الفن
مسلسل بدون سابق انذار..انتهى دون سابق انذار
مسلسل بدون سابق انذار ..من المسلسلات التي كانت تبدو واعدة منذ طرح اعلانها الرسمي الاول هو مسلسل "بدون سابق انذار" بطولة آسر ياسين و عائشة بن أحمد و أحمد خالد صالحة، حيث شهد المسلسل تقديم موضوع شائك، و غير معتاد تقديمه بالدراما المصرية، و رغم ما حملته الحلقة الأولى من أحداث مثيرة و مشوقة ومكدسة، انتهت القصة بمجرد عرض الحلقة الثانية من العمل و لم يبقى سوى حل لغز تبديل الأطفال و سؤال كيف و من فعل ذلك ؟، و حتى يستكمل المسلسل حكايته اضطر للدخول في أكثر من خط درامي ليس لهم أي علاقة بالخط الرئيسي، رغم أن مسلسلات الاثارة و التشويق و البحث عن حل للغز ما، لابد و أن تتقاطع كل الخطوط الدرامية في خط درامي واحد، و أن تلتقي في نقطة ما، و لكن أن تتفرع كل هذه التفريعات دون معرفة حتى كيفية تقديم خاتمة منطقية لها، أو دون عرض نهاية للخط الدرامي من الأساس ؟؟!!
فبعد عرض الثلاث حلقات الاولى من مسلسل بدون سابق انذار وقع سريعاً في هوة المط.. فالحكاية لم تكن تحتاج إلى كل هذا التفرع والحشو والأحداث التي وضعت لأجل الوصول إلى 15 حلقة.. فما تستطيع ان تقوله بكلمة.. لا تقوله بأكثر من كلمة.. وما يستحق خمس حلقات لا تحوله إلى 15 حلقة.
مسلسل بدون سابق انذار :
ثم يأتي الفتور في السرد الخطي البارد في شخصيات فرعية وتناص في الكادرات والمشاهد والقصة بين مسلسل بدون سابق انذار و بين اعمال أخرىتناولت نفس الموضوع من قبل.
و من الواضح في الدراما المصرية هذا العام أن الصناع يتحاشون تماماً الاحتكاك بالقضاء في القضايا الانسانية و الشائكة، فما حدث في مسلسل صلة رحم حدث تماماً في مسلسل بدون سابق انذار، فرغم أن الموضوع كان يحتاج إلى المناقشة القضائية و من الطبيعي أن تتصارع الأمهات على الطفلين، و الطبيعي أن يطلب العم الأكبر لعائلة مروان تغيير نسب الأطفال من أجل الورث كما ذكر، و كذلك الأمر ذاته مع عائلة زوج الأم الثانية التي توفى زوجها قبل ولادة الطفل و اضطرت الجدة لتبديله بطفل آخر لضمان الميراث بعد أن توفى أربع ابناء من قبل لابنتها، فشيء أكثر من طبيعي ان تُقام حرب قضائية من أجل الطفلين، ومن أجل تبديل الأسماء و صراع نفسي يدور بين الأطفال انفسهم، و لكن تجاهل المسلسل كل هذا و تم حل النزاع في أقل من دقيقة، و تُركت كل الخطوط الدرامية مفتوحة بلا أي اجوبة نهائية و اكتفى صناع المسلسل بان الاسرتين تفهموا الأمر و تقبلوه و عاشوا جميعاً بالقرب من بعضهم بدون اظهار وجود أي مشاكل في التعايش مع هذا الوضع.
مسلسل بدون سابق انذار :
بالنسبة للاخراج لم يكن متميزاً بالقدر الكافي، رغم تميز المخرج هاني خليفة ولكنه وقع فيما يقع فيه مخرجين هذه المرحلة وهو بالنسبة لي ما كان ليقع فيه بمهنيته وخبرته لولا الأستعجال ومساعد مخرج ومونتير لم يقوموا بمراجعة الحلقات.. ففي الحلقة التاسعة وحوار بين "عائشة بن احمد ونورا شعيشع عن وضع حكاية ابنهم على الفيس بوك على صفحة المفقودين.. قام هاني خليفة بعمل لقطة "كلوز" على الموبايل ليتضح انها صفحة تضم "خمسة اعضاء".. وهذابالنسبة لي أمر هزلي بكل المقاييس..! الهروب منه بسيط بأن يبعد الكاميرا او يتسعين بخدعة "جرافيك" أو يشكل صفحة من فريق العمل باكونتات مزيفة ليحصل على عدد متابعين كبير ثم يغلق الصحفة بعد انتهاء عرض المشهد، في حالة اتقانه الشديد للعمل.
مسلسل بدون سابق انذار :
هذا فضلاً عن الأخطاء الطبية الفادحة بالمسلسل بالرغم من تصوير اغلب حلقات العمل في واحدة من أكبر مستشفيات القاهرة، إلا أن فريق العمل لم يستعين بطبيب واحد في علم أمراض الدم للافادة في المعلومات الطبية ، و اكتفى بخياله و معلومات الانترنت، و كان اكثرها غرابة تحليل الحمض النووي الذي تظهر نتيجته في نفس اليوم، حيث تناوب على كتابة الحلقات ثلاثة كُتاب و ربما هذا ما اضعف السيناريو وجعل الشخصيات مذبذبة مثل شخصية نهى التي تظهر في حلقة جشعة و انانية و خائنة لزوجها و في حلقة أخرى تظهر ضعيفة و مكسورة، و كل ما تريده في الحياة هو تأمين مستقبل ابنائها.
أما عن الأداء فحدث ولا حرج عن تماثيل الشمع أو العرائس المتحركة بالخيوط "الماريونيت" التي شاهدناها، حيث يليق بها وصف "شمع فاخر من الآخر" ، فلم نرى أي رد فعل من المفترض أن يحدث بعد كم الأحداث التي تهد جبل و لكنها لم تحرك ساكناً ولا رمشاً لآسر ياسين و عائشة بن أحمد، حتى افضل الأداءات و التي قدمتها مريم الخشت في الحلقة الاخيرة لم تكن كافية بقدر الصدمة التي تلقتها أم في ابنها و الذي تكتشف أنه ليس ابنها.
مسلسل بدون سابق انذار :
أن يكون لديك فكرة جيدة شيء جميل و لكنه ليس كافياً، فالأهم أن تعرف كيف تكتبها بسيناريو يعج بالتصاعد الدرامي و أن تعرف كيف تستغل كل حل ممكن في القضية المطروحة و أن تطرق كل الأبواب و تستنفذ كل المشاعر التي يحتملها الموقف و تتابين ردود الأفعال بين شخص لآخر و تتفاوت حيلهم و قدراتهم على حل المعضلة الانسانية المطروحة بين شخص واسع الحيلة و غيره قليل الحيلة و غيره متحايل على القانون و آخر لا يخالف القانون و هكذا، لتتقلب الأحداث و تتغير و يحتد الصراع و يتأزم، كي لا تصاب بشلل بعد عدة حلقات وتلجأ "للت والعجن" واللف في دوائر من الحشو والكلام المكرر والمعاد والتفرع لأحداث وشخصيات مبتورة لمجرد ان تملأ فراغ.
مسلسل بدون سابق انذار :
سيناريو مسلسل بدون سابق انذار اعتمد على فكرة.. لكن سقط سقوط كبير في كتابتها وتنفيذها والأخراج للأسف سلك نفس طريق السيناريو في الحشو الغير مبرر ولقطات ومونتاج مليء بمشاهد بدون أي داعي وحكاية لم تستحق أكثر من فيلم قصير مدته ربع ساعة.. السيناريو هو الأرض الصلبة التي تُبنى عليها الدراما.. والاخراج هو الأدوار التي تُكمل المبنى.
بدون سابق انذار مسلسل انهار قبل الوصول لمنتصف حلقاته وتحول لحالة من اللت والعجن وانقاض لفكرة.. مجرد فكرة.