بأقلامهم
مريم الكعبي تكتب: يصنعون الخوف فينا.. وضعونا في دوائره المرعبة
في أحد رواياته يقول الأديب نجيب محفوظ " الخوف لا يمنع من الموت و لكنه يمنع من الحياة "، فهل تعلم عزيزي المواطن العربي بأنك تعيش ضحية لثقافة الخوف التي اعتمدتها بعض الأحزاب من أجل استقطابك لدائرتها ، فما هي ثقافة الخوف ؟ ، إنها استراتيجية تقوم على بث الهلع والفزع بين الجماهير من أجل تحقيق أهداف ومكاسب سياسية ، مناخ الخوف له أرضية في نفس المواطن العربي ، جميعنا لدينا هذا الاستعداد للخوف ، لأن تنشئتنا غالباً تعتمد على التخويف من أجل التعلم ، يجب أن نخاف حتى لا نرسب ، ويجب أن نخاف من خيبة توقعات الآخرين فينا ، ويجب أن نخاف من الفشل ومن نظرة الناس ومن المجتمع ، والنتيجة تأسيس على ثقافة خوف تستمر .
نشأة الكراهية وتجنيد المتطرفين
أتحدث عن صناعة ثقافة الخوف أو مناخ الخوف لأن هذه الثقافة مستمرة في التدفق تحرمنا من أن نعيش الأمن الداخلي ، خطاب إعلامي أنتج مواطن عربي يخاف من الآخر يخاف من المختلف ، خطاب يبث فيك الخوف من التجربة لكي لا تخسر ، وتستمر ثقافة الخوف والترهيب ، وفي السنوات السابقة كان الخطاب الممنهج هو تخويفك على دينك ، لكي تنشأ الكراهية ولكي يسهل تجنيد المتطرفين ، المناخ الملائم الدائم هو تأسيس مناخ خوف على الدين وكأن الدين هش ، ببساطة يمكن أن يتخلى الفرد عن دينه ، ولكنها ثقافة نجحت وأتت أكلها وأثمرت وما زالت ، وفي كل قنوات الإعلام المعادي كان هنالك خطاب ممنهج مهمته إثارة هلع المواطن العربي على دينه ، استخدموا هذا الخطاب من أجل أهداف سياسية وأنجزوا مهمتهم في تصنيف الشعوب والمجتمعات وفي تنميط الدين بمقاساتهم ، التي تقوم على نبذ الآخر ، وتكفيره وإخراجه من الدين ، هكذا ببساطة .
التخويف واجب شرعي
هل يكتفون منك عزيزي المواطن العربي ؟ ، كلا لأن الاستهداف لم ولن ينتهي في الأيام الماضية ، هنالك نوع جديد من طُرح في أسواق التخويف ، وأظنكم جميعاً تعلمون ما هو ؟! ، إنه التخويف على الهوية الجمهورية الجديدة والإمارات العالمية ، جعلوهما سبباً في تأسيس خوف جديد ، هو الخوف على الهوية ، وإلقاء الرعب في قلوب الآخرين أصبح لدى البعض واجب شرعي وفرض وطني ، هم فقط يحمون الدين وطريقهم إلى ذلك ترهيبك الدائم ، هم فقط من يفقهون الوطنية ومعناها لذا عليهم أن يحملوا لافتات تحذير من مخاطر تغيير اسم واعتبار ذلك قتل للهوية ، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق ولكنها ثقافة تحقق أهدافها ، جميعنا نخاف فهي غريزة ، ولكن أن يتحول الخوف إلى منهج وأسلوب حياة ونظل في زنزانة الخوف التي يضعنا فيها الآخرون بدون سبب ، ففي رأيي أن ذلك استلاب وسرقة لما تبقى من حياتنا ، وهو مناخ سلبي صناعته تؤدي إلى إنتاج النفاق والحقد والكراهية والحسد وتعزيز ثقة النفس بالتبعية لمن يبثون الخوف .
الانكسار أمام صاحب النفوذ
ونأتي إلى السينما التي صنعت الخوف بطريقتها ، الخوف على الرزق ، الخوف من صاحب النفوذ والانكسار له ، الخوف من العين ، الخوف من الحسد ، الخوف من التغيير ، الخوف من التجربة ، نحن نتاج لمصانع من الخوف تم تأسيسها في غفلة من الزمن ، الخوف على الرزق ، الخوف من الأذى ، الخوف من نبذ الآخر ، الخوف من الخسارة ، الخوف من التفكير ، الخوف من الحديث ، الخوف من الآخر ، دائرة الخوف التي وضعونا فيها بدون إدراك منّا مرعبة جداً ، ولأننا منتجات إنسانية لمصانع الخوف ، سيظل الإعلام والسينما يتلاعبان بمخاوفنا ليصنعا مناخات جديدة للخوف ، ووحده الايمان بمشاركة الوعي سبيلنا لكي نتحرر من سجن الخوف الدائم الذي يضعوننا فيه مع كل هدف سياسي يرمون إلى تحقيقه .