الصهيونية | أخطبوط يلتهم الوطن العربي .. اخطر مخطط للهيمنة وتفكيك الدول العربية
نجحت في إعادة تشكيل الوعي وتحولت من مشروع استيطاني إلى استعمار فكري .. رؤية تحليلية في فكر علي الشرفاء

على مدار أكثر من قرن، شكلت الصهيونية واحدة من أكثر الحركات السياسية تأثيرًا في المشهدين الإقليمي والدولي، خصوصًا فيما يتعلق بالعالم العربي فمنذ تأسيسها كحركة قومية تهدف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لم تكن الصهيونية مجرد مشروع استيطاني، بل امتدت لتكون أداة جيوسياسية استخدمتها القوى الكبرى لتقسيم المنطقة العربية وإضعافها.
- مشروع فكري لـ علي الشرفاء
ولعل ما يطرحة المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي ، من رؤي ومقترحات ودراسات فكرية في هذا السياق ، تعد بمثابة مشروع فكري يستحق النظر اليه بعمق ودرس وفهم لمعرفة كيفية التصدي والمواجهة لهذا الخطر الذي يفترس الجسد العربي ، فاليوم وبعد عقود من المواجهة لهذا المشروع الصهيوني اكتشفنا أن أثره لم يقتصر على احتلال الأرض، بل امتد ليشمل تفكيك المجتمعات العربية من الداخل، من خلال سياسات التجزئة، وإثارة الصراعات الداخلية، وإعادة تشكيل الوعي العربي بما يخدم المصالح الصهيونية.
- نشأة الصهيونية .. بذرة شيطانية
وبالعودة للوراء لمعرفة جذور تلك الفكرة الشيطانية سنجد انها تأسست في أواخر القرن التاسع عشر كحركة قومية يهودية، هدفها الرئيسي إقامة “دولة يهودية” في فلسطين. وقد حظيت بدعم القوى الاستعمارية، خصوصًا بريطانيا، التي أصدرت وعد بلفور عام 1917، ثم الولايات المتحدة لاحقًا، مما ساعد على تحقيق المشروع الصهيوني عام 1948 بقيام دولة إسرائيل.
لكن، ما كان يبدو مشروعًا قوميًا ضيق الأفق سرعان ما تحول إلى أداة إستراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة العربية بما يخدم الأجندة الصهيونية. ولم يكن ذلك ممكنًا لولا تفعيل مجموعة من السياسات التي استهدفت المجتمعات العربية من الداخل.
- دعم النزاعات الطائفية والعرقية
وعندما نتعمق بالبحث والقراءة في مشروع علي الشرفاء الحمادي الفكري ورؤيته حول آليات الصهيونية في تفكيك المجتمعات العربية سنجدها ترتكز علي عدة محاور :
أولها .. دعم النزاعات الطائفية والعرقية : اذ تعمل الصهيونية على استغلال التنوع الديني والطائفي والعرقي في العالم العربي لتأجيج الصراعات الداخلية من خلال دعم جماعات متطرفة، وتمويل حركات انفصالية، وساهمت الصهيونية في خلق بيئات من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، ما أدى إلى انهيار دول بكاملها مثل العراق وسوريا وليبيا.
- الهيمنة الإعلامية وإعادة تشكيل الوعي
وثانيها .. الهيمنة الإعلامية وإعادة تشكيل الوعي العربي : فقد امتدت الإستراتيجية الصهيونية إلى السيطرة على وسائل الإعلام والمنصات الثقافية العالمية، حيث جرى التلاعب بالرأي العام العربي عبر ضخ مفاهيم مشوهة عن الهوية والقومية والمقاومة، بهدف خلق أجيال مشوشة، فاقدة للانتماء، وأكثر قابلية للتطبيع مع إسرائيل.
- إنهاك الاقتصادات العربية
وثالثها .. استنزاف الاقتصاد العربي : وذلك عبر الحروب المتكررة، والعقوبات الاقتصادية، والتدخلات الدولية، سعت الصهيونية إلى إنهاك الاقتصادات العربية، ما جعلها أكثر ارتهانًا للمساعدات والقروض الدولية. كما دعمت سياسات تسهم في إبقاء الدول العربية في حالة من التبعية للاقتصاد الغربي، مما حدَّ من قدرتها على تحقيق تنمية مستقلة.
- إضعاف الانتماء القومي
ورابعها .. تفكيك النظام التعليمي والثقافي : لم تغفل الصهيونية عن أهمية التعليم والثقافة في تشكيل الوعي، فعملت على الترويج لمناهج دراسية تضعف الانتماء القومي والوطني، وتروج لفكرة “السلام مع إسرائيل” كخيار استراتيجي، بدلًا من التركيز على الحقوق التاريخية للشعوب العربية.
- تفكك وتشرذم غير مسبوق
اما عن النتائج والتداعيات لهذا الخطر الصهيوني ، فقد نتج عن هذه السياسات حالة من التفكك والتشرذم غير المسبوق داخل العالم العربي، يمكن تلخيص أبرز مظاهرها في النقاط التالية:
1- تراجع مفهوم القومية العربية: حيث أصبح الانتماء القطري والعرقي والطائفي أكثر حضورًا على حساب الهوية العربية الجامعة.
2- زيادة الصراعات الداخلية: أدى دعم الجماعات المتطرفة والانقسامات الطائفية إلى انهيار دول، وتحويلها إلى ساحات حرب مفتوحة.
- التبعية وتفكيك القضية الفلسطينية
3- التبعية الاقتصادية والسياسية: جعلت السياسات الصهيونية معظم الدول العربية أكثر اعتمادًا على الدعم الخارجي، ما أدى إلى تراجع استقلالية القرار السياسي.
4- تفكيك القضية الفلسطينية: بعد أن كانت القضية الفلسطينية هي محور الصراع العربي-الإسرائيلي، جرى تحويلها إلى قضية إنسانية محصورة في المساعدات، بدلًا من كونها قضية تحرر وطني.
- معركة استعادة الوعي العربي
وامام هذا الخطر المتصاعد الذي يلتهم جسد الامة العربية يبرز علي السطح سؤال ملح .. هل يمكن مواجهة التفكيك ؟
وتبرز الإجابة عن هذا التساؤل بشكل اكثر عقلانية ومنطقية خلال مقترحات ورؤي علي الشرفاء الحمادي وما قدمة ويقدمه الي المكتبة الفكرية العربية من كتابات ومؤلفات عميقة الاثر والتأثير ، ورغم أن الصهيونية نجحت في تحقيق جزء كبير من أهدافها في تفكيك المجتمعات العربية، إلا أن المواجهة لم تنتهِ بعد ، اذ يكمن الحل في استعادة الوعي العربي بمخاطر هذه الإستراتيجيات، وإعادة بناء منظومة فكرية وثقافية تقوم على تعزيز الهوية العربية والإسلامية، ودعم الوحدة، والتمسك بالحقوق التاريخية، بدلًا من الانسياق وراء مخططات التفكيك.
- مشروع نهضوي يستعيد المكانة
وبات العالم العربي اليوم بحاجة ماسة إلى مشروع نهضوي يواجه التحديات الصهيونية، ويعيد للأمة وحدتها وقوتها، لأن بقاءها متفرقة ليس مجرد خطر سياسي، بل تهديد وجودي لمستقبلها .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .