بأقلامهم
شايع الوقيان يكتب : اتهموني بالخيانة عندما مدحت الملك عبد الله .. هل بعت قلمك يا شايع ؟!
منذ اشترعتُ في كتابة النصوص للصحف لم أمدح أحداً إلا ما ندر، ولاسيما الساسة ، فقد كنتُ أخاف على نفسي من مدح السياسي لأنني تعلمتُ – كمثقف عربي- أن مدح الحاكم خيانة ! ، بعدما شببتُ عن الطوق، وعدتُ إلى ذاتي، عرفتُ أن أساطير المثقفين ليست سوى حيل سياسية روج لها اليسار واليمين .
أساطير المؤدلجين
لاحقا، وبعد أن تحررت من أساطير المؤدلجين، عرفتُ أن هناك سعة في الثناء لمن يستحق الثناء حتى لو كان سياسياً، وأن السياسي قد يكون أرحم للناس من أهل الفكر والعقائد والأيديولوجيات ، كتبت على خجل مقالاً في مدح الملك عبد الله رحمه الله ، فاتصل بي المثقفون غاضبين : هل بعتَ قلمك يا شايع ؟ ، ولماذا ؟ قلتُ مستهجناً قال : أنت فيلسوف وتمتدح الحكّام ، أشهد أنك فيلسوف مزور ! ، قلت: لستُ فيلسوفاً والعياذ لله ( إن كنت ترى الفليسوف بهذا الرأي ) ، أما مدح الحكام فلم أفعل سوى أن مدحت الإصلاحات الجبارة التي قام بها الملك عبد الله ، فإذا لم نمدحه فمن نمدح ؟ ، تلعثم بغباء بارد ولم يرد .
بيع شرف القلم
اليوم .. ومع مجيء رائد الرؤية والنهضة، لم أعد أخجل كالسابق من الثناء على أهل السياسة متى ما كانوا ذوي حكمة وروية وكياسة ، فلم أترك مجالاً إلا وباركت فيه كل جهود الرؤية التي قادها محمد بن سلمان ، ومنذها ومثقفو البلادة يتلعثمون جانبي ، ويتهمونني ببيع شرف القلم.. وكأن لهم شرفاً في الأساس .
استغلال القيم
وفي النهاية تبقي كلمة خارج السياق : أعتقد أن التعريف الصحيح للعلمانية اليوم هو الفصل بين السياسة والأيديولوجيا عموما ، فالمؤدلج يستثمر كل ما يقدسه الناس لكي يسيطر عليهم " دين، علم، فن، قيم، إلخ ، ولم يحارب المؤدلجون العلمانيةَ إلا لأنهم عرفوا معناها الحق ، فالعلمانية الحقة هي قطع الطريق على السياسي وغيره لاستغلال القيم كالدين .
السيطرة على الواقع السياسي الاجتماعي
والأيديولوجيا لها معان شتى ، لكن المعنى المستقر اليوم ذو دلالة سلبية ، ويراد به كل استغلالٍ للقيم الرفيعة عند البشر من أجل السيطرة على الواقع السياسي الاجتماعي فالقيم الرفيعة الدين والفن والأخلاق والعلم والفكر الفلسفي والتربية والقيم الاجتماعية الموروثة كالقبيلة .
الوجود كوجود غير موجود
الوجود في ذاته يسمى عند العرب واجب الوجود وهو الله تعالى ، لكن المشكلة برأيي أن الوجود في ذاته لا يمكن أن يكون موجوداً ، لأن الموجود متعين في زمان ومكان، وبالتالي يطرأ عليه الكون والفساد، وبعبارة لاهوتية (= مخلوق ) ، لنتذكر : الوجود كوجود غير موجود ، أي غير متعيّن ولا قابل للتعيّن.
كاتب المقال : كاتب وفيلسوف سعودي له العديد من مقالات الرأي في صحيفة عكاظ السعودية