تحقيقات وحوارات
فيديو.. بعد تخلـص ليبيا من حكم القذافي بطلـقة النهاية لماذا أصبح الكثيرون يحنون لزمن القذافي؟
ليبيا بين زمن القذافي وزمن ما بعد القذافي
ليبيا ما بين الماضي والحاضر.. تلك الدولة الكبيرة والغنية.. ثار الثوار على رئيسها معمر القذافي الذي حكمهم لأكثر من 40 عاما بالديكتاتورية.. أربعون عاما من الديكتاتورية لكن تحت حكم رئيس واحد وأرض واحدة وجيش واحد.. وبعد تمكن الثوار من العقيد معمر القذافي قاموا بالتخلص منه ودفنوه في مكان مجهول.. لتصبح ليبيا بعدها مقسمة بدل الجيش جيوش وبدل الرئيس مجلس مكون من عدة رؤساء.. والسؤال هنا هل ليبيا اليوم أفضل من ليبيا في زمن الديكتاتور معمر القذافي؟ في هذا الفيديو لن نقول إجابة بل سنستعرض لكم القصة وعليكم أن تحكموا بأنفسكم وتيجبوا على هذا السؤال..
انقلاب سلمي
في 1 سبتمبر 1969 أصبح معمر القذافي الزعيم الفعلي لليبيا.. وذلك بعد قيادته لمجموعة شباب من الضباط العسكريين الليبيين ضد الملك محمد إدريس الأول في انقلاب سلمي وأُنشئت الجمهورية العربية الليبية مع شعار «الحرية والاشتراكية والوحدة».. وبعد وصول مجلس الثورة للحكم.. بادرت حكومة مجلس قيادة الثورة بعملية توجيه الأموال نحو توفير التعليم والرعاية الصحية والإسكان للجميع. فأصبح التعليم الحكومي مجانيًا في البلاد والتعليم الابتدائي إلزاميًا لكلا الجنسين، وأصبحت الرعاية الطبية متاحة للشعب بدون أي تكلفة وذلك بعد تأميم المؤسسات والمستشفيات، ولكن عملية توفير الإسكان للجميع كانت مهمة لم تنجح حكومة مجلس قيادة الثورة في إتمامها.. كذلك وقد نجح القذافي بتأميم النفط الليبي ليصير بترول الأرض الليبية لليبيين.. وارتفع كذلك معدل الدخل القومي للفرد في عهد القذافي إلى أكثر من 11000 دولار أمريكي، أي خامس أعلى معدل في إفريقيا. كانت هذه الزيادة في الازدهار مصاحبة بسياسة خارجية مثيرة للجدل، بالإضافة إلى قمع سياسي داخلي متزايد.. وهاجم معمر القذافي الخلافات الإقليمية والقبلية مستبعدًا القادة التقليديين وراسمًا لحدود إدارية عبر التجمعات القبلية، باعتبار أن هذه الخلافات تُعد عوائق في الطريق نحو التقدم الاجتماعي والوحدة العربية.. ثم وقع حمل المهام الإدارية الروتينية على الرائد عبد السلام جلود والذي أصبح رئيسًا للوزراء في مكان القذافي عام 1972. وتولى عبد السلام جلود ما تبقى من مهام القذافي الإدارية والبروتوكولية بعد ذلك بعامين للسماح للقذافي بتكريس وقته للتنظير الثوري. ظل القذافي قائدًا أعلى للقوات المسلحة والرئيس الفعلي للدولة. لذلك بدأت تكهنات الصحافة الأجنبية حول حجبٍ لسلطة القذافي وشخصيته داخل مجلس قيادة الثورة، ولكن القذافي سرعان ما بدد هذه النظريات من خلال تدابيره لإعادة هيكلة المجتمع الليبي.. وبعد أن تحولت ليبيا لنقطة فارقة في القارة الإفريقية والعالم الإسلامي.. ادعى القذافي أن نسبة الفقر في بلاده تساوي الصفر..
صدمة كبيرة
فكان القذافي يجوب الشوارع ذات يوم ليرى بنفسه حال الليبيين بعد هذا الثراء والتحول الحديث.. لكنه تفاجأ بامرأة منتقبة تتسول المال من المارة في الشوارع فتوقع أمامها القذافي مندهشا مما تقوم به ويسأله متعجبا أليس لك معاش أساسي؟ فتقول إن زوجها وأولادها مرضى فقال لها القذافي ولما لا تذهبون للمستشفيات فلكل مواطن تأمين طبي والعلاج بالمجان؟ كانت هذه المرأة صدمة كبيرة للقذافي لدرجة أنه لم يصدق أن تلك المرأة ليبية أصلا..
وبسبب مواقف القذافي السياسية ودعمه لبعض الأطراف عانت ليبيا من العقوبات الأمريكية والغربية وأصبحت تدور في فلك الصناعات المحلية.. لكن باستخدام الثروات البترولية كانت ليبيا من أكثر الدول نموا اقتصاديا.. والمتابع لتطور الأمور في ليبيا عن قرب يجد أن ليبيا ما بعد القذافي تحولت إلى غابة حقيقية مكتظة بالسلاح، تسودها الفوضى التي لا تستطيع فيها التمييز بين الثوار، الذين امتلأت صدورهم برغبة حقيقية في تغيير البلاد للأفضل، وبين اللصوص والمجرمين والمتطرفين ومتطفلين السلطة والمرتزقة، ممن يعملون لحساب الأسياد الذين يدفعون لهم. وهذا الواقع بالطبع يجعل من تحول ليبيا للديمقراطية وإعادة بناء مؤسسات الدولة أمرا غاية في الصعوبة. إن رغبة الإمبريالية الغربية حاضرة بقوة في اتجاه تمزيق ليبيا إلى دويلات متناحرة، ونهب ثرواتها، والتحكم فيها من نيويورك وبروكسل، بما يخدم مصالح السادة الكبار.. ولا يمكن لأي متابع منصف للدولة الليبية منذ سقوط إدريس السنوسي إلا أن يلحظ تحولها من واحدة من أفقر الدول في القارة الأفريقية إلى مصاف دولها الغنية أثناء حكم معمر القذافي. الآن وبعد سقوط القذافي بعدة أعوام، يتم تهريب النفط من خلال العصابات التي تعمل لحساب الكبار، وتحولت ليبيا إلى دولة سائلة فاشلة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، تتحكم فيها الميليشيات المسلحة التي تملك سلاحا يفوق ما كان متاحا أثناء حكم معمر القذافي للبلاد. إن ما يحدث في ليبيا اليوم هو أسوأ سيناريو يمكن تخيله لهذا البلد العريق، حيث صارت ليبيا مرتعا للإرهابيين، القتلة، تجار المخدرات، تجار البشر، كما أصبحت مكانا للتعذيب، تنفيذ الاغتيالات، الاغتصاب، تجارة السلاح غير الشرعية. وما يبدو مقبولا جدا الآن أن معمر القذافي كان بمثابة حجر عثرة أمام تنفيذ مخططات الغرب، الذي لا يرضى بحال وجود دولة أفريقية قوية تتمتع بسيادة وطنية حرة. ومن المثير للسخرية مثلا أن الغرب الذي يدعي الدفاع عن حقوق المرأة قد مهد لاضطهاد المرأة الليبية وعودتها لعصر الحريم بدعمه للجماعات المتطرفة التي تضيق الخناق على المرأة، ولا ترى أنها جديرة بالمساواة مع الرجل. هذا في حين نالت المرأة الليبية حقوقا متزايدة واحتراما كبيرا أثناء حكم معمر القذافي لليبيا، فتمتعت بحقها في التقدم للوظائف، التعليم، وعقود الملكية.. ولم يدر بخاطر أي من المسئولين الأمريكان أو الأوروبيين مصير المواطن الليبي المسكين في ظل هذه الفوضى والتسيب في ليبيا، فهم لم يفكروا إلا في مصالحهم دون النظر للبشر مطلقا..
والآن هذه هي ليبيا بعد حكم القذافي والتخلص منه بطلقة النهاية.. وعليك أيها المواطن الليبي والعربي أن تحكم بنفسك.. هل ليبيا الآن بخير بدون القذافي؟