تحقيقات وحوارات
فيديو.. الوثائق تكشف حقيقة خيانة الملك حسين للعرب.. وتجسسه لصالح إسرائيل ونص حديثه مع جولد مائير
تفاصيل زيارته المشبوهة لمقر الموساد وإبلاغه تل أبيب بموعد حرب أكتوبر
ستبقي سيرة الملك الحسين بن طلال الهاشمي ملك الأردن الراحل تحوم حولها الالغاز ويحيط بها الغموض وبالاخص علاقاته التي تحوم حولها الشبهات مع تل ابيب ، سيبقي اسمه محير ومثير للجدل في ظل اقاويل تتناثر عن خيانته للأمة العربية وسفرة لاسرائيل قبيل حرب اكتوبر المجيدة ليحذرهم من حرب ستشنها ضدهم مصر وسوريا خلال ساعات .
فما مدي حقيقة تلك الاقاويل ؟ وما سر زيارة الملك حسين مقر الموساد الاسرائيلي في تل ابيب يوم 25 سبتمبر عام 1973 اي قبل موعد حرب أكتوبر بـ 10 أيام ؟ ماذا فعل هناك ؟ وما الذي دار بينه وبين جول. مائير ورجال الموساد الاسرائيلي في تلك اللحظات العصيبة من عمر أمة العرب ؟ هل كانت علاقته بـ اسرائيل جاسوسية أم دبلوماسية تحكمها الأعراف الدولية ؟
ونحن هنا لا نوجه اتهامات الي الملك الراحل ولا ندافع عنه ، انما فقط نطرح استفسارات وتساؤلات ، ونرصد واقع يحكيه التاريخ .. تعالوا معي لنتعرف علي التفاصيل في هذا الفيديو :
إغتيال
ورث الحسين بن طلال حكم الاردن في عمر الـ 17 عاما وحكم بلاده منذ مايو عام 1953م، حتي توفي في فبراير عام 1999 اي بعد سنة واحدة فقط من حكم والدة الملك طلال الذي عزل من الحكم لظروف صحية ، ويعد الملك الحسين هو ثالث ملوك الاردن بعد إغتيال جده مؤسس المملكة الأردنية، الملك عبدالله الأول بن حسين بن علي الهاشمي .
لم ينسي الملك الحسين مشهد اغتيال جدة المطبوع في ذاكرته من الصغر لم ينسي عندما كان برفقة جدة وهو يصلي صلاة الجمعة في القدس الشريف في 20 يوليو عام 1951 رأي بعينه الخياط الفلسطيني يرفع المسدس على جدة الملك عبدالله ويطلق الرصاص عليه حتي الموت .
خيانة قضية فلسطين
وجاءت حادثة الاغتيال في أعقاب إشاعات واخبار كتيرة تتهم الجد بخيانة قضية فلسطين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. الحادثة تركت في ذهن الحفيد رواسب وقناعات بان الحكم زائل وانه من الممكن ان يفقد عرشه في اي وقت.. عرش جاء اليه في عمر الصبا على طبق من ذهب بعد تنازل والدة عن الحكم بسبب مرضه .
إنتقام صهيوني
ورغم أن الملك حسين كان يحاول بشتى الطرق أبعاد المملكة الأردنية عن الحروب إلا أن الجيش الأردني كان على موعد مع حرب في فجر يوم 13 نوفمبر عام 1966م، عندما حدث هجوم اسرائيلي على قرية السموع بالضفة الغربية وتم احتلال اراضي فلسطينية واردنية كثيرة بالاضافة الي دمار اكتر من 100 مبنى ما بين المدارس والمستشفيات والمساجد.
وجاء الهجوم كرد إنتقامي صهيوني، بعد مقتل 3 إسرائيلين بتفجير لغم، زرعه فدائيون فلسطينيون، وبعد هذا الهجوم الدموي العنيف، إجتاحت الاحتجاجات أرجاء الأردن، واصطدم الملك بالرعايا الفلسطينيين، بعد أن اعتبروه عاجزًا عن حمايتهم .
بعض قادة الجيش الإسرائيلي اعترفوا آنذاك بأن الهجوم اخطأ اهدافه وأن الملك حسين كان يعمل كل ما في وسعة لمنع حركة فتح من ضرب اي أهداف إسرائيلية من داخل الأردن لكن رغم ذلك شعر الملك حسين بخيانة العهد من الجانب الإسرائيلي وبالذات من اسحق رابين رئيس أركان قوات الدفاع الإسرائيلي، بعد إتفاق الطرفين على سلامة واستقرار الأردن .
ورد إسحاق رابين بعد الهجوم بإن مشكلته لم تكن مع الملك حسين، لكن مع سوريا والمدنيين الأردنيين الذين ساعدوا وساندوا القضية الفلسطينية .. ربين قال بالبنط العريض وقتها : ليس من مصلحة إسرائيل اي مواجهة مع الأردن أو مع إهانة الملك حسين وكشفت قيادات اسرائيلية أن جونسون رئيس امريكا عاتب رابين على الهجوم وأدانه في مجلس الأمن، وبعث برسالة للملك حسين يطمئنه وان ما حدث لن يتكرر مرة اخري .
عداء فلسطيني
الامر الذي آثار ضد الملك حسين عداء فلسطيني، وكان سبباً فيما بعد لمحاولات اغتيال تعرض لها كذلك اثار غضب في الداخل السوري والمصري وحدث حينها سخط شعبي على سياسات الملك حسين، وخرجت مظاهرات غضب في الضفة الغربية والخليل وراما الله، رفع خلالها لافتات ضد الملك حسين ولافتات اخري تحمل صور جمال عبد الناصر الذي خرج آنذاك في خطابات نارية شتم الملك حسين واتهمه بموالاة الاستعمار وتوترت العلاقات بين البلدين بشكل لافت .
وبعد نكسة 67 توترت العلاقات بين الأردن وعدد كبير من الدول العربية، خاصة بعد تسريبات عن تنسيق اردني إسرائيلي ولقاءات سرية بين الملك حسين وقيادات في اسرائيل بوادي العربة الأردنية التي كانت تحت الإحتلال الإسرائيلي، وهذا ما جعل دولة مثل الكويت تقطع مساعداتها المالية للأردن .
وتعقدت الاوضاع في الداخل الاردني وبدأ الاشتباك مع الفصائل واعتبرتها المملكة دولة داخل الدولة، خاصة وانها بدأت تدعوا للإطاحة بالملك، ووقتها دخلت سوريا لنصرة الفصائل والجماعات المسلحة، وداخل الأردن فيما يعرف بأحداث أيلول الأسود، واضطر الملك وقتها الاستغاثة بالامريكان والبريطانيين، لأنه كان دائما ينادي بالسلام الدائم مقابل استعادة الأراضي التي احتلتها اسرائيل، وكان يحاول عدم الدخول في اي مشاكل مع أمريكا واعوانها في المنطقة ، وهنا طمعت اسرائيل في التفاوض معه وبعث الخبير الإسرائيلي في التجسس إبراهيم كوهين رسالة لإسرائيل يبلغهم فيها بضرورة فتح علاقات سرية مباشرة لإسرائيل مع الملك حسين .
وبعد وفاة عبد الناصر سنة 1970، وتسلم السادات الحكم ورجعت المياه لمجاريها، وفي مؤتمر القاهرة قبل حرب أكتوبر بأيام دعا السادات وحافظ الملك حسين للحضور، والمح السادات الي وجود مخاوف مصرية وسورية من شن هجوم محتمل من إسرائيل
وفي وثائق مسربة عن لجنة تحقيق اسرائيلة في حرب أكتوبر، ذكر فيها أن الملك حسين غادر بعد المؤتمر واتصل بجولد مائير يوم 23 سبتمبر 1973، وطلب منها تنسيق موعد للقاء بينهما، ونسقت جولدا مائير وقتها وحددت موعد بعدها بيومين تحديداً في 25 سبتمبر 1973م، الساعة 9 مساء، اي قبل الحرب بعشرة أيام
ووفق الوثائق المسربة انعقد اللقاء في مقر من مقرات الموساد في تل أبيب، وحول هذا اللقاء تصريحات وتسريبات كثيرة جدا، منها ان الملك حسين نقل لإسرائيل عزم مصر وسوريا شن حرب، ومنها انه كان مجرد لقاء دبلوماسي عادي سبق وتكرر مرات ومرات وان المصادفة فقط انعقاده قبل الحرب بأيام .
وهناك من ذهب إن الملك حسين وصل بطائرته في الموعد المحدد والتقي مع جولدا مائير وأفصح لها بأن سوريا ومصر يتدربوا علي شئ ما وسألته جولدا مائير عن السلاح السوفيتي فأخبرها أنه بدأ يعرف من مصدر حساس في سوريا أن جميع الوحدات مشغولة بالتدريب وان الضفة السورية أصبحت مستعدة لاي هجوم محتمل عليهم عبر الأراضي الأردنية، وسألته هل عندك شكوك حول تعاون مصري سوري لخوض حرب مثلا، قال له : لا اعرف والتعامل مع مثل هذه المواقف لابد وان يكون من خلال حقائق غير قابلة للشك، فليس عندي اي معلومة عن تجهيزهم لاي حرب ووفق الوثائق المسربة كان رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اليهوزيرا يستمع للحديث من غرفة أخرى سرية منفصلة، ولاحظ أن جولدا مائير لم تأخذ الموقف على محمل الجد .
وهناك تسريبات أخرى لوثائق أمريكية أكدت أن الملك حسين نقل في 25 سبتمبر عام 1960 معلومات تفصيلية عن قدرات السوريين والمصريين وإمكانية شن هجوم عسكري، يتم فيه استخدام معدات عسكرية سوفيتية ضد اسرائيل ، وقيل في ذات الوثائق المسربة أن أي تحركات أردنية حصلت في وقت الحرب كانت تتم بالتنسيق الكامل مع إسرائيل .
وكذلك فجرت الـ"واشنطن بوست" الأمريكية، زلزالا مدويا في عام 1977، بقلم الصحفي بوب ودورد، من خلال تحقيقا صحفياً ذكر فيه دور وعلاقة الملك حسين بوكالة الـCIA، وأنه كان يتقاضى راتبا شهريا منها، وأن الراتب كان مليون دولارا شهريا، لمدة 20 عاما، منذ عام 1957م، مقابل تزويد المخابرات بالمعلومات .
الوثائق الأمريكية تقول إن تقارير الملك حسين بالمعلومات كانت تصل لوزير الخارجية هنري كيسنجر وكان يناقشها مع السفير الاسرائيلي سمحا ديمدث، ولكن اسرائيل لم تاخد التحذيرات على محمل الجد .
زيارة لتقارب وجهات النظر
ومن جانبه نفى الملك حسين تماما ما ذكر واثير حول تلك الزيارة وأنها كانت مجرد زيارة لتقارب وجهات النظر، غرضها إنهاء الصراع، وهو الدور الذي سبق ولعبته الأردن خلال السنوات الماضية، ونقلا عن كتاب أسد الأردن الملك حسين، تم الكشف عن ان الملك في اللقاء علق على موقف السادات وانزعاجه من حالة اللا حرب واللا سلم وان الملك عقب على تذمر الاسد، وان هدف الحسين من الزيارة ليقول لجولدا مائير : احذري من نقاذ الصبر العربي، ولابد من التحرك لاحتواء الموقف .
الملك حسين لم ينفى الزيارة، ولكن نفى جميع الأقوال الدائره حول إفشاءه سر وموعد الحرب وقال كيف افشي سر انا لا اعرفه من الاساس .
وقال الملك حسين : وقت الحرب كنت على دراجة بخارية في ضواحي عمان مع زوجتي، وسمعت عن الحرب من الإعلام مثلي مثل اي مواطن عربي، وبحسب شهادة مدير مكتب جولدا مائير الذي كان حاضرا الإجتماع قال إنه الملك حسين لم يأتي ليحذر من اي حرب وشيكة، لكن كان غرضه مراجعة حالة الجمود، وبقية كلامه كان مجرد دردشه حول الوضع الراهن بين كافة الاطراف، وهذا كان رأي باقي القيادات العسكرية ايضا، بما فيهم موشي ديان نفسه والذي سمع اللقاء المسجل، ولم يلفت نظره اي شئ .
جميع القيادات الإسرائيلية باستثناء إثنان من الضباط الصغار كانوا يروا أن الملك حسين لم يقول اي جديد خاصة عن المصريين لانهم منذ عام 68 وهم يتناقلوا اخبار ويستدعوا الإحتياط، وكأنهم يستعدوا الحرب ثم يتراجعوا فجأة .
واكدت المواقف الرسمية الاردنية أن الملك لم يبلغ إسرائيل بموعد الحرب بدليل أن الأردن شارك بشكل فعال في حرب أكتوبر بجانب سوريا من خلال اللواء أربعين بقيادة العميد روك خالد وقدموا عشرات الجرحى والمصابين، وكذلك رفعت الاردن حالة الاستعداد القصوى للجيش الأردني، بهدف تشتيت الإنتباه الإسرائيلي ناحية حدودها الشرقية، من أجل رفع الضغط عن الجبهة السورية في أيام الحرب.
على الرغم من كل هذه الإتهامات إلا أن الملك حسين يعتبر هو باني الأردن الحديثة واستطاع ترسيخ اركان مملكته في ظل محيط ملتهب من حوله .. وبعد كل ما أثير ويثار هل فعلاً ملك الاردن الراحل كان عميلا لاسرائيل ام انها اكاذيب يرددها اعداء الاسرة الهاشمية ؟