة ولكنها تحتوي على نسبة ملوحة، لذا فإن إنشاء محطات لتحلية المياه وبيعها بأسعار رمزية سيكون له أثر إيجابي كبير على حياة السكان.

كما أن وفرة النخيل والزيتون في سيوة تعكس أهمية الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، فيما يعاني الأهالي من نقص في الكوادر الطبية بسبب البعد الجغرافي.

إن توفير أطباء للمستشفى وتشكيل قوافل طبية دورية سيكون له دور كبير في تحسين الرعاية الصحية في المنطقة.

ومن الضروري أيضاً تزويد المنطقة بخدمة إسعاف طائر للاستجابة السريعة للحالات الطارئة.

وفي الختام، فإن رحلة سيوة لم تكن مجرد تجربة سياحية، بل كانت رحلة استكشاف حقيقية لمجتمع يمتاز بتقاليده وقيمه الفريدة، ومع ذلك يواجه تحديات كبيرة تحتاج إلى دعم وتطوير.

إن التعاون بين المؤسسات والجمعيات الخيرية والدولة سيكون له أثر كبير في تحسين الحياة في سيوة وتعزيز رفاهية أهلها.

محمد السمالوسي يكتب: التحكيم العرفي بين الماضي والحاضر.. أزمة ثقة وسبل الإصلاح

محمد السمالوسي يكتب: كيف يُفكر عقل الإنسان الريفي؟