الفن
فيلم بيهتار..المعنى الحرفي للمأساة ومحاولة لنصر الخيانة
فيلم بيهتار ..من المعروف عن الدراما التركية منذ بداية غزوها للشاشات العربية أنها دراما تتمتع بالعديد من مشاهد الرومانسية الجريئة ، و لكن لم تتجاوز تلك المشاهد في جرئتها أكثر من القبلات، و حتى أنني أذكر الضجة التي أثارها مسلسل "العشق الممنوع" بسبب كثرة مشاهد القبلات التي تم تنفيذها بمنتهى الجرأة، و لكن ظل الأمر لا يتجاوز القبلات، حتى أنني أتذكر أيضاً مشهد القبلة الشهير في مسلسل "زهرة الثالوث" الذي أثار ضجة اعلامية كبيرة و كذلك شهد تفاعل غير مسبوق من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي منتقدين المشهد بعد أن تجاوزت مدته أكثر من دقيقتين كاملتين.
فيلم بيهتار :
ماذا تريد المنصات من النجوم الأتراك ؟؟
و لكن بعد طرح فيلم بيهتار بطولة فرح زينب عبد الله و بوران كوزوم على المنصات الرقمية وما به من مشاهد ساخنة و فاضحة لدرجة مؤذية لعين المشاهد، فلا اعرف حقاً ما يحدث في السينما التركية مؤخراً بعد انتشار افلام المنصات و ما بها من مشاهد قمة في الابتذال أصبح شيء غير مفهوم على الاطلاق، فهل أصحاب تلك المنصات يستغلون شهرة و شعبية النجوم الأتراك لتصوير مشاهد مبتذلة و فاضحة و الترويج لكل ما هو مشين و اباحي، حتى أن اختيارهم لقصة مسلسل "العشق الممنوع " لاعادة تقديمها في فيلم سينمائي كان اختياراً مقصوداً لأن القصة تخدم أغراضهم في الترويج للانحلال الأخلاقي، فأنا لم اندم في حياتي على مشاهدة فيلم بقدر ندمي على مشاهدة هذا الفيلم الأكثر من سيء و الذي لا أجد مصطلح يعبر عن مدى تدني مستواه الفني...
إذا حاولنا النظر للفيلم بحيادية و تقييم عناصره الفنية، فلن تجد أيضاً ما يجعلك راضياً و يعوضك عن خسارة وقتك و متعتك في فيلم لا نعرف حتى تصنيفه، فهل هو فيلم دراما أم فليم اباحي أم تجريبي مسرحي ساخر ، حيث تتوجه فيه البطلة بالحديث للمشاهدين طوال الوقت كأنها مُعلق خارجي لا تعنيه الاحداث أو رواي لها..
فيلم بيهتار :
السرد المتسرع المفتقد للعمق؛ يدعونا لعدم التعاطف إطلاقاً مع كل الشخصيات، حيث البناء السردي للفيلم اعتمد على كونه مسلسل شهير من قبل، و لم يهتم بالتمهيد للأحداث و التبرير المنطقي للانعطافات الدرامية الحادة، لنجد العلاقات تتطور فجأة بدون سبب واضح، على اعتبار أن المشاهد يعرف الأسباب مسبقاً و لا داعي للكثير من السرد و اضاعة وقت المتفرج، رغم ان أي فيلم يتم اعادة انتاجه على صناعة تقديم رؤية درامية مختلفة و معالجة جديدة للشخصيات و مراعاة قصر مدة الفيلم عن المسلسل ما حتاج لضغط الأخحداث بشكل أكثر منطقية و لا ضرر من تغيير بعض الاحداث الرئيسية لخدمة سياق الأحداث المضغوط كون صناع الحكاية مجبرين على انجاز القصة في أقل وقتت ممكن...
فيلم بيهتار :
العشق الممنوع من رواية الأعلى مبيعاً لمسلسل أكثر من ناجح لفيلم أكثر من فاضح
و رغم احتفاظ صناع الفيلم طوال الوقت بنفس القصة و نفس الشخصيات، إلا أنهم قرروا دون أي مبرر درامي تغيير النهاية، فمن الأساس ما يميز قصة مسلسل العشق الممنوع هو مشهد النهاية العظيم الذي قدمته جميع النسخ المأخوذة عن ذات الرواية بنفس الطريقة و اهتمت أن يكون كما هو سواء في المسلسل الذي تكون من 6 حلقات و صدر عام 1975، أو النسخة الثانية الشهيرة بطولة بيرين سات و التي صدرت عام 2008، أو حتى النسخة المكسيكية المقتبسة و التي صدرت عام 2013 .
حيث كان مشهد انتحار البطلة هو من أكثر المشاهد المؤثرة في المسلسل و هو ايضاً مشهد العبرة و العظة من الحكاية، حتى مشهد الجنازة الذي ظهر فيه نعش البطلة وحده ينم عن كونها أصبحت منبوذة بعد وفاتها بعد ما ارتكبته من خطايا، و لكن كان مشهد النهاية في الفيلم مختلف تماماً حيث هرب بهلول و ترك الجميع دون أن علامات ندم على وجهه، و كذلك لحقت به بيهتار و خرجت أمام الحشد في حفل الزفاف بعد معرفة الجميع بخيانتها مع بهلول.
فيلم بيهتار :
في نهاية تنتصر للخيانة و لا توضح لها أي عواقب أو جزاء، نهاية جعلت من الحدث الجلل مجرد حدث عابر، بل ان البطلة حققت انتقامها من والدتها كاملاً ، كما قالت في منتصف الفيلم، ان بهروبها ستعيش منبوذة طوال حياتها، مما سيلحق بوالدتها وصمة عار ابدية حين يقول الجميع انها خائنة مثل والدتها.
فلا معنى أبداً لتغيير و الغاء النهاية التي رفعت من أسهم الرواية و المسلسلات و أعلت من شأن قيمتها الفنية، فبدون هذه النهاية الأسطورية ربما لم يكن للمسلسل قيمة و معنى، و ربما لم يحقق كل هذا النجاح، خصوصاً أن موضوع المسلسل مركز جداص و ليس به شخصيات كثيرة أو خطوط درامية فرعية يمكنها أن تجلب الاثارة للمسلسل، فقط كانت قصة بيهتار و بهلول و خوفهم طوال الوقت من انكشاف أمرهم، ثم مطاردة بيهتار لبهلول بعد ارتباطه بنهال، لتأتي النهاية المدمرة للجميع و المؤججة للمشاعر، لتعوض المشاهد عن الكثير من المشاهد المملة و الحشو الدرامي الزائد و الغباء الذي اتسم به اطراف الحكاية المغدورين، و تخبره أن انتظاره للنهاية لم يكن عبثاً، و ان كل هذا التمهيد كان يستحق المتابعة لتحظى بأعظم مشهد ختامي في مسلسل درامي يمكنك مشاهدته.
فيلم بيهتار :
العمل عبارة عن فرصة ضائعة كبيرة لتقديم رؤية جديدة لقصة شهيرة و جاهزة لا تحتاج إلا لتنفيذ جيد، و لكن خرج العمل في نسخة مشوهة من حيث القصة و السيناريو و الحوار و الديكورات و المونتاج و حتى الأداء الذي كان باهتاً لدرجة لم أشهدها من قبل في عمل تركي، رغم المعروف عن النجوم الاتراك من قوة اداء و قدرة رهيبة على التقمص.
حتى أن اختيار الابطال كان غير موفق بالمرة و لا يوجد بينهم أي انسجام أو كيمياء فنية، كما كانت الكيمياء الفنية متوهجة بين بيرين سات و كيفانش تاتليتوغ.