بأقلامهم
زينب الباز تكتب: زينب الوكيل.. سند الزعيم
لعبت زينب الوكيل دور كبير في الحياة السياسية المصرية، كانت تنافس أميرات الأسرة العلوية، بل نافست شعبية الملكة فريدة، والملكة ناريمان التي تزوجها الملك فاروق وأنجبت له ولي عهده الأمير أحمد فؤاد، الذي أصبح ملكا علي مصر، بعد تنازل والده عن العرش له، كانت صورها وحكاياتها تزين الصفحات الأولي للصحف اليومية، ولا تخلو منها صفحات المجلات الأسبوعية، حتي الإعلانات كانت نجمة من نجماتها، ولقبت بسيدة مصر نظرا لأنها كانت تقف إلى جوار زوجها وتسانده وتشاركه همومه وأحلامه، ودعمته في السراء والضراء إلا أن بعضهم إدعى أنها أساءت إلي الوفد ومسيرته، وتلقت سهام النقد من خصوم زوجها الذين كانوا يهاجمونه بالإساء إليها والتشهير بها وقدمت للمحاكمة أمام محكمة ثورة 23 يوليو 1952، التي كانت ضد الوفد ضمن ستة قدموا للمحاكمة من الوفديين ولكن لم يثبت شيئا ضدها.
إنها زينب هانم الوكيل التي تعرضت لسيل من الشائعات والإتهامات لضرب مصداقية وزعامة مصطفى باشا النحاس زعيم الوفد والأمة وقتها، وبعد ثورة يوليو اتسع حجم الافتراء وزاد عدد الخصوم وأصبح الهجوم عليها أسهل وسيلة لتملق السلطة وقتها.
نشأة زينب الوكيل
ولدت زينب الوكيل عام 1912 فى قرية سمخراط بالبحيرة فى عائلة نبيلة عرفت باسم الوكيل، لأنها كانت تتولى وكالة الحجاج المصريين إلى الأراضى المقدسة، وهي عائلة من العائلات الثرية التى نزحت إلى مصر من الجزيرة العربية خلال العصر العثمانى، وحازت عشرات الآلاف من الأفدنة وامتد نفوذها فى محافظة البحيرة لدرجة أنه تم تمثيلها فى أول مجلس نواب مصرى عام 1866، شارك جدها إبراهيم الوكيل فى الثورة العرابية ثم ساند سعد باشا زغلول فى جمع التوكيلات للتحدث باسم الشعب المصرى، كما كان لابنه عبدالواحد الوكيل والد زينب دور فى مساندة حزب الوفد بعد ثورة 1919.
حرص والدها على تعليمها اللغتين الفرنسية والإنجليزية، إلى جانب القرآن وبعض العلوم الشرعية، والتحقت بمدرسة المير دى ديو فى جاردن سيتى بعد انتقالها إلى القاهرة، وهناك خرجت بعدة صديقات كانت أبرزهن صديقة السلحدار التى ظلت على علاقة وطيدة بها بعد زواجها.
يعود السبب في زواج مصطفى النحاس من زينب الوكيل إلى صديقه ورفيق دربه مكرم عبيد، الذي رشحها لـ«النحاس»، بعدما قال له إنها صاحبة أصالة وكرم وتربية جيدة، فضلًا عن كونها كانت شديدة الجمال ومعتزة بذاتها، فامتلكت قلبه بمجرد أن رأى صورتها حتى أنه تتغاضى عن أنشقاق أبيها عن حزب الوفد، وأتم الزيجة.
وعن زواج زعيم الأمة قال كريم ثابت المستشار الصحفى للملك فاروق فى مذكراته التى حملت عنوان «عشر سنوات مع فاروق»، قرر النحاس فى سنة 1934 أن يتزوج، قبل 15 يونيو لأنه موعد خروجه للمعاش، وقانون المعاشات لموظفى الحكومة المصرية فى ذلك الوقت يحرم الأرملة من نصيبها فى معاش زوجها إذا تزوج بعد بلوغه الخامسة والخمسين، وكان لمكرم عبيد وقرينته صديقان عائليان هما جاك ميلاد وقرينته ليزا مقار، وذكر مكرم أمامهما يوما أن النحاس يفكر فى الزواج ويبحث عن عروس، فقالت ليزا إن لعبد الواحد الوكيل عدة بنات أكبرهن تدعى زينب لم تتزوج بعد وهى على جانب كبير من الذكاء والجمال، وإنها تعتقد أنها العروس التى تصلح للنحاس، فعندما رأي صورتها وقعت في قلب زعيم الوفد وتم عقد القران قبل خروجه على المعاش بيومين.
وأحي الحفل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بأغنية النيل يهني بفرحة شخصك الغالي / والأمة تهتف وصوتها في الهتاف عالى/ لمصطفاها العظيم والكوكب الهادي /الله يبارك زواجك يا زعيم النيل /وينصرك والوطن ع الظالم العادي، التي فقدت من سجلات أغانى عبدالوهاب، بعد ثورة 23 يوليو 1952، كما نظم له المفكر الكبير عباس محمود العقاد قصيدة بدأت أبياتها بقوله: باسم مصر أزجى تهانى مصر / لأمين على اسم مصر حسيبُ.
شخصية قوية
كانت شخصية زينب الوكيل قوية وتحمل رؤية وطنية لكنها ظلمت تاريخيا كما تم التنكيل بها ولم تنل حقها في التاريخ المصري وفي قلوب المصريين بالشكل الذي نالته السيدة صفية زغلول، زوجة سعد زغلول، والتي كانت تلقب بأم المصريين، ربما لكون «النحاس» تزوجها في فترة متأخرة من عمره حينما كان يبلغ 55 عامًا، وهي عندها 23 عامًا، وكان من الصعب قبول فكرة تلقيبها بـ«أم المصريين» وهي شابة، كما أن سعد زغلول وزوجته كان في لحظة إجماع وطني على حزب الوفد رغم الانشقاقات التي تعرض لها الأخير، لكنه كان محتفظا بدرجة كبيرة من الحفاوة لوجوده، عكس النحاس الذي تولى زعامة حزب الوفد سنة 1927 في ظل عدم إجماع وطني على الحزب، لدرجة أنه تزوج في عمر 55 عامًا، لأنه كان مشغولًا جدًا بالحالة الوطنية والسياسية، وهو ما أنساه نفسه.
تعرضت زينب الوكيل للعديد من الأزمات فور زواجها من زعيم الأمة خاصة عندما اختلف الكاتب الكبير عباس محمود العقاد مع مكرم عبيد، ثم امتد هذا الخلاف ليشمل الوفد كله مع كيل الاتهامات والأوصاف السخيفة للنحاس باشا نفسه، ثم امتد هذا الهجوم بشكل غير منطقى إلى زينب زوجة النحاس والتى لم تكن معروفة جيدا بعد، وهو ما استنكرته فاطمة اليوسف فى مذكراتها، وتقول إنها لم تكن راضية عن ذلك.
واستغل أعداء النحاس ظهور زينب الوكيل فى كثير من لقاءاته مع عائلات سياسية، وكبار رجال الأحزاب وأسرهن، وحضورها حفلات عديدة باعتبارها زوجة رئيس وزعيم أهم وأكبر حزب فى مصر تدخلا سلبيا فى السياسة، رغم أن صفية زغلول كانت تفعل ذلك دون أن يتعرض لها أحد.
أكبر الإتهامات التي تعرضت لها زينب الوكيل اعتبارها المسئولة عن الشقاق والخلاف الذي وقع بين مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد و"مكرم عبيد" سكرتير عام الوفد؛ مما دفع إلى اصدار مكرم عبيد الكتاب الأسود الذي هاجم فية سياسات زعيم الأمة، واتهام زوجته باستغلال النفوذ والتربح من منصبه، وهذا ما أكدته الدكتورة منى مكرم عبيد، المستشار السياسى لحزب الوفد وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن أسباب توتر العلاقة بين مصطفى النحاس ومكرم عبيد باشا أن زينب الوكيل كانت تطلب من عمها استثناءات وامتيازات لإخواتهاعندما كان وزيرا للمالية، وهو ما رفضه بشدة لأنه كان دوغري زى السيف، على حد قولها.
أسباب الشقاق
أمير الصحافة العربية محمد التابعي، أكد في "من أسرار الساسة والسياسة"، أن الأزمات السياسية ليست السبب الوحيد للشقاق داخل حكومة حزب الوفد، موضحا أن أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى، اعتبر حادث 4 فبراير 1942 الذى حاصرت فيه الدبابات البريطانية قصر عابدين وأجبرت الملك فاروق على اختيار النحاس رئيساً للحكومة بمثابة هزيمة سياسية ساحقة له، وأقسم أن ينتقم من مصطفى النحاس بأى ثمن، إذ نشر زيارة مكرم إلى الملك فاروق فى الصحف وثنائه عليه، ثم تعيين أحمد حمزة فى وزارة التموين بدلا من استحواذ مكرم على وزارتى التموين والمالية، وما تلا ذلك من انتشار لشائعات وحكايات بين موظفى وزارة التموين وجلساء مكرم حول فساد عائلة الوكيل ورغبتهم فى السيطرة على الثروة فى مصر وطلبهم عدة استثناءات، وهو ما سيعتبره النحاس طعنا مباشراً فى نزاهته، مما أدى في نهاية الأمر إلى الإطاحة بمكرم عبيد من الحزب والحكومة وإصداره "الكتاب الأسود" لانتقاد سياسة الوفد ومصطفى النحاس.
وألمح التابعي إلى دور زينب الوكيل في توسيع هوة الخلاف بين أصدقاء العمر قائلا: "قال لي دكتور محمد صلاح الدين الذي كان من أخلص الوفديين لمصطفى النحاس وكان أقربهم إليه وكان موضع ثقته والذي عهد إليه النحاس باشا بمنصب وزير الخارجية في وزارة الوفد فيما بعد، إن مصطفى باشا بحكم طبيعته لابد أن يسيطر عليه شخص ما، ولقد كان هذا الشخص في وقت ما هو مكرم عبيد، أما بعد ذلك فإنها زوجته زينب هانم التي تسيطر عليه وتسيره كما تريد.
ويوضح التابعي: "أن مكرم عبيد كان صاحب النفوذ والسيطرة إلى أن زحزحته أو أزاحته زينب الوكيل، وكان طبيعيا أن تتطور المنافسة بين الاثنين إلى عداء أو ما يشبه العداء، وأن يطلق كل من الاثنين لسانه في صاحبه، وامتلأت المجالس والأندية بالإشاعات والتشنيعات، وسمع الجمهور لأول مرة أن السيدة حرم رئيس الوفد ورئيس الوزراء تستغل نفوذ زوجها ونفوذ الوزارة من أجل الثراء السريع، وأنها ليست وحدها، بل ومعها عدد من أقاربها وأصهارها، وعرف النحاس أن مكرم عبيد وأقاربه هم مصدر هذه الإشاعات.
وأشار التابعى إلى موقع أخر كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير قائلا: روى لنا فؤاد سراج الدين، بوادر الخلاف بين النحاس باشا ومكرم باشا، فقال «ذات يوم كان النحاس ما زال يقيم في الباخرة وجاءه قاسم جودة لزيارته، فقالت له حرم النحاس إن "الصحفيون يسرفون في الكتابة عن مكرم عبيد بينما النحاس ووزارته لا يكتب عنها نصف ما يكتب عن مكرم" مؤكدًا أن قاسم جودة أبلغ ما قالته زينب هانم لمكرم الذي ذهب فورًا إلى النحاس وعاتبه على كلام زينب هانم.. ثم دعته زينب إلى زيارتها وسألته عمن أوصل له هذا الكلام فرفض مكرم البوح، فقالت: سألتك لأقطع دابر من يريد الإيقاع بيننا، فقال لها مكرم: "يظهر أنك خايفة على منصب زوجك مني"، فانتفضت زينب هانم ثم قالت "مين أنت.. أنت تقدر تعمل إيه.. هل تقدر تكسب الزعامة.. جوزي هو اللي خلقك".
رد مكرم: اللي خلقني ربنا مش جوزك وأنا عملت نفسي بجهادي وتضحياتي.
قام النحاس وقال لمكرم: بوس رأس أختك.. وفعل ذلك مكرم عبيد قائلًا وهو تارك المكان: زينب هانم أهانتني.
أما حسن يوسف حامل أختام الملك كان له رأي أخر كتابه مذكرات التي برأت زينب الوكيل من تهم الفساد والتربح، إذ أكد أن النحاس باشا فند اتهامات مكرم عبيد في الكتاب الأسود، بالكتاب الأبيض الذي قدمه إلى رئيس الديوان الملكي وأعتبرت حينها الأزمة منتهية.
وقال حامل أختام الملك، أن مذكراته وفي حالة مكرم باشا فإن الملك كان راضيا عنه تمام الرضا، بل إن القصر كان يساند مكرم في تحديه للنحاس باشا، مما يظهر دور السرايا في الخلاف بين الصديقين.
زينب الوكيل المظلومة
أكد أحمد ماهر باشا المناضل الوفدي القديم الذي دخل هو ومحمود فهمي النقراشي في صراع مع مكرم عبيد أدى إلى خروجهما من الحزب عام 1937 بسبب دعم مصطفى النحاس رئيس الوفد لمكرم عبيد، في مذكراته أنه عندما شكل وزارته الأولى في 8 أكتوبر 1944- 15 يناير 1945 شكل لجنة تحقيق لتقديم تقرير عن إتهامات النحاس باشا وزينب الوكيل برئاسة مكرم عبيد وإستمرت اللجنة في أعمالها وركزت على أخطر الإتهامات ولكنها لم تجد أدلة قوية تسند هذه الإتهامات، وحولت اللجنة تقريرها إلى مجلس النواب المكون من السعديين والدستوريين والكتلة الوفدية، أي انه مجلس نواب معاد للوفد، وشكل مجلس النواب لجنة للنظر في تقرير اللجنة الحكومية، الذي تجاهله لعدم وجود أدلة تدعم الإتهامات فصرح مكرم عبيد أنه سيصدر كتابا أسود جديد!
أما الرمز الوفدي إبراهيم فرج مسيحة باشا، أدلى بشهادة مهمة في كتاب ذكرياتي السياسية للصحفي حسنين كروم، أكد خلالها أن زينب الوكيل ليس لها علاقة بخلاف النحاس ومكرم عبيد، على العكس كانت تتمنى ألا يحدث ذلك، ولكن النحاس باشا كان يعرف أنا القصر إستخدم مكرم كأداة لضربه، وكان مكرم إذا أحب يرفع من يحبه إلى السماء، وإذا كره هوى بمن يكره إلى الأرض.
وأكد مسيحة، أن السيدة زينب الوكيل كانت طاهرة اليد ولم تتربح يوما من منصب زوجها الذي كان زعيم الأمة، أنها إثناء إدارتها لمشروع البر زادت أمواله ولم تنقص وقامت بأعمال إنسانية كثيرة وكبيرة مشيرا إلى أن المحكمة ردت إعتبارها وأنصفتها وعتبت على وزير الشئون الذي صدر عنه هذا التصرف وأثنت على "زينب هانم" وأشادت بحسن تصرفها وقضت بإلغاء القرار وكافة آثاره، وبعد ذلك استقالت زوجة النحاس من المشروع لتريح وتستريح.
نكبات وأزمات
أكبر الأزمات التي تعرضت لها زينب هانم الوكيل النكبة التي لحقت بهم عقب ثورة يوليو، إذ تم إحالته للمحاكمة ويقدم إبراهيم فرج شهادته على ذلك قائلا: «شكلت لجنة بعد الثورة للطعن على النحاس وزوجته وقد حضرت أمامها كمحام رغم كل الصعوبات والتهديدات التى وصلتنى وناشدت رئيس اللجنة فى أول جلسة قائلا: أنت تحاسبنا اليوم ولكن هناك فى السماء محاسباً أكبر سيحاسبك، وناقشنا حسابات النحاس باشا وزينب هانم حرمه وانتهينا إلى أن النحاس برىء من كل ما يقال عليه، وكل ما لزينب هانم مصدره سليم مائة فى المائة، وحفظت الأوراق وربما كان هذا من أسباب تقديمى لمحكمة الثورة فيما بعد.
عندما أممت الثورة أملاكها باعت حليها لتنفق على علاج زعيم الأمة الذي بدأت أمراض الشيخوخة تنهشه، كما باعت أثاث البيت الذى تعيش فيه، لان فى ذلك الوقت كان معاش النحاس باشا 120 جنيهاً كان يدفع منه قيمة إيجار منزل جاردن سيتى والبالغ وحده خمسين جنيهاً، فضلاً عن أجور البواب والطباخ والخادمة، إلى جانب تحمله علاجاً شهرياً بقيمة 30 جنيها.
وكان ذلك يعنى أن المعاش الذى قد يراه البعض كبيراً بمقياس ذلك الزمن لم يكن يكفى مصاريف الرجل وزوجته وبيته الذى كان رئيسا لوزراء مصر وزعيما للأمة وكان بيته يستقبل كل يوم العشرات من الناس، فى تلك الأثناء كان لابد من حلول تضمن حياة كريمة لزعيم الأمة وحرمه، وقتها لم تجد بداً من مواجهة الرئيس جمال عبد الناصر لتذكره بالزعيم الذى خدم الوطن بكل جهد وكلل ولم يأخذ شيئا، واتصلت به تطلب إليه أن يدفع لها مبلغا من ايراد أملاكها التى صودرت يمكنها من مواجهة مطالب الحياة والإنفاق على زوجها الذي قدم خدمات جليلة لوطنه أكثر من ثلاثين عاما فأمر بصرف ثلاثمائة جنيه شهريا للإنفاق منها على مطالب زعيم الأمة مصطفى النحاس.
وبدأ المرض يمد شرايين النهاية إلى جسد السياسى المُسن الذى تراجع وزنه بشكل دراماتيكى واضطر للزوم الفراش، وفى يوم 23 أغسطس 1965 فاضت روح الزعيم إلى بارئها، لم تصرخ زينب لأنها تعلم أن قدر الله لا يرده صراخ، وإنما تساقطت الدموع من عينيها فى صمت يوافق امرأة صلبة وقوية وصبورة. كانت تعلم أن نهايتها هى نهايته، وأن حياتهما اقترنت رغم فارق السن بمصير محتوم.
نهاية حزينة
عقب وفاة زعيم الأمة انقلبت أحوال زينب الوكيل تماماً وانقطع المعاش الاستثنائى الذى قرره عبدالناصر للرجل، وانفض كثير من الزائرين عدا أشقائها وأبنائهم والتى كانوا يعتبرونها بمثابة الأم لهم رغم أنها ليست أكبرهم كان أبناء سعاد وعزيزة الوكيل شقيقتيها يزورونها باستمرار، بل إن بعضهن أقمن معها نظراً للتدهور الذى شهدته صحتها.
وكشف المقربين منها أنها لم تبتسم أبدا بعد وفاة النحاس، وكانت عيناها دائماً دامعتين، وشعرت بالعزلة الحقيقية والغربة القاسية تسحب روحها رويداً رويداً، وعندما سئلت عن سر هذا الحزن رغم أن النحاس باشا مات في عمر 86 عاما فقالت: لقد فقدت الأب والأخ والزوج والحبيب والمعلم والصديق.
كان الدكتور محمد إبراهيم، أستاذ القلب، هو الطبيب الخاص الذى كان يتابع حالتها، وكثيراً ما كانت تتعرض لأزمات قلبية مفاجئة ويقوم أشقاؤها باستدعاء الرجل ليعالجها كلما تدهورت حالتها.
ولم يمر عامان حتى انهارت تماماً وسافرت للمرة الأخيرة إلى لندن ونصحها الأطباء بالراحة والابتعاد عن التوتر والحزن، وحاولت الالتزام بنصائح الأطباء، لكن أحوال البلد وفراق الزوج فرضا عليها شلالا من الاكتئاب.
وفى 9 نوفمبر عام 1967 أصيبت زينب بأزمة قلبية مفاجئة، واتصلوا بطبيبها الدكتور محمد إبراهيم الذى طلب نقلها فوراً إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادى، وحاول الأطباء إفاقتها، لكنهم فشلوا لأنها كانت على موعد آخر فى مكان آخر أكثر عدلاً وصفاء وهناء بعد حياة حافلة بالتحديات والمشقة، حيث تعرضت للظلم الفادح فى حياتها وبعد موتها فقد اقترنت بزعيم الأمة مصطفى النحاس والرجل السياسى الأول بين المصريين قبل 1952 وكانت زوجته فى ال 30 سنه الأخيرة من حياته وتحملت معه طعنات السفهاء قبل 1952 ونالها بعد يوليو 1952 الكثير من الظلم، والتجاهل والإفتراء بحيث لم يصل لنا عن أعمالها الإ القليل، وأصبحت سيدة من سيدات الظل رغم أنها لعبت دورا كبيرا في تاريخ مصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• من أسرار الساسة والسياسة، محمد التابعي
• كتاب ذكرياتي السياسية، السلطان عبدالحميد
• زينب الوكيل.. سيدة مصر ، مصطفى عبيد
• أسرار الساسة والسياسة، محمد التابعي