اهم الاخبار
الجمعة 22 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

مريم الكعبي تكتب: الحرية غطاء جرائم العصر الأخلاقية.. شاهت الوجوه وعميت الأبصار!!

صناعة السواد مهمة «خفافيش كهوف تويتر» واستدعاء لمشهد تزييف الوعي.. وذاكرة حكوماتنا اشبه بـ «ذاكرة السمكة»

الكاتبة الصحفية مريم
الكاتبة الصحفية مريم الكعبي

القديم الجديد أن تتقيح ما في داخلك وأن تغترف مما هو آسن في صدرك ، ثم تحاول أن تغسل جريمتك بتبرير ما كتبته بأنه سوء فهم ، الكلمة رصاصة إن خرجت أصابت ، فمتى يُدرك البعض ذلك ؟ ، وستظل الحرية هي غطاء كل جرائم العصر الأخلاقية ، الابتذال والإسفاف والبذاءة والإساءات والسخرية وإثارة الفتن وصناعة الاحتقان وبث الكراهية والتحريض على العنصرية ونشر الإباحية والتسويق للعري والانحلال ، كل هذه الجرائم تتم تحت غطاء الحريات ، وإذا ما حاولنا الاقتراب من توصيف ما نعيشه فسنجد الأقرب للتوصيف هو فوضى المصطلحات ، أن لا نصف الفعل ولكن نوجد له غطاء كأن نسمي الخيانة معارضة،  وأن نطلق على الانحلال حرية .

- فوضي المصطلحات

‏وفي موضوع فوضى المصطلحات هنالك نقطة مهمة جداً ، هي أن الحكومات العربية ما زالت تتلمس الخيط الأبيض من الأسود ، الضبابية هي سيد الموقف وعلى سبيل المثال هنالك من يسيء للدولة ورموزها ونجد جهات رسمية وشبه رسمية توجه الدعوة للمسيئين للمشاركة في فعاليات ومنتديات ومؤتمرات ، فما هي يا تري الرسالة ؟ ، وقبل أيام صُدم المواطن الإماراتي بأن عضوان الأحمري أكثر من سخر حسابه على تويتر من أجل الإساءة والتشكيك في قرارات الدولة وتشويه مواقفها ، هو من بين المدعوين لحدث حكومي يتناول المؤثرين وهي ليست المرة الأولى ، والسؤال : هل الإساءة أمر مشروع وتدخل في باب الحريات ؟ ، والغريب أن كل من كان له دور خارج تنظيم الأخوان من دعاة للفوضى والتحريض على الأنظمة والحكومات ، يعودون للمشهد ويتم الاحتفاء بهم وكأن ذاكرة الحكومات والشعوب " ذاكرة السمكة " ، فهنالك استدعاء لمشهد تزييف الوعي بنفس المكونات .

- بماذا تفسر دعوات تكريم المسيئين ؟


والسؤال : من المسئول ؟! ، من الذي يحرك المشهد الإعلامي في الوطن العربي ؟! ، من الذي يقدم دعاة الفوضى بوصفهم قادة فكر ؟ ، من الذي يوّجه دعوة للمسيئين للدولة ورموزها وسياساتها ليكونوا على رأس المدعوين لحدث إعلامي ضخم ، ليتم تكريمهم ومنحهم حظوة وحفاوة وتقدير مقابل تجاهل من يستحقون ؟ ، والسؤال الأهم : ما المطلوب من المواطن العربي ؟ ، هل المطلوب بناء وعي جمعي بأن الإساءة من الآخرين لدولته ورموزها هو أمر طبيعي ومن قبيل حرية الرأي والتعبير ؟ ، وهل المطلوب أن لا تكون هنالك غيرة أو حمية وطنية تجاه المسيئين ؟ ، وإن لم يكن الأمر كذلك كيف نفسر الدعوات وتكريم المسيئين ؟ ، ليس الأخوان وحدهم من تسببوا في مشهد الفوضى الذي دمر دولاً عربية ، بل المتحزبون ايضاً فقد كانوا الأرض الخصبة التي مهدت الطريق للأخوان لكي يصلوا للحكم ، بخطاب ممنهج يناهض السياسات العربية ويقلل من شأن كل ما هو عربي مقابل تقديس ما هو غربي ، والمتحزبين ما زالوا على رأس أدوارهم يقومون بنفس المهمة .

- أحذروا توظيف الكلمة لبناء الفتنة

لكن خدعة الرأي والتعبير لم تعد تنطلي على أحد ، والعداوات أصبحت ظاهرة وعلنية ولم يعد أصحابها يخجلون من المجاهرة بها والإعلان عنها ، والوقائع شهدت أن النار من مستصغر شرر التحريض وتوظيف الكلمة من أجل بناء فتنة ، والقائمة السوداء أصبحت معروفة وإن لم تكن مكتوبة ، فقاعدة أصحاب الرأي : " نحن نمتلك الحق ونصادره من الآخرين ويحق لنا ما لا يحق لغيرنا " ، وهنا أقول : حينما تشكك في مواقف دولتنا وسياساتها فأنت غير مرحب بك على المستوى الشعبي ، وإن تغاضت جهات رسمية عن إساءاتك فعلى المستوى الشعبي أنت في القائمة السوداء ، ورغم أني أتحفظ كثيراً فيما أكتب إلا أنني أعلم علم اليقين ومن تجارب سابقة ، أن من يصطادون في المياه العكرة أكثر من أن يتم إحصائهم أو تجنب وجودهم ، إنهم خفافيش " كهوف تويتر " ، مهمتهم صناعة السواد لكي يعيشوا .

- التلون والقفز علي الحبال

والغريب أن من يدعو لحرية الرأي يعترض على تعبيري عن رأيي بشأن استضافته في محفل رسمي ، وهو الذي لم يجد حرجاً في همزه ولمزه في سياسات دولتي ، ومن نفس الباب الذي يريد إغلاقه علينا وهو حرية التعبير ، وانا لا أصادر رأياً كما يفعل بعض من يعتبرون نخبة ، ولكنني ببساطة أعبّر عن رأيي وهو ما لا يريدونه هم ، يسيرون على اعوجاج يرونه سواء السبيل ، وأفهم جيداً أن تعبر عن رأيك ولكنني لا أفهم إصرارك على أن لا يكون لي رأي ، والأجمل من الرأي أن يكون لك موقف ، والموقف شرف لا يجيده من جعلوا سوق الكلام تجارتهم ، ويهربون إلى الأمام بالتلون والقفز على الحبال وتغيير المواقف بسرعة تفوق سرعة تغيير الملابس ، شاهت الوجوه وعميت الأبصار ، وأقولها للبعض : ‏" رسالة الترهيب التي تعتمدونها في حربكم ضد من يعريكم تليق بكم وتكشف أن الحرية التي تنادون عليها في سوق الإعلام ما هي إلا قناع لتطرفكم الفكري ورفضكم للمخالفين مهما ادعيتم عكس ذلك " .

- لا مكان للصدق في عروض التخفيضات

‏" كم من ناس صرفوا العمر في إتقان فن الكتابة ليذيعوا جهلهم لا غير " قالها " ميخائيل نعيمة "  ، فربما يكون لديك كامل الحرية في محو الماضي ‏ولكنك لا تنسى ما تعلمته منه ، فعواطف البشر ليست أزراراً في جهاز التحكم عن بعد ، فلا مكان للصدق في عروض التخفيضات ، قد يكرهك الآخرون بدون سبب ما رأيكم ؟ ، وقد قال مايا أنجيلو : سواء كرهتهم كثيرا أم كرهتهم قليلاً ، لن تدمر كراهيتك أحداً سواك " ، وقالها أيضاً ريتشارد نيكسون : ‏" إن من يكرهونك لا يفوزون إلا لو كرهتهم، وحينها ستدمر نفسك " .

كاتبة المقال: كاتبة وناقدة اعلامية إماراتية.. صادر لها كتاب «آهات الصمت» عن دار الكتاب الجامعي.. وكتاب «حاول مرة اخري» عن دار همايل.. ورواية «امرأة تحترق» عن دار اوراق

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء