تحقيقات وحوارات
فيديو.. القصة الكاملة لخالد الإسلامبولي قاتل السادات
حكاية أخطر ضابط في تاريخ القوات المسلحة المصرية
في مشهد صارخ خرج المتهم بقتل الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات المدعو خالد الإسلامبولي واعترف بكل جراءة بقتله لبطل الحرب والسلام على مرأى ومسمع من الجميع وقال بالحرف الواحد أنه وجد الرئيس مبارك ساقطا في الأرض على بعد خطوة من السادات فطلب منه الإبتعاد وأنه لا يريد سوى القضاء على حياة السادات أو فرعون مصر كما لقبه .. حينها أكد خالد أنه بعد قضاءه على حياة السادات قرر جميع المهاجمين أن يلوذوا بالفرار وان لا يشتبكوا مع أي عنصر من عناصر الحرس الجمهوري لأن مهمتهم كانت محددة وهي التخلص من فرعون مصر .. فتعالوا معي لتعرفوا القصة الكاملة للقضاء على حياة السادات ومن هو قاتله خالد الإسلامبولي
خالد الإسلامبولي
أسمه بالكامل هو خالد أحمد شوقي الاسلمبولي وهو من مواليد شهر نوفمبر عام ١٩٥٧في ملاوي محافظة المنيا وهو أصغر أبناء المحامي أحمد شوقي الإسلامبولي ولديه أختين وشقيق واحد وتسمى أخته الكبرى أنيسة وشقيقته الثانية إسمها سمية أما شقيقه فهو محمد.
لقب الاسلامبولي هو لقب تركي ويرجع إلي والدته التي تعود أصولها إلي تركيا وقد تزوجت والدته من والده عام ١٩٥٢ الذي كان يعمل بمهنة المحاماة بشركة السكر والتقطير المصرية بمدينة نجع حمادي وقد إنضم والده إلي تنظيم الإخوان المسلمين ولكنه أوقف نشاطه السياسي تماماً عقب حادثة المنشية وكان لذلك النشاط تأثيره الكبير على الإبن الأكبر محمد الاسلامبولي الذي إنضم إلي الحركة الإسلامية أثناء دراسته بكلية التجارة لكن خالد الإبن الأصغر لم يكن يرغب بالانضمام إلي أي تيار من التيارات السياسية الإسلامية أو الجماعات المتطرفة في مصر بل كان حلم حياته أن يصبح ضابط شرطة ليس أكثر.
كان خالد الاسلمبولي يتمتع ببنية جسدية ضخمة منذ الصغر وكان الكثير من الناس يعتقد أنه الإبن الأكبر لوالده وكان مشهوراً عنه الشجاعة والجراءة والاقدام الدائم لحد التهور في بعض الأحيان.
ومن عجائب المفارقات أن خالد الإسلامبولي دخل مدرسة نوتردام في ملوي وهي مدرسة مسيحية تبشيرية ثم التحق بمدرسة قامت بانشاءها شركة السكر التي كان يعمل بها والده ثم مدرسة العروبة التي كانت مملوكة لإحدى البعثات التبشيرية الأمريكية .
وعندما اجتاز خالد الثانوية العامة بمجموع ٥٧٪ قرر أن يلتحق بكلية الشرطة وبالفعل قدم أوراقه التي تم مقابلتها بالرفض ثم قرر بعدها التقدم لاختبارات الكلية الجوية التي لم تقبله فقرر أخيراً أن يتقدم بأوراق التحاقه الي الكلية الحربية التي وافقت على طلب ضمه في عام ١٩٧٧ وهو نفس العام الذي تخرج منه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الكلية الحربية.
الأفكار الجهادية
تم تعيين خالد الإسلامبولي بسلاح المدفعية في منطقة الهايكستيب بالقاهرة ونظراً لأنه كان من الصعيد فكان مقيماً مع اختيه الإثنين في القاهرة وعاش خالد حياة تقليدية عقب تخرجه وكان ضابطاً ملتزماً معروف بمهارته العالية لكن ومع الوقت وقع خالد تحت تأثير أفكار أخيه الأكبر محمد التي كانت دينية متطرفة للغاية فكان محمد الاسلمبولي يلقن خالد الأفكار الجهادية ويقول له أن ذلك المجتمع الذي يعيشون فيه ويقصد المجتمع المصري هو مجتمع جاهلي بالأساس وأن الحكم بالقرآن والشريعة الإسلامية يجب أن يصبح هو المتحكم في الدولة المصرية.
خائن وعميل
مع الوقت بدء خالد الاسلامبولي يتشرب هذه الأفكار بصورة كبيرة وكانت النقطة المفصلية والمحورية الفارقة في حياة خالد الاسلمبولي عندما قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالتوقيع على معاهدة السلام مع إسرائيل فتحول السادات في نظر التيار السياسي اليساري إلي خائن للقضية وعميل وتحول إلي كافر وملعون من التيار الإسلامي في مصر.
اللحظة الحاسمة
كانت اللحظة الحاسمة في تاريخ خالد الاسلامبولي عندما تم إعتقال أخيه الأكبر محمد الاسلامبولي نتيجة نشاطه السياسي خاصة عندما كان يشاهد بكاء أمه الشديد على أخيه وتعب والده في البحث عن شقيقه في السجون وأقسام الشرطة لكن قبل أن يتم القبض على محمد كان خالد الاسلامبولي يبحث عن شقه كي يتزوج بها وهنا تحدث خالد إلي شقيقه محمد الذي نصحه بالذهاب إلي أحد الشيوخ التكفيريين الذي يدعى محمد عبد السلام فرج وبالفعل ذهب خالد إلي ذلك الشخص في أحد المساجد بمنطقة بولاق الدكرور.
بدأت العلاقة بين خالد الاسلامبولي والشيخ التكفيري محمد عبد السلام فرج تتوطد وأخذ الأخير يلقنه بأفكار جهادية سامة وقاتله وكان ذلك اللقاء يتم كل أسبوع ومع مرور الوقت أصبحت الثقة متبادلة بين الطرفين .
في ذلك التوقيت كانت المخابرات الحربية تتابع تحركات خالد الاسلامبولي وتم استدعائه قبل العرض العسكري بعام كامل وقاموا بالتحقيق معه وتم سؤاله عن سبب وسر تواجده بمسجد أنصار السنة في منطقة مصر الجديدة وإذا كان له علاقة بالشيخ عبدالله السماوي أحد أمراء الجماعة الإسلامية فقام خالد الاسلامبولي بنفي علاقته بذلك الأمير الجهادي تماماً وتم غلق التحقيقات دون أن تسفر عن شيء يذكر.
علامات الاستفهام
الغريب في الأمر أن الضابط المشرف على التحقيقات كتب في نهاية تحقيقه أن خالد الإسلامبولي عليه الكثير من علامات الاستفهام وأنه لابد من منعه من التواجد بأي مناسبات عسكرية كبرى كالعرض العسكري الذي سيحضر فيه رئيس الجمهورية قريباً.
حاول خالد الاسلامبولي أبعاد الشبهات عنه قدر الإمكان لكنه كان قد تشرب بأفكار الجهاد الناقمة على المجتمع والتي تكفر قادته وتشيطن أفراده وتحرم الكثير من الأمور على نسائه وما زاد من نيران حقده هو إستمرار سجن أخيه محمد وقيام والدته بالاستقرار لدى اختيه بالقاهرة لتكون قريبة لأخيه محمد وتعرضها لمعاناة شديدة.
ومع مرور الوقت حدثت مفاجأة غير متوقعة ستغير مسار كل شيء عندما رفض قائد خالد الاسلامبولي المباشر حصوله على إجازة قبل ميعاد العرض العسكري مباشرة في يوم ٦ أكتوبر عام ١٩٨١ وذلك بسبب اعتذار أحد الضباط الذي كان سيحضر العرض بسبب قيام زوجته بإجراء عملية جراحية خطيرة وهنا وكان يجب على خالد الإسلامبولي أن يحضر العرض العسكري الذي سيتواجد فيه فرعون مصر السادات بحسب اعتقاده.
في البداية رفض خالد الاسلامبولي تماماً فكرة حضور العرض وصمم على الحصول على إجازته كي يذهب لزيارة والدته التي حضرت من الصعيد لزيارة أخيه محمد.
فرصة العمر التي لن تتكرر
في ذلك اليوم عاد خالد الإسلامبولي إلي منزله في غاية الغضب ولكنه لم يكن ينوي على القضاء على حياة السادات أو حتى التفكير في ذلك ولكنه ذهب إلي الشيخ التكفيري عبد السلام فرج في بولاق الدكرور وأخبره بأنه سيحضر العرض العسكري الذي سيتواجد فيه السادات وهنا قفز الشيخ عبد السلام من الذهول ومن هول الصدمة والمفاجأة وقال لخالد الاسلامبولي أنها فرصة العمر التي لن تتكرر مجدداً للتخلص من السادات فرعون مصر إلي الأبد.
بدأت الخطة التي تم وضعها لقتل السادات تتشكل أمام ناظري خالد الاسلامبولي حيث تم الاستعانة بأشخاص من خارج الجيش بالإضافة إلي أفضل قناصي القوات المسلحة في ذلك الوقت وهو الرقيب حسين عباس.
خيانة قناصي القوات المسلحة
تمت الجريمة على مرأى ومسمع من الجميع حيث تم استهداف حياة السادات عندما كان يحضر العرض العسكري في يوم ٦ أكتوبر عام ١٩٨١ فخلال مرور أحد أفواج وسيارات سلاح المدفعية انحرفت أحد السيارات إلي إتجاه المنصة التي يوجد بها رئيس الجمهورية السادات وكافة رجال الدولة وقفز منها خالد الاسلمبولي ومعه رشاش عيار ٩ ملي وقام أحد المصاحبين لخالد بإلقاء قنبلة يدوية على المنصة وكان اسمه عطا طايل ثم قام خالد الاسلمبولي بإلقاء قنبلة انفجرت وهنا وقف السادات في ذهول وهو يردد عبارة " مش معقول مش معقول" حيث تدخل أمهر قناصي القوات المسلحة المدعو حسين عباس وقام بضرب السادات برصاصة إصابته في مقتل وتم استهداف الرئيس الراحل باكثر من أربعة رصاصات استقرت في مختلف أنحاء جسده .
إحنا مش عاوزينك أنت.. إحنا عاوزين فرعون مصر السادات
تسببت هذه الأحداث بمقتل ٧ أفراد آخرين منهم مصور السادات الشخصي بالإضافة إلى بعض الضيوف من سلطنة عمان والصين وعندما رأي خالد الاسلامبولي مبارك والمشير أبو غزالة يحاولوا إنقاذ السادات فصرخ خالد في وجه مبارك قائلا له " إحنا مش عاوزينك أنت.. إحنا عاوزين فرعون مصر السادات".
وعندما تأكد خالد الاسلامبولي من مقتل السادات قرر الهروب لكن تلقى المنفذين الرئيسيين وهما عطا طايل وعبد الحميد عبد السلام طلقات الحرس الجمهوري بينما تم القبض على باقي أفراد التنظيم بعدها بحوالي ٤٨ ساعة.
بعد القبض على خالد الاسلامبولي لم يفصح عن ندمه بل قال أنه فعل ما أقدم عليه من قتل السادات لمرضاه الله وبسبب إتفاقية السلام مع إسرائيل وبسبب قيام السادات باعتقال العلماء والشيوخ وتم الحكم على خالد الاسلامبولي بعدها ب ٦ شهور بالاعدام رميا بالرصاص وحتى الآن لا تعرف أسرته مكان دفنه ولم يتم تسليم جثمانه لذويه وقالت والدته أن أحد الأشخاص ابلغهم بأنه تم دفنه في الصحراء بمقابر شهداء الطائرة الباكستانية.
وفي الختام رحم الله بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات.