اهم الاخبار
الإثنين 04 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

زينب الباز تكتب: أم الشهداء.. عنوان كفاح المرأة المصرية والعربية

الكاتبة الصحفية زينب
الكاتبة الصحفية زينب الباز

تعد راوية عطية أول امرأة نالت عضوية البرلمان في مصر والوطن العربي عام 1957، وأول امرأة تعمل ضابطة في الجيش المصري برتبة نقيب، كانت سيدة استثنائية، قلما يجود الزمان بمثلها، فقد وضعت نصب عينها هدفا وعاشت له وبه فصارت صارت قدوة وأيقونة للعمل النسائى؛ الإنسانى والسياسى، أنها راوية شمس الدين عطية. 
ولدت راوية عطية، في 19 أبريل عام 1926، بمحافظة الغربية، ونشأت في عائلة سياسية، حيث كان والدها الأمين العام لحزب الوفد في الغربية، وكان له أنشطة سياسية ضد الاحتلال الإنجليزي أدت به إلى السجن، فكانت تذهب اليه في المعتقل مع بعض أصدقائه، مثل يوسف باشا الجندي وكان زعيما للمعارضة في مجلس الشيوخ، وصبری باشا أبو علم وعبد السلام باشا جمعة، وحمدي باشا سيف النصر كانت في صغرها تسأل كثيرا عن کلمات دائما تتردد أمامها وعلى مسمعها، وهي الدستور والقانون والحريات والثورة.

 وكان والدها لا يبخل عليها في مدها بالمعلومات ويجيب عن تسأولاتها الحائرة فقد كان يستشف الدور الذي يدخره لها القدر في قابل الأيام مما جعلها تتشبع بالروح الوطنية، حتى أنها شاركت في المظاهرات المناهضة للإحتلال الإنجليزى وأصيبت بجروح عام 1939، وهي لم تتجاوز الثالثة عشر من عمرها، وكانت من قادة المظاهرات حيث حصلت على علم مدرسة الأميرة فوزية الثانوية للبنات ليكون على واجهة الأشراب، تحركت على 800 طالبة، متجهين إلى مدرسة الأميرة فوقية الثانوية «الأورمان حاليا»، وطفن بجميع أنحاء القاهرة، ثم ذهبن إلى المدرسية السنية للبنات حيث خرجت معهن ولما وصلت المظاهرة الى شارع القصر العيني هوجمت من جنود البوليس ببنادق الرش، فأصابتها شظية وحملتها في ذلك الوقت هدى شعراوي.

زينب الباز تكتب: أم الشهداء.. عنوان كفاح المرأة المصرية والعربية


حصلت راوية عطية على التوجيهية قسم علم بمجموع يؤهلها وقتها للالتحاق بكلية الطب، لكنها لم تكن تفكر إلا في السياسة والخدمة العامة وتقدمت إلى كلية الآداب، واختارت بالذات قسم التاريخ، في السنة الأولى لدراستها بكلية الآداب توفي والدها عطية شمس الدين، الذي زرع فيها الإشتراكية وحب الوطن، ونزع شهوة التملك من قلبها رغم حزنها الشديد على فراقه صممت على رسالته في الكفاح والمناداة باخراج الإستعمار الإنجليزى من مصر وسمقوط الملك وحاشيته الفاسدة، استكمالا لحلم ورسالة والدها الراحل.

حلالة العقد


عرفت راوية عطية بين زملائها بصديقة الطلبة والطالبات، لأنها كانت دائما تسعى لحل مشاكل الطلاب والطالبات سواء كانت مشاكل أسرية أو جامعية، حيث كانت عضوا في جمعية الخدمات الاجتماعية بكليتها وفي هذه الفترة استطاعت جمع مبالغ كبيرة لصندوق الطلبة من مصاريف الجامعة إلى ثمن الكتب إلى أن بعضهم كان ياخذ مصاريف السكن، حيث لم تكن المدن الجامعية قد أنشئت.


نشاطها الإجتماعي لم يبعدها عن وصية والدها إذ كانت عضوا في اللجنة التنفيذية العليا للطلبة، وصقلت الجامعة تفكيرها السياسي واكتمل وعيها في هذه الفترة كان من أعز أصدقائها المرحوم الدكتور فؤاد محي الدين رئيس الوزراء الأسبق.

زينب الباز تكتب: أم الشهداء.. عنوان كفاح المرأة المصرية والعربية


ولان التواضع وإنكار الذات من شيم الكبار كانت راوية عطية تنسب كل نجاح تحققه في مجال تحرير المرأة إلى قاسم أمين وهدى شعراوي وصفية زغلول وتؤكد أنه كان نتيجة الجهود سابقة وكفاع قديم كان ثمرة لغرس السابقين، ونتيجة لكفاح المرأة المتواصل منذ الثورة العرابية.
حصلت راوية عطية على شهادات جامعية في مجالات مختلفة وهي: الليسانس من كلية التربية جامعة القاهرة سنة 1947، ودبلوم في التربية وعلم النفس، وماجستير في الصحافة، ودبلوم في الدراسات الإسلامية، وعملت بالتدريس لمدة 15 عاما، وعملت كذلك في الصحافة فترة قصيرة تدربت خلالها على يد الكاتبين الكبيرين الراحلين مصطفى وعلي أمين.

النقيب راوية عطية


وفي سنة 1956، كانت رواية أول امرأة تعمل في الجيش حيث تقلدت رتبه نقيب عام في وحدة كوماندوز نسائية في الجيش لتصبح أول امرأة مصرية تتقلد رتبة عسكرية، حيث لعبت دورًا حيويًا في حرب السويس «العدوان الثلاثي»، وکلفت بتنظيم صفوف المرأة بالوعي وتجنيدها للتدريب على استعمال كافة أنواع السلاح وكافية فنون التمريض، ونجحت في تدريب 4000 امرأة، أصيبت برصاصة في ساقها الأيمن في أثناء العدوان الثلاثي، حيث كانت تدخل بورسعيد في زی بمبوطية عن طریق المنزلة لمساعدة المقاومة في مدها بالسلاح والمنشورات والملابس والأغذية، تولت تنظيم عملية استقبال مهاجرات بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي الغاشم على مصر في أكتوبر سنة 1956، وأشرفت على اقامتهم وراحتهم والترفيه مما خلد اسمها كبطلة للمقاومة الشعبية، حتى قال عنها الرئيس جمال عبد الناصر فى جمع من رجال الإعلام، لقد آمنت بكفاح المرأة المصرية من كفاح السيدة راوية عطية.


وفي سنة 1967، أثناء هزيمة الجيش المصری، سافرت إلى جبهة القتال وكونت لجنة المعركة من خمسة عشر سيدة للوقوف خلف القوات المسلحة في هذا الوقت العصيب وكان دورهن استقبال الجنود والضباط المنسحبين من سيناء من الصليب الأحمر الدولي من حرب الاستنزاف حتى حرب السادس من أكتوبر قامت بزيارات كثيرة إلى جبهة القتال وكان معها وفود من الجبهة الداخلية من مواقع الانتاج والخدمات، كان لها الفضل الأكبر في عملية الالتحام بين القوات المسلحة والجبهة الداخلية - وكان الغرض من هذا الالتحام رفع معنويات القوات المسلحة في هذا الوقت واستطاعت تجميع ۳ ثلاث مليون هدية من جميع الشركات على مستوى الجمهورية، شركات الغزل والنسيج والأغذية، ووزعت هذه الهدايا على أفراد الجيش الثاني والثالث الميداني أثناء حرب الاستنزاف حتى حرب أكتوبر، إلى أن جاءت حرب السادس من أكتوبر المجيد، وأعدت العدة لمساعدة القوات المسلحة في جبهة القتال والجرحى، في المستشفيات، وزارت الجرحى في مستشفيات بور فؤاد وبور سعید والقصاصين والتل الكبير والإسماعيلية والسويس، ووزعت عليهم الملابس والهدايا والحلوى.

رعاية أسر المقاتلين والشهداء


وفي أثناء حرب أكتوبر المجيد أنشأت جمعية رعاية أسر المقاتلين والشهداء بالجيزة لرعاية أمهات الشهداء والسهر على راحة أبنائهم ومساعدتهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا وماديا، وأصبحت هي رئيسة لهذه الجمعية من أكتوبر سنة ۱۹۷۳ م، ترعى هذه الجمعية الحج، كما ساعدت 150 أم شهيد على أداء الفريضة دون مقابل، و500 أم شهيد ومقاتل على تأدية الفريضة بثمن رمزی، حتى أنها لقبت بأم المقاتلين الشهداء.

زينب الباز تكتب: أم الشهداء.. عنوان كفاح المرأة المصرية والعربية


ونتيجة لدورها في خدمة الجيش المصري حصلت راوية على عدة جوائز عسكرية هم وسام 6 أكتوبر، وسام القوات المسلحة، والجيش الثالث الميداني.
دور راوية عطية الوطني لم يقتصر على مصر فقط إذ امتد إلى خارج الحدود فقد قامت بدور بارز في حرب العراق والكويت حيث نظمت دورات إسعاف وتمريض ودورات دفاع مدني للسيدات الكويتيات اللاتي حضرن من الكويت وأرسلت مع السيدات الهدايا إلى الجنود في حفر الباطن وإلى الجنود الكويتيين، وأرسلت رسائل أطفالهن إليهن في الجبهة.
ولأنها تعشق السبق والريادة كانت أول أمراة تفوز بعضوية البرلمان في مصر والوطن العربي عام 1957 عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حق المرأة في الانتخاب، والترشيح في دستور عام 1956، فقد نجحت بعد أن حصلت على 110.807 صوت، وحصلت على عضوية مجلس الأمة الذي لم يستمر سوى فترة وجيزة، وكان برئاسة الراحل عبداللطيف بغدادي عضو مجلس الثورة.
كان لراوية عطية عند دخولها البرلمان المصري مطالب عدة ناقشتها خلال الجلسات حيث شاركت في مناقشة بيان وزير الشؤون الاجتماعية والعمل حول مشاكل الأسرة وطالبت الوزير بتنفيذ المشروع الخاص بإنشاء مكاتب للتوجيه الأسري والاستشارات الزوجية، وذلك لحل مشكلات الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وطالبت بتعميم هذه الفكرة في جميع أنحاء الجمهورية، وأن تتولى الوزارة الإشراف عليها.

زينب الباز تكتب: أم الشهداء.. عنوان كفاح المرأة المصرية والعربية


وطالبت الوزير بأن يتعاون لجنة العادات والتقاليد بوزارة الشؤون الاجتماعية مع وزارة الإرشاد القومي للقضاء على العادات والتقاليد، التي لا تتماشى مع ما يسيء، إلى سمعة مصر في الخارج؛ وطالبت بتعديل مشروع لائحة الجامعات لتطويره.


وفي انتخابات مجلس الأمة سنة 1959، خسرت راوية في تجديد عضويتها للبرلمان، ثم انضمت إلى الحزب الوطني الديمقراطي المصري، ورشحت نفسها مرة أخرى لعضوية مجلس الشعب في انتخابات 1984، ونجحت هذه المرة وأصبحت عضوة في البرلمان المصري للمرة الثانية.
تم اختيارها الأم المثالية لعام 1976، كما حصلت على نوط الواجب من الطبقة الأولى من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، لأنها خدمت في العمل التطوعي لمدة 30 عاما.

جهود استثنائية


ومن أعمالها التي سيذكرها لها التاريخ، أنها استطاعث تغطية معاش السادات من سنة ۱۹۸۱ في جميع مدن وقرى الجيزة وذلك بمساعدة هيئة التأمينات الاجتماعية وكانت تساعدهم على اعداد الاستمارات واعتمادها وتسهيل مهمة عمل البطاقة الشخصية ومن لم ينطبق عليه معاش السادات طبقت عليه معاش بنك ناصر وأصبح كل مواطن في الجيزة آمن على نفسه وذلك بجميع القرارات التي أصدرتها وزيرة الشئون الاجتماعية والدولة للتأمينات الدكتورة آمال عثمان، قامت باعداد لجنة للاشراف على موسم الحج خلال سنة ۱۹۸۲، ۱۹۸۳، ونجحت هذه اللجنة وكان موسم الحي 1984 - 1985 بالنسبة للجيزة من أعظم المواسم، واستطاعت بصفتها رئيسة اللجنة الشئون الاجتماعية بالجيزة أخذ دعم من المحافظ.


 كما وقفت بجوار المرأة العاملة في بعض المكاسب التي حصلت عليها، أبرزها زيادة دور الحضانه في الجيزة والارتقاء بمستواها، تسهيل مهمة عمل وجبات جاهزة وقد ساعدت في ذلك مديرية الزراعة بالجيزة والمهندسات الزراعيات، تسهيل مهمة انتقال الموظفة من منزلها الى مقر عملها، نقل الموظفة بجوار منزلها ونجحت في نقل حالات كثيرة . 


استطاعت تشغيل وايجاد فرص عمل لـ 500 طالب وطالبة في المصانع، وشركات التأمين وعمل اثات المدارس باجور مشجعة كل سنة حتى عام 1983، کما ساعدت بعض الطلبة المتفوقين من أبناء الشهداء للسفر إلى أمريكا وأوربا خلال أجازة الصيف المعمل ولزيارة معالم أمريكا وأوروبا .
وفي عام 1993 في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وقع الاختيار عليها لتصبح رئيس المجلس القومي للأسرة والسكان، إلى أن رحلت في 9 مايو عام 1997 عن عمر 71 سنة. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• مصريات رائدات مبدعات
• 1000  شخصية نسائية مصرية