اهم الاخبار
الخميس 21 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

منوعات والمرأة والطفل

محمد السمالوسي يكتب: التحكيم العرفي بين الماضي والحاضر.. أزمة ثقة وسبل الإصلاح

الوكالة نيوز

كان التحكيم العرفي على مدى عقود ركيزة أساسية لتحقيق العدالة في المجتمعات الريفية والقبلية. 
فهو الآلية التي يستند إليها الناس لفض المنازعات والخصومات، حيث يُنظر إليه باعتباره بديلاً عن القضاء الرسمي، لما يتمتع به من قدرة على تهدئة النفوس وتطهير القلوب من نيران الانتقام، وتقديم حلول يقبل بها الطرفان المتنازعان، استنادًا إلى قناعة كل خصم أن حقه قد وصل.

غير أن السنين الأخيرة شهدت انحرافًا في مسار هذا النظام، حيث ظهرت على الساحة شخصيات تفتقر إلى المؤهلات الأخلاقية والشرعية اللازمة لتولي مهام التحكيم.

هذه الشخصيات تمكنت من السيطرة على مجالس التحكيم العرفي عبر المجاملات والعلاقات الزائفة، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة في هذا النظام.

في الأصل، يجب أن يكون المحكم العرفي قاضيًا نزيهًا، يتسم بالتقوى والذكاء والحياد. عليه أن ينظر إلى كل قضية بعين المساواة، وأن يعمل على إعطاء الحق للضعيف دون أن يخشى نفوذ القوي، لكن بعض المحكمين اليوم أصبحوا أدوات للمال والنفوذ، يتلقون الأموال والرشاوى، ما أفقدهم مصداقيتهم لدى العامة.

هذا الفساد أفرز أحكامًا عرفية غير مقبولة، ما أدى إلى تصاعد الصراعات في المجتمعات الريفية، حيث أصبح الناس يضربون بهذه الأحكام عرض الحائط.

روشتة لإصلاح القضاء العرفي

لإصلاح التحكيم العرفي واستعادة الثقة فيه، أرى أنه من الضروري اتخاذ خطوات جادة على النحو التالي:

أولاً: تأسيس أكاديمية للتحكيم العرفي

إن تأسيس أكاديمية مختصة لاختيار وتأهيل المحكمين العرفيين يمثل خطوة محورية في تحسين هذا النظام.

يجب أن تتبنى الأكاديمية معايير واضحة لاختيار المحكمين بناءً على الدين والأخلاق والعقل الراجح، مع إخضاعهم لتدريب مكثف في المجالات الشرعية والقانونية والأعراف المحلية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يمر المحكم بفترة معايشة مع محكمين مخضرمين لتعلم أساليب التحكيم السليم.

ثانيًا: إنشاء هيئة رقابة على التحكيم العرفي

من الضروري أن يتم إنشاء هيئة رقابة مستقلة لمراقبة عمل المحكمين، والتأكد من نزاهة الأحكام الصادرة.

هذه الهيئة يجب أن تكون مسؤولة أيضًا عن تلقي شكاوى المواطنين وإعادة النظر في أي أحكام عرفية يشوبها الشك.

ثالثًا: إصدار كتاب دوري يوثق الأحكام العرفية

إصدار كتاب سنوي يوثق الأحكام العرفية الصادرة يمكن أن يكون بمثابة مرجع للأجيال القادمة.

هذا الكتاب سيساعد المحكمين الجدد على الاستفادة من تجارب السابقين، ويعزز من مصداقية هذا النظام.

من خلال هذه الإجراءات، يمكن إعادة الثقة في التحكيم العرفي، وضمان تحقيق العدالة في المجتمعات الريفية، بعيدًا عن تسلق الفاسدين الذين يشوهون صورة هذا النظام ويحطمون استقراره.

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء