اهم الاخبار
الجمعة 22 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

مريم الكعبي تكتب: أجيالنا تربيها حسابات اليكترونية.. يعيشون في عالم افتراضي لا نعلم عنهم شيئاً

انهيار أمام طوفان مواقع التواصل.. الجميع سواسية الأب مثل ابنه والام تشبه ابنتها.. حتى الاعلام التقليدي يستسلم

الكاتبة والناقدة
الكاتبة والناقدة الاعلامية الاماراتية مريم الكعبي

من طرائف وظرائف مواقع التواصل أنها بعد أن فرخت لنا المستثقفين والعارفين ببواطن الأمور أدعياء العلم في جميع الحقول حواضن مواقع التواصل تُفرخ لنا اليوم المرشدين النفسيين والاجتماعيين والسلوكيين وكل شيء مباح ومتاح لا يهم ما تملك المهم أن تملك حساب ولا تتوقف عن الكلام، فاشلون في حياتهم يعلّمون الناس كيفية حل المشاكل شريكات الفساد الفني اللواتي كانت لهن أدوار أصيلة في نشر ثقافة الابتذال والتعري بوصفها حريات، يطلّون اليوم ليهاجموا الفاشينستات ويحذرن من أدوارهن المشبوهة في المجتمع، تحت غطاء الحريات نحن نعيش مهزلة حقيقية في هذا الشأن . 

 

مفسد ومصلح في آن واحد

وبالأمس استمعت إلى فنانة حياتها الخاصة مفتوحة على الملأ ومشاكلها تديرها عبر حساب سناب شات هذه الفنانة تحذر الفتيات من مواقع التواصل، تناقضات فاخرة، سوق مفتوح للمتاجرة بكل شيء، الكل يريد أن يصبح كل شيء وفي كل شيء مفسد ومصلح في آنٍ واحد والمسرح مفتوح لجميع أشكال الاداء، فنانون يمتلكون حسابات ومتابعين يصرّون على استفزاز المشاعر بمظاهر البذخ والرفاهية في كل فيديو أو محتوى ينشرونه، ثم يظهرون في أعمال يؤدون فيها دور الكادحين المنحازين للفقراء، يستغلون مكانتهم في القهر والتسلط على حقوق الآخرين ثم يظهرون في أدوار المناضلين من أجل حقوق المظلومين .

 

فيروس أصاب الجميع

‏ما زال البعض يستهين بتأثير مواقع التواصل، وأولئك ينظرون للأمر من زاويتهم يمتلكون نضجاً وفكراً يعرف التقييم لا يعلمون أن هنالك أجيال تربيها حسابات الكترونية لا نعرف عنها شيئاً، الحسابات ليست عمل فني لنقيمه إنها عالم افتراضي يصنع وعي مزيف ويبني توجهات ويوجه سلوك، وهذا التهافت على مواقع التواصل جعل الأب مثل ابنه والأم مثل ابنتها، طوفان مواقع التواصل يحمل الجميع ليست هنالك إشارة وقوف ولا طريقة استخدام ولا تقييم للتأثير الجميع في العالم الافتراضي سواسية، انبهار واستسلام كامل دون تفكير في عواقب استخدام، إغواء الشهرة والرغبة في الوصول إلى متابعات ضخمة ، فيروس أصاب الجميع الكل يرى في نفسه أحقية أن يكون في أولوية مشاهير مواقع التواصل لأنها صورة سهلة ومتاحة، من يتصدرون المشهد مقوماتهم شكل جميل وتنازل عن الخصوصية وافتعال مشاهد تمثيلية لذا اندفع الكثيرون . 

 

مشهد بائس ومحزن

وفي الوقت الذي كان يجب أن يكون فيه دور للإعلام التقليدي في المواجهة والتصدي للنتائج السلبية لإفرازات الإعلام الحديث وتبني الجيد منها وتشجيعه، استسلم هذا الإعلام بكل بساطة وأصبح يتسول المشاهدات، بأن يقتات على أخبار مشاهير مواقع التواصل، اختار أن يكون تابعاً للسيء في مشهد بائس ومحزن. 

كاتبة المقال: كاتبة وناقدة اعلامية إماراتية.. صادر لها كتاب «آهات الصمت» عن دار الكتاب الجامعي.. وكتاب «حاول مرة اخري» عن دار همايل.. ورواية «امرأة تحترق» عن دار أوراق

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء