اهم الاخبار
الجمعة 22 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

زينب الباز تكتب: جميلة حافظ.. ريحانة الصحافة النسائية

الكاتبة الصحفية زينب
الكاتبة الصحفية زينب الباز

بحروف من نور سطرت جميلة حافظ في سجلات التاريخ، فقد ساهمت بجرأتها وشجاعتها في تشكيل وعي وثقافة النساء في بر مصر، حاملة مشاعل التنوير في سبيل حربها لتحرير المراة ووضعها في المكان الذي تستحقه، وبالرغم من ذلك ضألة المعلومات المتاحة عنها تؤكد تعرضها للظلم وأن التاريخ مر عليها مرور الكرام، بصورة جلعت ريحانة الصحافة النسائية من نساء الظل.  
نالت جميلة حافظ التي ولدت ونشأت في مدينة حلوان قدر كافي من التعليم ساعدها في تكوين شخصيتها المستقلة كما كانت مطلعة جيدة على كافة الصحف والمجلات مما ساعدها في كتابة عدد من المقالات في بعض الصحف.

رائدة مصرية

اتخذت جميلة حافظ من نبوية موسى قدوة لها، فحينما دعت الأخيرة لحقوق المرأة في العمل والتعليم، وكانت أول مصرية تحصل على درجة البكالوريا، قررت جميلة أن تكون رائدة في مهنة البحث عن المتاعب وأنشأت الريحانة أول مجلة نسائية في مصر، في فبراير 1907 اتخذتها منبرا لتدعو من خلاله إلى تحرير السيدات، وكانت كل محرراتها من المصريات، وكانت المجلة أدبية، نسائية شهرية «1». 

زينب الباز تكتب: جميلة حافظ.. ريحانة الصحافة النسائية  


شجعت جميلة حافظ المصريات على انشاء الصحف والمجلات إذ كان الأمر قاصرا قبلها على الأجانب والشاميات، ولكن بعد الصدى الجيد الذي لاقته مجلة الريحانة سار على دربها الكثير من المصريات فقامت فاطمة نعمت راشد بإصدار مجلة ترقية المرأة في مارس 1908، وفي يوليو من نفس العام قامت ملكة سعد بإصدار مجلة الجنس اللطيف الشهرية التي توقفت عام 1925، وفي القاهرة صدرت أول مجلة متخصصة في تعليم المرأة الأعمال اليدوية في ديسمبر 1908 باسم مجلة الأعمال اليدوية للسيدات، ومن المجلات التخصصية أيضا مجلة أمهات المستقبل التي أصدرتها تفيدة علام عام 1930، وكانت لسان حال جمعية الشابات المصريات، وكانت شهرية أخلاقية، وقد توقفت بعد عامين من صدورها، وكذلك مجلة الطالبة التي أصدرتها منيرفا صادق عام 1938 واهتمت بشئون الفتاة وتعليمها، وتطرقت إلى الأزياء والرياضة والتدبير المنزلي، ومجلة شيك التي أصدرتها فاطمة راشد في القاهرة في مارس 1941، وكانت تهدف إلى تعليم المرأة فن التجميل، وتوقفت بعد أربع سنوات من ظهورها «2».
كما ساهمت هدى شعراوي في إصدار مجلتين هما: المرأة المصرية عام 1920، واشترك معها بلسم عبد الملك، وسجلت هذه المجلة جميع خطوات الحركة النسائية المصرية في ذلك الوقت، كما احتضنت عددا من الأقلام النسائية الشابة، والمجلة الثانية هي المصرية التي أصدرتها سنة 1937، وكانت نصف شهرية مصورة، وعرضت للآراء المؤيدة لتحرير المرأة، وغيرها من المجلات والصحف التي كانت نتاجا لتجربة جميلة حافظ في الريحانة.

مصر للمصريين


وضعت جميلة حافظ سياسة لصحيفتها قائمة على أن مصر للمصريين كشعار غيرنا من الوطنيين المخلصين الصادقين، كما طالبت المصريين بأن يتمسكوا باستقلال البلاد، وألا يتوانوا عن المطالبة به بالصراحة والمجاهرة وأن يعلموا بقول المتنبى:
«وإذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تكون جبانا»

زينب الباز تكتب: جميلة حافظ.. ريحانة الصحافة النسائية  


سر عظمة جميلة حافظ أنها كانت تعلم جيدا أن تجربتها محكوم عليها بالفشل وأنها تخوض معركة خاسرة من الأساس فأغلب السيدات أميات لكنها قررت أن تكون ملهمة لغيرها وأن تفتح الباب لهم وهو ما حدث بالفعل بعد عام فقط من إصدارها مجلة الريحانة التي صدرت في 27 فبراير 1907، في مكان سكنها بحلوان وكانت مجلة متواضعة ثم حولتها صحيفة نصف شهرية في 20 مارس ۱۹۰۸ لكنها لم تستمر طويلا بسبب الأمية وضعف التمويل.
جميلة حافظ كانت ترى في الإسلام طريقا لتحسين أوضاع المرأة، رسخت ذلك في مجلة الريحانة حيث كانت ترى أن الانتصار للمرأة، والمطالبة بحقوقها التي خولتها لها الشريعة الإسلامية الغراء، وتعضيد كل قائم بخدمة الأطفال والأيتام والفقراء، والانتصار لكل ضعيف «3».


تقول الدكتورة إجلال خليفة الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن ما فعلته جميلة حافظ نوع من البطولة النسائية النادرة، إذ يدل على وعي سياسي واجتماعی، حيث نشرت الوعي بين زميلاتها وصنعت منبر إعلامي لمخاطبة الرأی العام أضاء لمن جاء بعدها طريق المستقبل، مؤكدة أنها أصدرت المجلة وهى تعلم أن أنها لن تدوم طويلا لكنها فتحت الباب على مصراعيه لمن يأتي بعدها «4».
وعن أسباب فشل الريحانة، قالت إجلال خليفة أن قلة انتشار الوعى النسائي بين القراء من ناحية وافتقارها إلى الوسائل التي اعتمدت عليها الصحف الأخرى مثل الاشتراكات والإعانات كمجلة فتاة الشرق التي اشتركت فيها الحكومة المصرية لتوزيعها على مدارس البنات، كما اعتمدت أنيس الجليس على الإعانات المالية الكبيرة من ذوى الجاه لشهرة صاحبتها في أوساطهم كذلك الاشتراكات خارج مصر في بلاد الشام وأمريكا اللاتينية بين مهاجری سوریا هناك كذا كان الحال بالنسبة لمجلة السيدات، فضلا عن قوة مادة التحرير فيها «5».
اتخذت جميلة حافظ عبارة مصر للمصريين والدعوة لحقوق المرأة التي أقرها الإسلام، شعار لمجلتها الريحانة، مما حول المرأة إلى رمز للكفاح من أجل الاستقلال، المجلة كانت تصدر شهريا في 40 صفحة كبيرة تحوي موضوعات الأدبية والأخلاقية وكانت تذخر بسير شخصيات نسائية بارزة من المسلمات وكان اشتراكها ۳۰ قرشا مصريا في العام.
شغلت قضية التعليم جميلة حافظ، وجعلت منها القضية المحورية المطروحة في الصحافة النسائية، وساقت من خلال مقالاتها التبريرات المختلفة دفاعا عن تعليم البنات على أساس أن الأمة لن تتقدم إلا إذا تم إعداد الزوجات بما يتناسب مع أدوارهن المنزلية وواجباتهن التي فرضها الدين من خلال صياغة منهج دراسي يتضمن تدریس مواد التدبير المنزلي من أجل إعداد النساء الوظيفتهن في المنزل. 


بعد توقف الريحانة عن الصدور اختفت جميلة حافظ تماما عن الأنظار ولم يستطع أحد أن يكسر عزلتها حتى رحلت في صمت بيد أنها لم تكن تتوقع أن تنتهي تجربتها بهذه السرعة، رغم أنها كانت على يقين من أن فشلها قادم لا محالة للأسباب التي سبق ذكرها، مما لاشك فيه ان تجربتها الرائدة شجعت المصريات على التحرر وخوض تجارب جديدة مما يضعها بمثابة الأب الروحي للصحافة النسائية في مصر فقد حققت مالم يسبقها غيرها فيه. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«1»كتاب صحفيات ثائرات ص 75، 76، أحمد إسماعيل، إبراهيم التل
«2» مجلة فتاة الشرق العدد السابع سنة 1910
«3» ناجی نعمان . دليل الصحافة العربية، ص 166 .
«4»كتاب الحركة النسائية الحديثة 69 ،إجلال خليفة
«5»كتاب الحركة النسائية الحديثة 70، إجلال خليفة

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء