تحقيقات وحوارات
فيديو.. أرسل "بوتين" رئيس وزرائه لإبلاغ صدام حسين برسالة سرية فتفاجأ برد قوي عليه
تفاصيل الرسالة السرية التي كانت ستغير مصير العراق!
بدأت القصة في شهر أبريل من عام 2003، عندما جاء "بريماكوف" رئيس وزراء روسيا وقتها في زيارة سرية إلى العراق. اتجه "بريماكوف" إلى بغداد مُحمَّلًا برسالة خاصة من "بوتين" إلى "صدام حسين"، ولم يكن يعرف فحوى هذه الرسالة السرية أي أحد باستثناء "بريماكوف" و"بوتين"، حتى أن "بريماكوف" لم يُخبر مُترجمه الشخصي الذي اصطحبه معه بتفاصيل هذه الرسالة التي كانت يمكن أن تغير مصير العراق تمامًا.
عندما وصل "بريماكوف" إلى بغداد استقبله أحد الوزراء، وأخبره بأن "طارق عزيز" نائب رئيس الوزراء يريد أن يجلس معه. رفض "بريماكوف" الجلوس مع "طارق عزيز"؛ لأن طارق سيسأله عن غرض الزيارة، وهو لا يريد أن يعرف أي أحد الغرض من زيارته باستثناء مهيب الركن.
أصر "بريماكوف" على مقابلة صدام أولًا، وأخبرهم أن الأمر عاجل وسري ولا يحتمل أي تأخير. اتصلوا بصدام الذي كان يجلس في أحد قصوره وأخبروه برغبة "بريماكوف" في مقابلته، فوافق صدام على لقائه.
اتجه "بريماكوف" إلى القصر والغموض يُحيط به من كل جانب، وعندما دخل القاعة التي يجلس بها صدام وجد معه "طارق عزيز" و "سعدون حمادي" رئيس البرلمان. بعد أن صافح "بريماكوف" الرجال الثلاثة، اقترب من مهيب الركن وهمس في أذنه طالبًا الجلوس معه وحده.
أدرك صدام أن الأمر خطير بالفعل، وبالتالي أشار إلى طارق وسعدون بالخروج ليتركاه وحده مع بريماكوف والمترجم. وعندما خرج الاثنان نظر صدام إلى بريماكوف بالكاريزما المعتادة وانتظر منه أن يبدأ في الحديث.
انتخابات عاجلة
كان "بريماكوف" مرتبكًا ويشعر بالحرج من فحوى الرسالة، وكان قلقًا من رد فعل شخصية قوية مثل صدام على رسالة بوتين. وبعد القليل من التردد بدأ بريماكوف في إيصال الرسالة، والتي كان تحتوي على طلب شخصي من بوتين إلى صدام بالتخلي عن منصب رئيس الجمهورية والإعلان عن إجراء انتخابات عاجلة. وقال بوتين في رسالته إنه يؤمن بوطنية صدام وحبه لبلده، لكنه متأكد من أن أمريكا لن تتنازل عن فكرة الإطاحة به. وإن لم يقبل بالحل السلمي ويتنازل لن تكون النتائج في صالحه ولا في صالح العراق.
من المعروف للجميع أن روسيا كانت من حلفاء العراق، ولك أن تتخيل رد فعل صدام عندما تأتيه رسالة كهذه من أحد حلفائه. يقول "بريماكوف" إن صدام كان هادئًا للغاية، وكان يُمسك بقلم يُدوِّن به ما كل يقوله "بريماكوف" في دفتر صغير. وهذا ما جعل بريماكوف يتفاءل خيرًا، وظن لوهلة أن صدام سيقبل باقتراح بوتين ويتنازل عن الحكم.
بعد أن انتهى صدام من التدوين، طلب من بريماكوف أن يُكرر كل الكلام الذي قاله أمام طارق عزيز وسعدون حمادي. وافق بريماكوف على ذلك، فاستدعى صدام الرجلين، وكرر بريماكوف طلب بوتين على مسامعهما.
انتخابات وتنحي
بعد ذلك نظر صدام إلى بريماكوف وقال له بعتاب: "أنت تريدني أن أتنازل الآن حتى لا يدخل الأمريكان العراق، لكن ألم تخبروني من قبل أن أنسحب من الكويت حتى لا تحاربني أمريكا.. ورغم الانسحاب دخلت أمريكا الحرب؟ ".
أجاب بريماكوف بأن قرار الانسحاب وقتها تأخر كثيرًا حتى انتهت مدة الإنذار الأمريكي، ولم يكن بيدنا فعل شيء لإيقافهم. وأكد له أن الأمريكان لن يتنازلوا عن الغزو هذه المرة إلا بتنحيه عن الحكم وإقامة انتخابات.
في تلك اللحظة من النقاش، بدأ طارق عزيز في الحديث.. إذ قال بحسم إلى بريماكوف: الرئيس صدام درس الموقف جيدًا وهو أدرى بشئون بلاده.
وعندئذٍ نهض صدام فجأة ونظر إلى بريماكوف نظرة ذات معنى، ثم وضع يده على كتفه وربَّت عليه.. وغادر القاعة دون أن يقول أي شيء. وبعد مغادرة صدام قال طارق عزيز ل بريماكوف: "سنلتقي بعد عدة سنوات، وسترى هل رئيسك على صواب أم رئيسنا نحن".
قوة سحرية
كان "بريماكوف" مندهشًا بشدة من موقف صدام ورجاله، وقال إنه لا يعرف لماذا كان صدام واثقًا إلى هذا الحد، كأن هناك قوة سحرية ستأتيه فجأة وتُغير موقف أمريكا وحلفائها منه في آخر لحظة.
ربما كان رد فعل صدام الهادئ على رسالة بوتين والطريقة التي نهض بها من القاعة وغادر دون أن ينطق بكلمة، تُعبر عن شعوره العميق بالخذلان. كأنه يقول في نفسه: كل حلفائك خانوك يا صدام!
لم تكن مهمة بريماكوف في العراق تتوقف عند إيصال هذه الرسالة فحسب، بل كان قادمًا في مهمة أخرى تتعلق بضرورة تعاون المفتشين الدوليين الذين كانوا يقومون بإحصاء الأسلحة العراقية.. وذلك بعد أن انتشرت المعلومة الكاذبة بأن العراق تمتلك النووي. وبعد أن اطمأن إلى أن العراقيين يتعاونون مع المفتشين الدوليين، غادر العراق ليوصل إلى بوتين الرد على الرسالة.
فهل تعتقد أن مصير العراق كان سيتغير لو استجاب صدام لرسالة بوتين، أم أن النية كانت إسقاط العراق سواء استجاب صدام أم لا؟