تحقيقات وحوارات
فيديو.. مس بيل| الجاسـ ـوسة التي لقبها العرب بأم المؤمنين وقسـمت الوطن العربي لدويلات صغيرة
كيف اختارت الملك فيصل بن حسين ملكا على العراق؟.. أطاحن بآل رشيد واستبدالهم بعبد العزيز آل سعود لتولي حكم الحجاز؟
تعتبر "غيرترود بيل" أو مس بيل هي النسخة الأنثوية للورانس العرب المعروف بمهندس الثورة العربية الكبرى.. فبعد أن تخرجت من جامعة أكسفورد تخلت عن عائلتها الارستقراطية لتشق طريقها نحو الشرق.. وتبدأ في لعب دورها المحوري الذي ساهم في جعل الشرق الأوسط كما نعرفه اليوم. والبداية كانت من بلاد فارس فكانت البوابة التي اجتازتها للعبور للشرق الأوسط. وكانت أيضاً المكان الذي قابلت فيه حبها الأول، الذي انتهى نهاية مأساوية بانتحار حبيبها، الذي كان يعمل في السفارة البريطانية هناك. وهذا ما دفعها لتبدأ رحلتها نحو الشرق وتعمل كعالمة آثار ومستكشفة.
بدأت خاتون في الشرق من بلاد الشام، تحديداً فلسطين وسوريا، وعايشت أهل المدن، واختلطت بهم وألَّفت كتاباً بعنوان سوريا: الصحراء، والذي يعد مرجعاً لدارسي تاريخ بلاد الشام. بعد ذلك اتجهت نحو حائل في الجزيرة العربية وفي الحجاز كانت بداية إنجازاتها.. حيث تعرفت إلى شيوخ القبائل، وأسست علاقات قوية معهم بفضل اتقانها للغة العربية.. وكان الاستكشاف والبحث عن الاثار والتعرف على طريقة حياة الناس هو الهدف المعلن لرحلتها. لكن الهدف الحقيقي كان دراسة أوضاع دولة آل رشيد في الحجاز، والاتصال مع القبائل العربية، وإرسال تقييمها الشخصي لمستقبلهم كما تراه إلى الحكومة البريطانية.. فساهمت تقاريرها في تشكيل جغرافيا المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، وتقسيمها بين بريطانيا وفرنسا. كما ساعدت الحكومة البريطانية على الإطاحة بحكم آل رشيد، واستبدالهم بعبد العزيز آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الثالثة.
ثم استطاعت مس بيل أن تتغلغل في المجتمع العراقي وتتقرب من صفوته وعامته على حدٍ سواء. واستخدمت جلسات النميمة النسائية في التعرُّف إلى عادات وثقافة المجتمع العراقي، وجمع المعلومات الاستخباراتية. ولهذا اكتسبت حب الجميع في بغداد، لدرجة أنهم لقبوها بأم المؤمنين! كانت مس بيل المؤسس الفعلي للملكية الدستورية في العراق، بالتعاون مع المستعمر البريطاني. ويرجع لها الفضل في اختيار الملك فيصل الأول، لينصب ملكاً مما جعلها فيما بعد محط ثقته المطلقة وصديقته المقربة حتى وفاتها.. ونظراً لرحلاتها السابقة وتجربتها الواسعة في المنطقة، قامت برسم حدود العراق كما نعرفها اليوم. وتعمَّدت أن تقسم المنطقة الكردية على 4 دول، للحيلولة دون استقلالها في المستقبل. وعملت على ترتيب الوضع الداخلي في العراق بعد الحرب العالمية الأولى..
وبعد كل تلك الجهود والنفوذ الذي وصلت إليه توفيت مس بيل عام 1926، بعد جرعة زائدة من الدواء وقيل إن ذلك كان بقصد التخلص من حياتها بنفسها. وأقيمت لها جنازة مهيبة، شارك فيها العراقيون جميعاً وعلى رأسهم الملك فيصل الأول.